القاتل الذي أرعب العالم.

انتشر في الفترة الأخيرة في أفريقيا وبعض الدول العربية وباء الإصابة بفيروس أيبولا ، أو ما يُعرف بالحمى النزفية القاتلة ، والتي تصل نسبة الوفاة فيها إلى 90% بين الأشخاص المصابين بالفيروس.
ماهية المرض
هو مرض يصيب الإنسان نتيجة الإصابة بفيروس أيبولا ، الذي يتسبب بتعرض المصاب لأحد أهم وأخطر أنواع الحمى النازفة ، والتي تنتهي بوفاة المريض في أغلب الحالات .
الأسباب والأنواع
يُسبب المرض نوعاً من الفيروسات يسمى Ebola virus ، وهو واحد من ثلاثة فيروسات ضمن عائلة تسمى Filoviridae family- filovirus وله خمسة أنواع، وهي:
• •Bundibugyo ebolavirus - BDBV
• Zaire ebolavirus - EBOV
• •Reston ebolavirus - RESTV
• •Sudan ebolavirus - SUDV
• Taï Forest ebolavirus - TAFV
ويلاحظ وجود أنواع محددة من الفيروسات في كل منطقة تم إثبات ظهور الحالات المرضية فيها، فعلى سبيل المثال وُجدت الأنواع:
BDBV, EBOV, and SUDV  في أفريقيا ، بينما وُجد النوع RESTV في الفلبين والصين .
حيوانات حاملة للمرض
تعتبر عائلة القردة بأنواعها ، وخاصة الغوريللا و الشنبانزي ، من أهم الحيوانات المسؤولة عن حمل الفيروس ، ونقله للإنسان ، وهذا ما تم تسجيله في العام 1994.. كما تلعب الخفافيش الآكلة للفواكه دوراً مهماً في نقله ، بالإضافة إلى القوارض مثل : الفئران ، والسناجب , كما تم تسجيل حالات بدون أعراض في الخنازير .
طرق العدوى
ينتقل الفيروس للإنسان عن طريق التعرُّض أو التعامل المباشر مع دم أو إفرازات أو أعضاء الحيوان المصاب .. أو (أكل لحوم الحيوانات المصابة بالفيروس) .. وأهم الحيوانات التي عُرفت علاقتها المباشرة بانتقال الفيروس إلى البشر هي : الغوريللا ، و الشنبانزي ، والقرود ، والخفاش الآكل للفواكه .
ومؤخراً تم إثبات حدوث العدوى من الشخص المصاب إلى غيره من الأصحاء بنفس الطريقة (التعرُّض المباشر لدم وإفرازات الشخص المصاب) بالإضافة إلى حدوث  العدوى عن طريق الاتصال الجنسي ، والذي تم التأكد من كونه يمثل أحد طرق العدوى حتى ما بعد مرور شهرين من شفاء المصاب .. لذا وجب الحيطة ، واتخاذ  جميع وسائل الأمان عند التعامل مع المرضى ، وخاصة من قبل القريبين من المصابين ، كالأهل أو الطاقمالطبي .
ومما يجدر التنويه إليه هو أن قوة مناعة الشخص تلعب الدور الرئيسي في حدوث الإصابة من عدمها ، و تحديد المصير الذي سينتهي إليه المرض ، حيث تم إثبات ازدياد نسبة الإصابة بين الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة مثل : مرضى الإيدز ، وكذا مرضى السكر ، والسرطانات بأنواعها ، وسوء التغذية .

الأعراض ومراحل المرض
تبدأ الأعراض السريرية خلال 8-10 أيام من التعرض للفيروس .. ويمكن تلخيص الصورة السريرية التي يمر بها المرض إلى ثلاث مراحل ، وهي كالتالي:
مرحلة شبيهة بالزكام
وهي أُولى المراحل التي يمر بها المريض ، وفيها يشكو من ارتفاع في درجة حرارة الجسم ، ومن التهاب في الحلق ، وآلام في الرأس ، بالإضافة إلى آلام في الصدر، تكون مصحوبة بصعوبة في التنفس ، وصعوبة في البلع .. وهذه المرحلة قد تمتد من يومين إلى 3 أسابيع يدخل بعدها المريض في المرحلة الثانية .
وتعتبر هذه المرحلة من أهم وأخطر المراحل التي يمر بها المريض ، نتيجة لصعوبة تشخيص المرض ، ووجود الكثير من الأمراض التي تحمل نفس الأعراض ، وتكون بنفس الصورة السريرية .. وهنا تكمن أهمية  التشخيص الدقيق ، وبداية عزل المريض عمن حوله ، وكذلك بداية تلقِّيه للرعاية الطبية بشكل سريع ، لأن هذه الأمور تلعب دوراً رئيسياً فيما بعد في تحديد مصير المريض .. وتُظهر الفحوصات المخبرية خلال هذه المرحلة وجود خلل في وظائف الكبد ، وارتفاع في أنزيماته ، وانخفاض في عدد الصفائح الدموية .
مرحلة النزيف
يعاني المريض في هذه المرحلة من خلل في وظائف الجسم بشكل عام ، كوجود خلل في وظائف الكلى والكبد ، وما ينتج عنها من خلل في وظائف الصفائح الدموية ، وعوامل التجلُّط .. كما يشكو المريض من نزيف تحت الجلد ، بالإضافة إلى وجود فقاعات دموية تحت الجلد شبيهة بالحروق ، أو رُعاف ، أو تقيُّؤ دموي ، وقد يشكو المريض من نزيف داخلي ينتهي بالوفاة في معظم الحالات ، خاصة لو كان شديداً .
مرحلة فشل الأعضاء
وهي المرحلة الأخيرة من مراحل المرض ، وعادة ما تنتهي بالوفاة ، و تسمى بمرحلة فشل الأعضاء.. وليس بالضرورة مرور كل المرضى بجميع مراحل المرض ، وإنما يعتمد تقدُّم المرض و سيطرته على الجسم بمدى قوة وضعف مناعة الشخص ، وقدرة جسمه على المقاومة.
التشخيص
يعتمد تشخيص المرض على العلامات والأعراض التي يشكو منها المريض ، وعلى نتائج الفحوصات المخبرية التي تظهر عن طريق عزل الفيروس ، أو ظهور الأجسام المضادة في عينة دم المريض المسحوبة .
ومن أهم الفحوصات التشخيصية للمرض :
• •antibody-capture enzyme-linked immunosorbent assay (ELISA)  .
• • antigen detection tests .
• • serum neutralization test .
• • reverse transcriptase polymerase chain reaction (RT-PCR) assay .
• • electron microscopy to show the virus .
• • virus isolation by cell culture .
التحصين ضد الفيروس
حتى يومنا هذا لا وجود لأي لقاح ناجح للمرض ، والأبحاث العلمية جارية لإيجاد اللقاح الآمن والمناسب في المستقبل القريب.
طرق الوقاية من الأيبولا
نظرا لعدم وجود لقاح لمنع انتشار المرض ، أو التخفيف من المضاعفات المصاحبة له ، والتي عادة ما تنتهي بالوفاة، فإن منظمة الصحة العالمية سعت لتعزيز نشر الوعي الصحي للمجتمع بكيفية الوقاية من المرض، وتتلخص في التأكيد على التعامل بحرص مع الحيوانات، و لبس الكفوف الواقية للحماية ، والحرص على الطبخ الجيد للحوم ، وغسل اليدين ، وعدم ملامسة الأنف والعينين.
وقد شددت منظمة الصحة على أهمية اكتساب التثقيف الصحي من جانب الكادر الصحي المخالط للمرضى ، و الأشخاص القريبين منهم ، مُحذِّرة من ملامستهم لإفرازات هؤلاء المرضى ، والتخلص من الجثث ، ودفنها بشكل سريع ، خصوصاً بعد إثبات نتائج مخبرية حدوث العدوى عنطريق لمس جثث الموتى المصابين بالأيبولا .
لا يقتصر تواجد الأيبولا على بلدان بعينها من العالم، لكنه يتمدد بسرعة ليصبح تهديداً صحياً للعالم بأسره، ومنه الوطن العربي، فالسودان من بين قائمة الدول التي سجلت وجود حالات مرضية مصابة، مع نسبة وفاة مرتفعة جدا، مقارنة بباقي الدول التي أعلنت عن وجود المرض مثل أوغندا، والصين، وجمهورية الكونغو..كما أن المملكة العربية السعودية كانت قد سجلت حالة إصابة واحدة، وهذا ما يدعونا إلى نشر الثقافة الصحية في اليمن للتحذير من المرض، وللتعريف بأهم أساليب الوقاية منه  خاصة مع الافتقار لوجود جهة خاصة موثوق فيها معنية برصد المرض، وبيان خلو أو وجود حالات مرضية فيه .
العلاج
رغم الجهود المتواصلة عالمياً ، فلا وجود للقاح يمنع الإصابة بفيروس أيبولا ، ولكن أفضل مسار للعلاج هو دعم المريض طبياً ، عن طريق إعطائه السوائل الوريدية لمنع الجفاف، والحفاظ على برودة جسم المريض للتخفيف من آثار الحمى .. كما يمكن استخدام بعض مسكنات الألم لإعطائه نوعا من الراحة ، ومراقبة مستويات الأكسجين ، وضغط الدم.
ومؤخراً (أثناء كتابة المادة) تم الإعلان عن اكتشاف علاج لهذا المرض القاتل في إحدى المستشفيات الأمريكية ، وتم إعطاؤه لأمريكيَيْن مصابَيْن بهذا المرض ، وشُفيا تماما ، وقد تم اعتماده من قبل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الغذاء الأمريكية ، وقريباً سيتم توفيره في السوق العالمية .. ولو صح هذا فسيُعدُّ نجاحاً كبيراً للبشرية ، يسهم في القضاء على هذا الداء القاتل قبل تماديه وحصده مزيداً من الضحايا في مختلف أنحاء العالم.

د. عبدالله الطيار
أخصائي طب أطفال وامراض الدم
طبيب العيادة التشخيصية في
الجمعية اليمنية لأمرض الدم و الثلاسيميا

الموضوع الأصلي : القاتل الذي أرعب العالم. // المصدر : منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب // الكاتب: نور اليقين

الموضوع الأصلي : القاتل الذي أرعب العالم. // المصدر : منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب // الكاتب: manel