محاضرات في فلسفة القانون
لا يمكن التطرق لدراسة فلسفة القانون دون إعطاء لمحة حول العلوم القانونية المختلفة ، لذلك نحاول أن نبرز مفهوم العلوم القانونية و العلاقة بينهما و بين كل فروع العلوم الأخرى التي لها علاقة بها .
1/* تعريف القانون :
أصل هذه الكلمة هو يوناني و هي تعني العصا المستقيمة ، غير أن استخدامها في اللغة اليونانية كان بطريقة مجازية للتعبير عن معنى " القاعدة أو المبدأ " ، فهم لا يقصدون بها الدلالة العصا لأداة الضرب أو التأديب ، بل يقصدون بها الدلالة على الاستقامة في القواعد و المبادئ القانونية
و انتقلت هذه الكلمة إلى عدة لغات ففي اللغة الفرنسية نقول : ، اللغة الايطالية نقول :
فالقانون لغة : معناه الخط المستقيم الذي يعتبر مقياسا للانحراف
2/* الاستعمالات المختلفة لكلمة " القانون " :
ميزت اللغة الفرنسية بين عدة مفردات : هناك : ، هناك : ، هناك :
فيفها يتعلق بكلمة قانون فهي تستعمل للتعبير عن مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد و علاقتهم فيما بينهم في المجتمع على وجه ملزم ، و هذا يدخل في المعنى العام مثل : علم القانون ، كلية القانون
و هناك استعمال كلمة قانون بمعنى التقنيين و يقصد بالتقنيين مجموعة النصوص القانونية التي تنظم فرعا من فروع القانون مثل : التقنيين المدني ، تقنيين العقوبات .......
و تسمى باللغة الفرنسية فنقول : و و هناك استعمال كلمة قانون بمعنى تشريع فالتشريع هو مجموعة القواعد القانونية تضعها اللغة التشريعية في صورة مكتوبة ، دون غيرها من القواعد التي تنشأ في مصادر أخرى .
و من كل ذلك : قانون تنظيم الجامعات ، قانون الخدمة الوطنية
العلاقة بين القانون و الحق :
ينظم القانون بتواعد سلوك الأشخاص و علاقتهم بينهم في المجتمع ، و هو عندما يقوم بذلك ،فإنما يحدد في الوقت نفسه المصالح المشروعة لكل شخص و يعرف له في صدور معينة سلطة القيام ببعض الإعمال تحقيقا لهذه المصالح مما يجعله في مركز قانوني ممتاز بالنسبة إلى آفة الأشخاص الآخرين ، بحيث يلزمون باحترام هذا المركز و بعدم التعرض لصاحبه فيما يمارسه من سلطات أو مزايا يزوده بها القانون تحقيقا لمصلحة مشروعة . هذه السلطات التي يعترف بها القانون تحقيقا للمصالح المشروعة تسمى حقوقا و هي تقابل الالتزامات التي يفرضها القانون ، فالصلة وثيقة بين القانون و الحق لان كل الحقوق تتولد عن
القانون الذي يرسم إطارها بين حدود ، مثال :
القاعدة القانونية التي تمنع الأفراد بالغير تقرر واجبا يلتزم به الكافة و يقابل هذا الواجب حقا لمن يصاب بضرر في الحصول على تعويض ممن يتسبب بخطاه في الإضرار به .
القاعدة القانونية التي تلزم المدين بالوفاء بالدين ، حيث تقرر واجبا على هذا المدين ، و يقابله حق الدائن يسمى حق الدائنية ، يحول هذا الأخير سلطة الاتحاد و القضاء من اجل إلزام المدين بالوفاء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علاقة العلوم القانونية بالعلوم الأخرى :
قبل أن ينظر إلى واسط يجب أن تعرف أقسام العلوم القانونية و هي :
القانون العام و القانون الخاص .
1/* القانون العام :
يقسم القانون العام إلى : قانون عام خارجي و قانون عام داخلي
القانون العام الخارجي : هو القانون الدولي العام و هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات أيا كان نوعها فيما بين الدولة أو احد فروعها باعتبارها أشخاصا معنوية عامة ذات سيادة و بين دول أخرى أو احد فروعها في الخارج له نفس الصفة أو فيما بين الدولة و مجموعة من الدول الأخرى أو إحدى المنظمات الدولية سواء في زمن السلم أو الحرب أو الحياد
القانون العام الداخلي : و له عدة فروع و هي :
القانون الدستوري – القانون الجزائي – القانون الإداري – القانون المالي – قانون الإجراءات الجزائية
1/* القانون الدستوري : و هو دستور الدولة أو القانون الأساسي للدولة و يتضمن دستور الدولة مجموعة من القواعد التي تبين :
أ / نظام الحكم في الدولة ( هل هو نظام ملكي – نظام دستوري – نظام رئاسي – برلماني ...)
ب / السلطات العامة في الدولة ، السلطة التشريعية ، القضائية ، التنفيذية ، و وظائف كل منهم و العلاقات فيما بينهم
ج / حقوق الأفراد العامة مثل حقهم في المساواة امام القانون و حق الانتخاب و حرية الرأي و العقيدة و الاجتماع و الصحافة ...الخ
د / الواجبات العامة التي تقع على عاتق الأفراد كواجبهم في الدفاع عن الوطن و واجبي أداء الضرائب
2/* القانون الإداري : و هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم هيئات و سير الادارة و القواعد القانونية القابلة للتطبيق عليها و علاقاتها بالافراد .
بمعنى آخر القواعد التي تنظم قيام السلطة التنفيذية بأداء وضايفها الإدارية المختلفة و تبين كيفية إدارتها للمرافق العامة و استغلالها للأموال العامة ، و تلك التي تحدد علاقة الحكومة بموضفيها و تتناول نشاط الإدارة و ما يصدر عنها من قرارات إدارية و ما يترتب من عقود إدارية . و يحدد القانون الإداري أسس الرقابة القضائية على إعمال الإدارة و يحدد طريقة ممارسة هذه الرقابة بواسطة المحاكم القضائية العادية او بواسطة قضاء إداري مستقل .
القانون الجنائي :
وهو مجموعة القواعد القانونية التي تبين القواعد الموضوعية و الإجرائية في مجالي التجريم و العقاب و بذلك فهو ينقسم إلى قسمين :
1/ قانون العقوبات : و هو القواعد القانونية التي تبين الجرائم المختلفة و العقوبات المقررة لها ..
2/ قانون الإجراءات الجزائية : وهو مجموعة القواعد التي تبين الإجراءات التي تتبع في ضبط الجرائم و التحقيق فيها و إصدار الأحكام على المتهمين بارتكابها كما يبين وساءل الطعن في هذه الأحكام و طرق تنفيذ العقوبات على المتهمين و كيفية اتخاذ تدابير الام بالنسبة لطوائف خاصة منهم
القانون المالي :
و هو مجموعة القواعد التي تنظم مالية الدولة من حيث تحديد وجوه المصروفات المختلفة و بيان مصادر الإجراءات ( من رسوم و ضرائب و غيرها ..... ) و كيفية تحصيلها و اعداد الميزانية و تنفيذها و اسس الرقابة على هذا التنفيذ .
فروع القانون الخاص :
القانون الخاص هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات فيما بين الافراد او بين الافراد و الدولة باعتبارها شخصا عاديا و ليس باعتبارها سلطة عامة
و للقانون الخاص مجموعة من الفروع هي :
القانون المدني : و يسمى بالشريعة العامة و تنظم احكامه العلاقات الخاصة بين الافراد ما لم يحكمها فرع آخر من فروع القانون الخاص . و معنى ذلك ان القانون المدني يكون واجب التطبيق على العلاقات التجارية الخاصة بين الافراد ما لم يوجد نص في اقانون التجاري . و هكذا مع بقية فروع القانون الخاص
و في جميع دول العالم يحتوي القانون المدني على النصوص التي تحكم العلاقات الشخصية و العلاقات المالية
فالعلاقات الشخصية و يطبق عليها كذلك الاحوال الشخصية تتعلق بالقواعد التي تحكم الاهلية و عوارضها ، و كذلك العلاقات العائلية مثل : الزواج و الطلاق كما تتضمن الاحكام المتعلقة بالمراث و الوصية و غيرها .
اما العلاقات المالية بين الافراد فهي تحتوي على الحقوق الشخصية و الحقوق العينية
فالحقوق الشخصية هي تلك الحقوق تترتب لشخص معين يسمى الدائن على شخص آخر يسمى المدين . و يسمى حق الدائن بحق الدائنية و حق المدين بحق المديونية او الالتزام .
غير ان ما يجدر ملاحظته او أن مضمون القانون المدني في الدول الاوروبية و الغربية يتضمن القواعد التي تحكم العلاقات الشخصية و كذا القواعد التي تحكم العلاقات المالية معا ، في حين ان الدول العربية يتضمن قانونها المدني القواعد المتعلقة بالعلاقات المالية فقط ، بينما هناك قانون آخر يتعلق بتنظيم العلاقات الشخصية او ما يسمى بالاحوال الشخصية .
القانون التجاري : و هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات التي تنشا عن المعاملات التجارية ، بحيث يحتوي على القواعد المتعلقة بتعريف التاجر و تحديد الاعمال التجارية ، و العقود التجارية و الشركات التجارية و الاوراق التجارية .و يعالج كذلك افلاس التجار و اجراءات التسوية القضائية .
و استقل القانون التجاري عن القانون المدني نظرا لتشعب الاعمال التجارية و اتساع مجالها و عامل السرعة الواجبة في الاجراءات التجارية
و مثال ذلك : في مجال قواعد الاثبات
في المعاملات المدنية يجوز الاثبات عموما بشهادة الشهود في حدود 10000.00 دينار جزائري ،و مازاد على ذلك يجب ان يكون ثابتا بالكتابة و لا تقبل فيه بينة آخري
بينما في المعاملات التجارية يكون الاثبات جائزا بكل الطرق ايا كانت قيمة العقد التجاري سواء ان كان ذلك بسندات رسمية ، سندات عرفية ، فتورة مقبولة ، دفاتر الطرفين ...
القانون البحري :
يقصد به تلك الاحكام التي تنظم العلاقات الخاصة بالملاحة في البحار و قد كانت هذه القواعد منظمة في مجال القانون التجاري الا انها انفصلت و شكلت قانونا فاصلا ينظم النقل بالتجارة البحرية و تنظيم الملاحة البحرية و السفن و عقود عمل البحارة و سلطة قائد السفينة على افراد طاقها ..............و غيرها من الاحكام
القانون الجوي :
و هذا القانون هو حديث ، و ذلك لان استخدام الطائرة كوسيلة للنقل الاشخاص و البضائع لم يتحقق الا في بداية القرن العشرين .
و القانون الجوي هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات المتولدة عن استخدام البيئة الجوية .
اذا كان القانون البحري يهتم بالسفينة ، فان القانون الجوي يهتم بالطائرة و القواعد القانونية التي تحكمها مثل صلاحيتها و تسجليها و اثبات جنسيتها و سلطة قائدتها و مسؤوليته عن نقل الاشخاص و البضائع و عقود عمل الملاحين الجويين (طاقم الطائرة ) و التصرفات القانونية التي تقع على الطائرة لا بيع و الرهن و التأجير .......
و تعتبر المعاهدات الدولية المصدر الاساسي للقانون الجوي في كل الدول :
قانون العمل :
و يتعلق هذا القانون بتنظيم العلاقات بين العمال و اصحاب الاعمال و ذلك في نطاق العمل المأور أي العمل التابع حيث يرتبط بصاحب العمل برباطة ببعية بطلق عليها التبعية القانونية يكون العامل بواجبها خاضعا لرقابة و توجيه رب العمل و ينتج عن ظهور هذا القانون انتشار الاتجاهات الاجتماعية في اعقاب القرن التاسع نتيجة التقدم الصناعي و ظهور صراع بين الطبقة البرجوازية و الطبقة العاملة ، و ظهرت النقابات التي وقفت في وجه السيطرة البرجوازية مطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية و تأثرت هذه النقابات بالأفكار الماركسية ، كل ذالك دفع الدول الصناعية الى التدخل من أجل حماية العمال من تعسف ارياب العمل ، و ذلك يوضح قواعد قانونية تكفل الحفاظ على حقوق العمال و تحقيق الكثير من المزايا مثل تأمينهم من اصابات العمل و تحديده مدة العمل القصوى و النظر على الراحة الأسبوعية و الإجازات المدفوعة ، الاجر و تقرير حد ادني للجر... و غيرها . كل هذا يحقق للعامل قدرا من الاستقرار تقيه من تعسف صاحب العمل . لأن هذه القواعد تعتبر قواعد آمرة لا يجوز مخالفتها حتى لو كان ذلك بالإتفاق .
قانون الاجراءات المدنية :
ينظم قانون الإجراءات المدنية القواعد المتعلقة بالسطلة القضائية ، حيث يبين المحاكم المختلفة و تشكيلها و إختصاصها و يدخل كل هذا فيها يسمى بالتنظيم القضائي .
كما ينظم قانون الإجراءات المدنية القواعد المختلفة بالإجراءات الواجب اتباعها في رفع و مباشرة الدعى المدنية و التجارية و تنفيذ ما يصرد فيها من أحكام ،و يدخل هذا في مجال حماية حقوق الإنسان .
القانون الدولي الخاص :
ينظم هذا الفرع في قانون العلاقات بين الأشخاص حين تشمل عنصر اجنبي ، وذلك لبيان المحكمة المختصة بالفصل فيها و القانون الواجب التطبيق بالنسبة لها .
اذن القانون الدولي الخاص يتحلى بالمنازعات التي يكون أحد أطرافها اجنبي أو كلا الطرفيين أجنبيين ، و مثال على ذلك :
ان تم زواج بين جزائري و تونسية في الجزائر ، أو أن يشتري تاجر جزائري من تاج إيطالي بضائع معينة ، أو أن يبيع جزائري لآخر عقار مملوكا له في فرنسا أو أن يصاب مواطن مغربي في حادث سيارة بالجزائر .....الخ
في كل هذه الحالات ، يتنوع النزاع حول القانون الواجب التطبيق على المسألة القانونية ، هي يطبق القاضي الوطني قانونه اأم يطبق القانون الأجنبي الذي يتبعه أحد أطراف النزاع .
بعدما تعرضنا الى مفهوم القانون و بيان انواعه ، نتطرق إلى خصائص القانون و فق ما يلي :
*/ القانون مجموعة قواعد سلوك
*/ القانون مجموعة قواعد مجردة و عامة
*/ القانون مجموعة قواعد إجتماعية
*/ القانون مجموعة قواعد ملزمة
1- القانون مجموعة قواعد سلوك :
و نقصد بذلك أن قواعد القانون قواعد تقويمية ،لما ينبغي أن يكون عليه سلوك الإفراد في المجتمع ، بمعنى أن القانون لا يصنع قواعد تقريرية لما هي عليه فعلا هذه السلوك باعتبار أن
قواعد السلوك تصنع نظاما للمجتمع .
2- القانون مجموعة قواعد مجردة و عامة :
و نقصد بذلك أن القانون يتضمن تكليفا عاما مجردا ، أي أن القاعدة القانونية لا توجه إلى شخص معين بذاته ، كما لا تتناول واقعة مجددة ، إنما هي موجهة بصيغة عامة و مجردة سواء من حيث الأشخاص فتكتفي القاعدة القانونية ببيان الشروط الواجب توفرها في من توجه اليه هذه القواعد ، او من حيث الواقع فيقتصر الأمر على بيان الشروط اللازمة في كل واقعة يعنيها القانون بقواعده
ويمكن أن توجه القاعدة القانونية الى فئة معينة مثل فئة القضاة او الاطباء او طلبة الجامعة ..الخ ، غير أن هذه الفئة تكون معينة بأوصافها لا بذواتها ، و بذلك فإن معنى العمومية و التجريب للقاعدة القانونية لا يعني أن توجه الى جميع الاشخاص في المجتمع ، بل يمكن ان توجه الى فئة معينة بأوصافها
ويمكن أن تتعلق القاعدة القانونية بشخص واحد ، غير أن هذا الشخص يكون معين بصفته لا بذاته ، و مثال على ذلك :
القاعدة او القواعد التي تتعلق برئيس الجمهورية و تحدد سلطاته و اختصاصاته أو تلك التي تتعلق بالوزير الاول فتحدد صلاحياته ...الخ كل هذه القواعد لا تحدد هذا الشخص بذاته بل بصفته
3- القانون مجموعة قواعد اجتماعية :
نقصد بالمجتمع ، ذلك المجتمع السياسي المنظم الذي يخضع أفراده لسيادة سلطة عامة تلك عليه حق الجبر و القهر هذا المجتمع السياسي المنظم هو دولة ، غير أنه قد يوجد الاقنون في مجتمع لا تتوفر فيه عناصر الدولة مادامت هناك سلطة في هذا المجتمع تلك فيه حق السيادة و الاجبار فقد لأنه المجتمع القبلي يخضع لقوانين بالرغم من أنه لم يرق الى مرتبته الاولى .
لذلك فالقانون يوجد في النجتمع ، وينظم سلوكات الأفراد و علاقتهم في المجالات المختلفة بوضع قواعد ملزمة تبين حدود حرياتهم و تحقق العدل فيما بينهم مراعية التوفيق بين مصالحم المتقارضة
4- القانون مجموعة قواعد ملزمة :
من خصائص القاعدة القانونية انها مصحوبة بجزاء يوقع على مخالفيها ، حيث أن مخالفة القواعد القانونية أمر متصور في المجتمع و هذا ما يستوجب وجود سلطة عامة في المجتمع تسيد لها مهمة كفالة احترام القانون و ذلك عن طريق توقيع الجزاء من اجل فرض احترام القانون .
و يهدف الجزاء الى الضغط على ارادة من تسول لهم انفسهم مخالفة قواعد القانون فترغمهم على الخضوع لاحكامها ان لم يطيعوها من تلقاء انفسهم .
و يتميز الجزاؤ بأنه ذو طابع مادي ملموس ، حيث يمس المخالف في ماله او شخصيته هذا ما يميز قواعد القانون عن قواعد الاخلاق التي يتمثل الجزاء فيها على تانيب الضمير.
ويرفع الجزاء من السلطة العامة التي تملك تنفيذه جبرا على المخالف باسم المجتمع .
غير انه يمكن ان يقوم الشخص المعتدي عليه بالدفاع عن نفسه في اطار ما يسمى بالدفاع الشرعي ،و هنا يعفى الشخص من المسؤولية الجنائية و كذا المسؤولية المدنية
و للجزاء صور مختلفة حيث يتخذ صورا متنوعة فكل فرع من فروع القانون له نوع من الجزاءات مثال :
1 – في مجال القانون الجنائي تكون الجزاءات متمثلة في جزاءات بدنية تمس الجسم و قد تصل الى عقوبة الاعدام بالنسبة للجرائم الخطيرة ، و قد تكون العقوبة هي السجن المؤبد او المؤقت او تكون الحبس و قد تتعلق العقوبة بالغرامات المالية او المصادرة ، و يتم ذلك بحكم من القضاء و الجنائي و بموجبه تؤول الى الدولة ملكية الاشياء المستخدمة في تنفيذ الجريمة
2 – في مجال القانون المدني : و يكون الجزاء هنا عبارة عن تعويضات مالية و يكون ذلك عن طريق الزام الشخص بدفع مبلغ من المال للشخص المضرور .
و قد يكون الجزاء يتمثل في ابطال العقد و البطلان هو الجزاء المقرر على عدم استكمال العقد لاركانه مستوفية لشروطها ... الخ .
و يمكن ان يكون الجزاء الجنائي مقترنا بالجزاء المدني كما هو المال في جريمة القتل حيث يتعرض القاتل للعقوبة الجنائية المقررة ( الاعدام او السجن ) كما يتعرف للحكم بالزامه بدفع مبلغ مالي كتعويض لورثة القتيل . و كذلك الحال في جريمة السرقة حيث يضاف الى العقوبة الجنائية المقررة الزام السارق برد الشيئ المسروق او دفع مبلغ مالي كتعويض .
علاقة القانون بالعلوم الإجتماعية الاخرى :
يرتبط القانون بكل فروع العلوم الاجتماعية ارتباطا وثيقا وذلك على اساس ان الظاهرة القانونية هي جزء لا يتجزأ من الظاهرة الاجتماعية من خلال : نتطرق الى علاقة القانون يعلم الاجتماع و علم الية و الاتقاد و علم التاريخ
1 – علاقة العلوم يعلم الاجتماع :
ان العلوم القانونية هي جزء من العلوم الاجتماعية ، و القانون ماهر الا نظام لظبط سلوكات المجتمع ، و اذا كان علم الاتماع يدرس الظاهرة الاجتماعية مثل : ظاهرة الطلاق ، ظاهرة التخلف ، ظاهرة الزواج ... الخ . كان دور القانون يمكن في تعتنين معالجات علم الاجتماع .
وتختلف القوانين و النظام باختلاف المجتمع ففي المجتمع الرأس مالي تهدف القوانين الى ضيانة رؤوس الاموال و في المجتمع الاشتراكي تسعى القوانين الى رفاهية الجماهير الشعبية و بذلك فان القوانين يجب ان تتماشى مع طبيعة المجتمع الذي يقبل هذه النظام القانونية استفادا الى ظروفه المادية و النفسية و الدينية .
2 – علاقة القانون بعلم السياسة :
يهتم علم السياسة بدراسة علم الدولة و اهدافها و المؤسسات السياسية التي تسعى الى تحقيق هذه الاهداف فاذا كانت السياسية تهتم بكل مشكل سياسي فان القانون يقدم كيفية القيام بهذا الحل و علاج ازمة الحريات عن طريق ما يسمى بالقانون الدستوري خصوصا و القانون العام عموما بحيث يجسد القانون حكم الفرد في ظل الحكم الفردي و يجسد حكم النخبة في ظل حكم المجالس و يجسد حكم الطبقة السياسية في ظل الانظمة الحزبية اذن يمكن ان يسمى بعلم هندسة السياسية .
3 – علاقة القانون بعلم الاقتصاد :
اذا كانت العلوم السياسية تهتم بالمشكل السياسي فان علم الاقتصاد يهتم بالمشكل الاقتصادي فيدرس قضايا الانتاج و قضايا السعار و التكاليف و التضخيم و نظام الصرف و التوزيع و التسويق و اشكالية العرف و الطلب ... فاذا كان دور القانون في المجال السياسي هو تعتنين حل المشكل السياسي فان دوره في مجال الاقتصاد اداة الحكم التي تملك سلطة القرار السياسي و الاقتصادي فاذا كانت اداة الحكم تسمح بملكية رسائل الانتاج للدولة فقط فان القانون يترجم هذا التصور من خلال عملية تعتنين تدخل في اطار النص على ملكية رسائل الانتاج للدولة و العكس صحيح.
4 – علاقة القانون بعلم التاريخ :
يدرس علم التاريخ الاحداث و الظواهر الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية التي تمر بها الشعوب في زمن معين و مكان معين و هذه الدراسة لها انعكاس على النظم القانونية المعاصرة ، و ذلك لان النظم القانونية السائدة داخل مجتمع هي وليدة تطور تاريخي و لهذا تدرس على مستوى ما هذا الحقوق دراسة النظم القانونية و السياسية المختلفة في الحضارات السابقة .
مفهوم فلسفة القانون :
يقصد بفلسفة القانون ذلك الجانب العلمي الذي يحتص بدراسة موقف الفلسفة من الظاهرة القانونية و شرح معانيها و مضامينها المختلفة .
لقد عالج كل مفكر فلسفة القانون وفقا لمذهب الفكري ، فالفلسفة تدرس عموميات الظاهرة القانونية في حين أن رجل القانون يهتم بتفاصيل الجزئيات فالفلسفة عند " ارسطو " هي علم العموميات . و معرفة الاصول الاولى و العلل التي تؤدي الى الأشياء ، و تعني فلسفة القانون شأن كل فلسفة بالجوانب العالمية و النواحي العامة للقانون فالفلسفة لا تقصر على مميزات قانون وطني بل تمتد الى ماهو مشترك بين الأنظمة القانونية المختلفة ، ذلك أن القانون ليس مجرد ظاهرة وطنية بل هو ظاهرة انسانية .
و من المواضيع التي تدرسها فلسفة القانون العلاقة بين القانون و القوة ، و القانون و الأخلاق ، القانون و العدل ، القانون والحرية ، القانون و السيادة ، القانون و المجتمع ، القانون العرف .
هل القانون ضروري ا م لا ؟
هناك اتجاهين متناقضين في هذه المسألة اتجاه يرى ضرورة وجود القانون ،و اتجاه آخر يرفض المفهوم القمعي لقوى القانون و النظام .
4 – الاتجاه الاول : ضرورة القانون
يرى اصحاب هذا الاتجاه أن القانون وسيلة لتحقيق الانسجام الاجتماعي عن طريق كبح مشاعر الشر لدى الانسان و انطلق البعض من مرضية أن الانسان شرير بطبعه و أن أي تقدم اجتماعي لا يمكن تحقيقه دون قانون العقوبات الزاجر و ان طلق البعض الآخر من مرضية أن الانسان طير بطبعه و لكنه يسبب الخطيئة أو الفساد أو بعض نواحي الضعف الداخلي كالشجع . تشوهت طبيعته الحقيقة الأصلية ، و لهذا اصبح من الضروري وجود نظام قانوني رادع لظبط هذه الطبيعة البشرية . ومال الذين يحبذون هذه الفرضية المتفائلة العيوب الانسانية الى العودة الى عهد ذهبي من البراءة ، البرائية حينما كان الناس يعيشون حياة بسيطة سعيدة و منظمة جيدا لم يكن الانسان فيها بحاجة الى نظام قانوني خارجي او زجزي لكبح نزواته التي كانت سليمة من عيب الانانية و موجهة نحو الخير العام للبشر .
ففيما يتعلق بالرأي الأول الذي يعتبر أن الإنسان شرير بطبعه فيجد تبريره في الصين القديمة في القرن الثالث قبل الميلاد لدى مدرسة مشهورة تسمى بـ " المشرع " حيث كانت تؤمن بأن الإنسان ذو طبيعة شريرة ، و أن الطريق الخيرة التي يسلك الإنسان ، إنما مرجعة في الغالب تأثير البيئة الإجتماعية . و خاصة تعاليم الدين و طقوسه و ظوابط قوانين العقوبات و من المبادئ التي تؤمن حقا هذه المدرسة المبدأ القاتل : " أن قانونا واحد مقترنابعقوبات شديدة لضمان تنفيذه افضل من كل كلمات الحكام لحفظ النظام ...." و في نفس الحقبة أكد كتاب الشاستر ( فكر وفلس الهندية ) أن الإنسان عاطفي بطبعه و جشع ، و أنه إذا ما ترك له الحنان فإن العالم سيتحول الى ورشة للشيطان يسود فيها " منطق السمك " أي أن الكبير يأكل الصغير .
و يرى الفقهية " يودان " أن حالة الانسان الاصلية هي حالة الفوضى و العنف و القوة و وصف " هوبز " حياة الانسان البدائي بانها حياة قائمة على العنف و القوة و انها حالة حرب مستمرة . و يرى " هيوم " أن المجتمع البشري لن يكون له وجود دون الاقنون و الحكومة و القمع و من هنا فان القانون ضرورة طبيعية للبشر .
و فيما يتعلق بالرأي الثاني : فقد قال الفيلسوف " سنيكا " ان الانسان كان ينهج بالفطرة نحو الخير ، كانت كلماته بسيطة هي السبب في الحروب و العنف ، حيث كان الانسان في البداية يعيش بسلام و سعادة و كان كل شيئ مملوكا على الشيوخ و لم تكن هناك ملكية فردية و بمرور الزمن ظهر الشجع و اخنقت البراءة ، و تمزق المجتمع ، و اضطر الناس الى خلق القوانين التي تقيدهم .
2 – الاتجاه الثاني : عدم ضرورة القانون
يرى اصحاب هذا الاتجاه ان الانسان خير بطبعه سيظل كذلك فاصحاب هذا الاتجاه يرفضون المفهوم القمعي لقوى هذا القانون و النظام و يرون ان البيئة الاجتماعية هي اساس الشرور في الوضع البشري ،و خاصة وجود نظام قانوني مفروض من الفوق ، و يرغب هؤلاد الى العودة الى الحالة البدائية ( العصر الذهبي الاول ) ، و من ايضا هذا الاتجاه الفيلسوف " افلا طون " كانت متكلفة حيث ترتكز على ماض خيالي للإنسان أكثر مما تستند الى طاقة كامنة في الانسان لتحقيق مجتمع عادل مثالي ، و فضلا عن ذلك فإن هذا المجتمع المثالي ليس محكوما بنظام قانوني مثالي بل على العكس من ذلك فهو مجتمع متحرر من اقواعد القانونية يسود فيه الانسجام العقلاني كنتيجة للدوافع الاجتماعية و الاحساس الطيب لدى اعضائه .
و قد اوضح الفيلسوف " أفلا طون " ان الصورة المثالية لهذه الدولة التي لا قانون لها ، تستقي الانسجام الداخلي فيها من العقل الانساني الذي يصل الى ارقى مستوياته في مدارج التطور بتعاقب الملوك الفلافسة الذين يتم اختيارهم بفضل حكمتهم و معرفتهم .
و قد وضع " أفلا طون " ثقته في نظام تعليم لا يربي الحكام الاكفاء فحسب بل يكيف بقية المواطنين ليكونوا مطيعين موالين .
والحقيقة أن الدراسات الحديثة تؤكد ما للتعليم من أهمية في مجال إخضاع الناس, لذلك يسمى التعليم بعملية "غسل الدماغ".
وفي نفس هذا الاتجاه دافع زعيم المدرسة الروسية الفوضوية "باكونين" على هذا المسعى, واعتبر القمع والملكية الخاصة أعداء لسعادة البشرية والرخاء العام, وشد على جدوى التعاون البشري, وأن مجرد التطور الحتمي يؤدي إلى أن يحل مبدأ التعاون محل مآسي المجتمع القمعي.
واعتبر "كارل ماركس" القانون مجرد نظام قمعي للحفاظ على امتيازات طبقة الملاك, وأن الثورة ستؤدي الى قيام مجتمع لا طبقي, وستلغى الدولة والقانون, لأن لن تكون هناك حاجة لدعم نظام قمعي , لأن القانون وفقا للنظرية الماركسية وليد الملكية الخاصة التي أنتجت الصراع الطبقي, وهذا الصراع هو الذي استلزم وجود القانون, وأنه لا تلازم بين المجتمع والقانون, وبتحقق الشيوعية تختفي الدولة التي صنعت القانون, ومن أجل بلوغ هذه المرحلة فانه تبقى الدولة ماسكة بزمام الأمور تمارس القمع بواسطة القانون كمرحلة انتقالية, وهذه هي مرحلة الاشتراكية.
من خلال كل ما سبق, يمكن القول أن القوانين ضرورية في أبسط أشكال المجتمع ففي أي مجتمع بدائي كان أو متطور من الضروري وجود قواعد وقوانين تحدد الشروط التي يستطيع الرجال والنساء أن يتزاوجوا ويتعايشوا في ظلها مثلا.
وهناك قوانين تحكم العائلة وعلاقاتها فيما بينها, وقوانين تحكم الأنشطة الاقتصادية ... أن الفكرة القائلة بأن أي مجتمع بشري على أي مستوى كان, يمكن أن يقوم على أساس أن بمقدور كل امرئ أن يعمل ما يعتقده صوابا في حالته الخاصة, فكرة خيالية لا تستحق الاعتبار.
المذاهب الفلسفية وفكرة القانون
يقصد بمذاهب الفلاسفة في مجال علم القانون تلك الأفكار التي طرأت في زمن معين ومكان محدد باعتبارها آراء خاصة بكل منهم فعبروا عنها وناقشوها في حوار جاد مثمر أدى إلى إثرائها والاقتناع بها .
وقد تحولت هذه الآراء إلى نظريات علمية ، ونتج عن تطبيقها في عدة مناطق وأماكن وفي أزمنة مختلفة ومتباعدة أن أصبحت مذهبا فلسفيا قابلا للتطبيق في مجتمعات أخرى .
ونتيجة لاستمرارية التفكير الإنساني قد يقوم هناك مذهب آخر يعارض المذهب السابق أو يعدله أو يضيف له مبادئ جديدة .
من خلال كل ذلك ، سنتطرق إلى هذه المذاهب والاتجاهات الفلسفية المختلفة ، بدءَ بالمذاهب الشكلية ، ثم المذاهب الموضوعية وأخيرا المذاهب المختلطة.
أولا: المذاهب الشكلية
Les Doctrines Formatistes
تهتم هذه المذاهب بالجانب الشكلي للقاعدة القانونية ، بحيث تنظر إلى القانون من خلال الشكل الذي أضفى على القانون قوة الإلزام في مواجهة أفراد المجتمع .
من خلال ذلك ، فإن المذاهب الشكلية تنظر إلى الجهة التي أصدرت القانون وأضفت عليه القوة الإلزامية ، فالقانون عندهم هو مشيئة السلطة العليا في المجتمع تصدره في أي شكل وعلى أية صورة مادام يعتبر ملزما للأفراد بطاعته واحترامه ، إن الدولة هي التي تصنع القانون وتنشئه وتلزم الآخرين بإتباعه والخضوع له ، وقد تستخدم القوة إن لزم الأمر ، وقد يكون هذا القانون تشريعا أو عرفا أو دينا منزلا .
ومن أنصار هذا المذهب الفقيه الانجليزي "أوستن" ، والفقيه الألماني "هيجل" والفقيه النمساوي "كلسن" وكذلك فقهاء "الشرح على المنون"
وقد اتفقوا من حيث المبدأ أن القانون من إرادة الحاكم واختلفوا في بعض الجزئيات .
1-مذهب "جون أوستن"
كان "جون أوستن" أستاذا للقانون بجامعة لندن في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، يقول "أوستن" : "إن موضوع القانون هو القانون الوضعي الذي يقوم بوضعه حكام سياسيون من أجل طائفة حكومية سياسيا...".
وبذلك ، فإن أصل القانون هو إرادة الحاكم أو السلطان وحده، أي أن القانون هو مشيئة الدولة . وقد استمد "أوستن" أفكاره من نظريات الفلاسفة اليونان منذ القديم،إذ كانوا يرون أن القانون هو من فعل القوة . وقد تأثر الفقيه "أوستن" بما جاء به الفقيه الانجليز "توماس هوبز" الذي كان يقول أن القانون ليس طلبا ولا نصيحة وإنما هو أمر صادر من شخص يملك حق الطاعة إلى أشخاص من هم أفراد المجتمع عليهم واجب الطاعة .
إذن خلاصة مذهب "أوستن" هي أن الدولة تقوم بوضع القانون وتعمل على كفالة احترامه جبرا على الأفراد باعتبارها صاحبة السيادة والسلطة ، فالقانون لا يقوم إلا في ظل مجتمع سياسي ، وأن يصدر في شكل أوامر و تكاليف وأن يقترن الأمر أو التكليف بتوقيع الجزاء عند مخالفته .
أ)- معنى القانون لا يقوم إلا في مجتمع سياسي :
يقوم المجتمع السياسي في تنظيمه على وجود طبقتين :
- الطبقة الأولى تتمثل في الطبقة الحاكمة التي بيدها السلطة ، ولها حق الأمر والنهي ، وقد يكون الحاكم فردا أو هيئة أو نظام سياسي ديمقراطي أو استبدادي ، ملكية أم جمهورية ، مطلقة أم مقيدة . وهذه الهيئة هي التي تتولى وحدها تنظيم العلاقات الاجتماعية عن طريق إصدار القوانين .
- الطبقة الثانية تتمثل في الطبقة المحكومة ، ويقتصر دورها على تطبيق الأوامر أو النهي الصادر عن الهيئة الحكام التي تتولى أيضا توقيع الجزاء على كل مخالف لهذه القوانين . من خلال ذلك ، فإن مذهب "أوستن" يقوم على أساس أن تكون القوانين صادرة من الحاكم ، وأن أية أوامر لا تصدر عن هذا المصدر لا تعد بمثابة الأمر القانوني العام ، وبذلك فإن أي تكليف يصدر عن غير هذه الجهة لا يكون له صفة الأمر الملزم .
ب)- معنى وجود أوامر و تكاليف :
نقصد بوجود أوامر وتكاليف أن القانون ليس مجرد نصيحة يقدمها الحاكم للمحكومين ، بل هو أمر ونهي يصدر من السلطة الحاكمة إلى المحكومين الذين يجب عليهم الطاعة.
إن "أوستن" آمن بأن القانون هو أمر أو نهي أو تكليف الهيئة الحاكمة ، وكل مخالف له يتعرض للجزاء المنصوص عليه . وهذا الجزاء تنفرد بتوقيعه سلطة عامة مختصة .
ج)- معنى توقيع الجزاء عند مخالفة القانون :
وقد يتبادر إلى الذهن أن الجزاء المقصود به هو الجزاء العقابي أو الجنائي ، سواء تمثلت العقوبة في الإعدام أو وقعت على الحرية بالسلب أو التقييد ، أو كانت العقوبة تتمثل في الغرامة المالية، غير أن الجزاء ليس كله جنائيا بل قد يكون مدنيا ، مثال ذلك : بطلان العقود ، أو التصرفات المبرمة عند مخالفتها للقانون ، وقد يجتمع الجزاء الجنائي والمدني كما في حالة جريمة القتل أو السرقة أو في جريمة القذف ....الخ .
وعموما ، فإن للجزاء معنى أوسع مما هو معروف ، فالجزاء القانوني هو كل إجراء قسري يحاول القانون بواسطته فرض إرادته كملاذ أو حل أخير على المعتدي الذي يرفض الامتثال لأمر قانوني أو قضائي .
وقد أنكر الفقيه "أوستن" تسمية القانون على القانون الدستوري باعتباره مجرد قيود فرضتها الدولة على نفسها . كما أنكر على قواعد القانون الدولي العام صفتها القانونية باعتباره مجرد قواعد مجاملات أو واجبات أدبية تراعيها الدول فيما بينها .
ففي مجال إنكاره صفة القانون على القانون الدستوري يرى "أوستن" أن القانون الدستوري هو وضع قيود على سلطة الحاكم،والحاكم لا يمكن أن يخضع لسلطة أعلى ، فهو إذا نظم علاقته بالأفراد والتزم ببعض القيود ، فإنما يفعل ذلك باختياره ، حيث يستطيع أن يستبدلها عندما يحلو له ذلك وفي أي وقت كان ، أو بإمكانه أن يتخلص منها تماما وبصفة نهائية . وبذلك فقواعد القانون الدستوري تظل دون جزاء ، وبذلك فهي لا تنفذ جبرا و قهرا.
ومن ثمّ، فقواعد القانون الدستوري تفقد صفة القانون بالمعنى الصحيح للكلمة ، فالحاكم إذا خالف قواعد الدستور لا يعقل أن يوقع الجزاء على نفسه .
وفي مجال القانون الدولي العام، ينكر"أوستن" صفة القانون على قواعده ، فهو يرى أنه مادامت كل الدول متساوية في الحقوق و السيادة ، وأن المجتمع الدولي يفتقد إلى هيئة تملك القوة أو الشرعية تجيز لها إصدار القوانين ، أو فرض ما تصدره من أوامر ونهي لجميع الدول أو أداة جبر وقهر لتطبيق هذه القوانين على الدول المخلة بذلك .
وهكذا ، فإن الفقيه "أوستن" يرى أن تخلف عنصري الأمر والنهي وكذا الجزاء معناه إنكار صفة القانون .
بالإضافة إلى كل ذلك ، فإن "أوستن" ينكر "العرف" كمصدر من مصادر القانون ، ويعتبر التشريع المصدر الوحيد للقواعد القانونية .فالعرف لا يعدو أن يكون مجرد بديل بدائي للقانون والذي يعبر عن طابع من الأنظمة القانونية تختلف عن المعايير التي تمت في ظل المجتمعات القديمة .
=
بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا
ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا