مصادر القاعدة القانونية
مقدمـة
المبحث الأول : المصدر الرسمي الأصلي ) التشريع (
المطلب الأول : تعريف التشريع
الفرع الأول : المعنى العام للتشريع
الفرع الثاني : المعنى الخاص للتشريع
المطلب الثاني : خصائص التشريع
الفرع الأول : التشريع يتضمن قاعدة قانونية
الفرع الثاني : التشريع يتضمن قاعدة مكتوبة
الفرع الثالث : التشريع يصدر عن سلطة مختصة
المطلب الثالث : أنواع التشريع
الفرع الأول : التشريع الأساسي أو الدستور
الفرع الثاني : التشريع العضوي و التشريع العادي
الفرع الثالث : التشريع الفرعي أو اللوائح
المبحث الثاني : المصادر الرسمية الاِحتياطية للقاعدة القانونية
المطلب الأوّل : الشريعة الإسلامية كمصدر رسمي احتياطي للقانون .
الفرع الأول : مفهوم الشريعة الإسلامية لغة، و اصطلاحا.
الفرع الثاني : مصادر الأحكام الشرعية المتّفق عليها.
الفرع الثالث: مكانة مبادئ الشريعة الإسلامية من بين مصادر القانون الجزائري .
المطلب الثاني: العرف كمصدر احتياطي للقانون.
الفرع الأول : مفهوم العرف .
الفرع الثاني : أركان العرف.
الفرع الثالث : دور العرف .
المطلب الثالث : مبادئ القانون الطّبيعي و قواعد العدالة .
الفرع الأول : المقصود بمبادئ القانون الطّبيعي ، و قواعد العدالة .
الفرع الثاني : المقصود بالإحالة على مبادئ القانون الطّبيعي و قواعد العدالة.
الفرع الثالث : مدى ملائمة الإحالة إلى مبادئ القانون الطّبيعي، و قواعد العدالة.
المبحث الأول : المصادر التفسيرية للقانون
المطلب الأول : الفقــــه
الفرع الأول : الفقه مصدر رسمي في الشريعة الاِسلامية .
الفرع الثاني : الفقه في الشرائع الحديثة مصدر تفسيري .
المطلب الثاني : القضـــاء
الفرع الأول : مركز القضاء في الشريعة الاِسلامية .
الفرع الثاني : مركز القضاء في الشرائع الحديثة .
الخاتمـة.
بحث حول : مصادر القاعدة القانونية .
مقدمـة : نظرا لتعدد القواعد القانونية و اِختلاف التعبير عن اِرادة الدولة و أفرادها فاِنه من المحتم أن تتعدد مصادر قواعد القانون و تعني كلمة "مصدر" المنبع الذي تخرج منه القاعدة القانونية و البحث عن مصدر القاعدة القانونية هو البحث عن السبب المنشئ لها في مجتمع معين اِذ اِن القاعدة القانونية لا يمكن أن تنشأ من العدم فلا شيء يوجد من لاشيء بل لابد من وجود سبب منشىء لها طبقا لمبدأ السبب أو ما يسمى السببية .
و يساهم في تكوين القاعدة القانونية مصدران أساسيان و هما : المصادر الأصلية أو الرسمية و المصادر الاِحتياطيـة و التفسيرية ، فياترى ماهي هذه المصادر ؟ ومالعلاقـة بينها ؟
المبحث الأول : المصدر الرسمي الأصلي ) التشريع (
لقد كان العرف في المجتمعات القديمة المصدر الرسمي الأول بحيث يمكن القول بأن العصور القديمة هي عصور العرف و الدين أما حظ التشريع اِلى جانبه فقد كان ضئيلا ، لكن العرف تقهقر و لا يزال اِلى اليوم يتقهقر في أهميته فغدت الصدارة في القانون الحديث للتشريع في الاِلزام بالقواعد القانونية ، حتى أمكن القول بأن العصر الحديث هو عصر التشريع .
و تقتضي دراسة موضوع التشريع أن نعرض أولا تعريفه و ثانيا خصائصـه و ثالثـا لأنواع التشريع و سيكون كل ذلك في ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تعريف التشريع
يطلق اِصطلاح التشريع على معنيين : عام و خاص .
الفرع الأول : المعنى العام للتشريع
التشريع كمصدر للقانون في مفهومه الواسع la législation يقصد به أحد الأمرين :
الأمر الأول : هو عملية قيام السلطات المختصة في الدولة بوضع قواعد جبرية مكتوبة لتنظيم العلاقات في المجتمع و ذلك في حدود اِختصاصاتها وفقا للاِجراءات المقررة لذلك .
الأمر الثاني : هو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة ذاتها التي تم وضعها من قبل السلطـات المختصة في الدولة لحكم علاقات الأفراد في المجتمع سواء كانت هذه السلطة هي السلطــة التشريعية أو هي السلطة التنفيذية .
و بذلك يستعمل اِصطلاح التشريع في مفهومـه الواسع تارة بمعنى مصدر القواعد القانونيـة المكتوبة و تارة أخرى بمعنى القواعد المستمدة من هذا المصدر .
الفرع الثاني : المعنى الخاص للتشريع
ينصرف المعنى الخاص للتشريع la loi اِلى مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة في حدود الاِختصاص المخول لها دستوريا .
المطلب الثاني : خصائص التشريع
من التعريف المتقدم للتشريع يتبين أنه يتميز بثلاث خصائص هي : أنه يتضمن قاعدة قانونيـة و بأنه يتضمن قاعدة مكتوبة و بأنه صادر عن سلطة عامة مختصة .
الفرع الأول : التشريع يتضمن قاعدة قانونية
و يقصد بذلك أن التشريع يتضمن قاعدة أو مجموعة من القواعد القانونية بخصائصـها و هي أنها قواعد السلوك الاِجتماعي العامة المجردة و المصحوبة بجـزاء قهري ، فلا تعتبر قاعـدة تشريعية اِلا تلك التي تحوز خصائص القاعدة القانونيـة المذكورة و لذلك فلا يعتبر تشريـعا أو قاعدة تشريعية الأمر الذي يصدر عن سلطة عامة مختصة في الدولة خاصا بشخص معين بذاته أو متعلقا بواقعة محددة بذاتها ، اِذ لا يضع مثل هذا الأمر قاعدة عامة مجردة للسلوك و مثال ذلك أن يصدر قرار من السلطة المختصة باِسداء وسام تقدير لشخص معين أو باِعـلان الحداد الوطني لوفـاة شخص أدى خدمات جليلة للوطن أو بمنح اِمتيـاز البحث عن البتـرول لشركة معينة حيث لا تعتبر هذه القرارات تشريعا من حيث الموضوع رغم اِعتبارها كذلك من حيث الشكل نظرا لصدورها عن السلطة المختصة باِصدار التشريع بمعناه الواسع .
الفرع الثاني : التشريع يتضمن قاعدة مكتوبة
و معنى ذلك أن تصدر القاعدة في صورة وثيقة مكتوبة و لذلك يطلق عليه عبارة " القانون المكتـوب " و ذلك على عكس العرف الذي يقال له " القانون غير المكتوب " ، اِذ هو لا يفرغ في وثيقة مسطورة بل يظل معنى يستخلص من تواتر العمل في جماعة بسنة معينة مع الاِعتقاد في اِلزامها .
الفرع الثالث : التشريع يصدر عن سلطة مختصة
اِن تحديد السلطـة التي تملك اِصدار التشريع أمر يتفاوت تفـاوتا كبيـرا باِختـلاف الـدول و الدساتير و بحسب ما اِذا كانت الدولة تأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات أو تأخذ بمبـدأ وحـدة السلطة . فالسلطـة التي تضع التشريع تكون حيـنا في يد ملك أو حاكم مطلق كما في النظم الاِستبداديـة و تكون أحيـانا أخرى في يد هيئـة منتخبـة من طرف الشعـب كما في الدول الديمقراطية و مع ذلك فاِن هناك تشريعات تصدر عن السلطة التنفيذية في مسائل معينة تؤهلها
وظيفتها اِلى الاِحاطة بها و الواقع أن تحديـد من له حق التشريع من سلطات الدولـة يخضع لظاهرة تدرج التشريعات ، اِذ يقابل هذا التدرج في التشريع تدرج في السلطات التي تملك سنه.
المطلب الثالث : أنواع التشريع
تتعدد أنواع التشريعـات و تتفاوت تبعا لأهمية ما تتناوله من مسـائل ، فالتشريع على أربع درجات تتدرج في القوة : أعلاها هو التشريع الأساسي أو الدستور ، و أوسطـها هو كل من التشريع العضوي و التشريع العادي و أدناها هو التشريع الفرعي أو اللوائح .
الفرع الأول : التشريع الأساسي أو الدستور
هو التشريع الأعلى في الدولة و هو يحدد شكل الدولة و نظام الحكم فيها و سلطاتها السياسية و التشريعية و التنفيذية و القضائية . و حدود كل سلطة و علاقاتها بالأخرى ، كما يبين الحقوق الأساسية للأفراد و قد يصدر في شكل منحة من الحاكم باِرادته المنفردة أو في شكل عقد بين الحاكم و الشعب أو بواسطة جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب أو بطريق الاِستفتاء الشعبي أي يؤخذ رأي الشعب مباشرة اِعداد مشروعه بواسطة هيئة تحضيرية .
الفرع الثاني : التشريع العضوي و التشريع العادي
يقصد بالتشريعين العضوي و المادي مجموعة القواعد القانونية المكتوبة التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة في حدود اِختصاصها المبين في الدستور و قد بين الدستور الجزائري الحالي في المادة 122 المجالات التي يشرع فيها البرلمان بتشريع عادي و حدد في المادة 123 المجالات التي يشرع فيها بتشريع عضوي .و ما يميز التشريع العضوي أنه عبارة عن اِجراء تشريعي لتكملة قواعد الدستور و اِدخالها حيز التطبيق و طبقا للمادة 123 يثبت للبرلمان حق سن التشريعات العضوية في المجالات الآتية : تنظيم السلطات العضوية و عملها ، نظام الاِنتخابات ، القانون المتعلق بالأحزاب السياسية ، القانون المتعلق بالاِعلام ، القانون الأساسي للقضاة و التنظيم القضائي ، القانون المتعلق بقوانين المالية و القانون المتعلق بالأمن الوطني .
و التشريع العادي لا يخرج دائما في صورة واحدة ، فقد يخرج في صورة نصوص تنظم مسائل محدودة كالتشريع المنظم لمهنة المحاماة أو مهنة الطب أو التشريع المنظم للجامعات و قد يخرج مجمعا تجميعا علميا منطقيا يضم في وثيقة رسمية القواعد القانونية الخاصة بفرع معين من فروع القانون بعد تبويبها و تنسيقها ورفع ما قد ما قد يكون بينها من تضارب و تعارض و يطلق على هذه الوثيقة الرسمية اِسم التقنين كالتقنين المدني و التقنين التجاري و غيرهما .
الفرع الثالث : التشريع الفرعي أو اللوائح
و يسمى كذلك بالتشريع اللائحي و هو التشريع الذي تصدره السلطة التنفيذية و هي اِما الحكومة و اِما الاِدارة و اللوائح ثلاثة أنواع :
أولا : اللوائح التنفيذية
و هي القواعد التفصيليـة التي تسنها السلطة التنفيذيـة لتنفيذ التشريع الصـادر من السلطـة التشريعية ذلك أن التشريع الذي تسنه السلطة التشريعيـة كثيـرا ما يقتصر على ذكر القواعد العامة تاركا مهمة وضع القواعد التفصيلية التي يقتضيها التطبيق العملي للسلطة التنفيذية .
و اِختصاص السلطة التنفيذية بوضع اللوائح التنفيذية أمر منطقي طالما أنها هي السلطـة التي تقوم بتنفيذ التشريع الذي تضعه السلطة التشريعية . فهي بحكم وظيفتها هذه و اِتصالها المستمر بالجمهور تكون أقدر على معرفة التفصيلات الخاصة بالتنفيذ وفقا لضرورات العمل و ظروفه فضلا عما في ذلك من تخفيف من أعباء السلطة التشريعية التي ينبغي أن تتفرغ لوضع المبادئ الكلية تاركة التفاصيل لعناية السلطة التي تتولى التنفيذ و هي السلطة التنفيذية .
فطالما أن مهمة اللوائح التنفيذية هي مجرد تنفيذ التشريع الصادر من السلطة التشريعية فيجب أن تلتزم حدود هذا الغرض بحيث لا يجوز أن تتضمن اِلغاءا أو تعديلا لقاعدة من قواعد هـذا التشريع .
ثانيا : اللوائح التنظيمية
هي القواعد اللازمة التي تضعها السلطة التنفيذية ضمانا لتنظيم المصالح و المرافق العامة في الدولة ، باِعتبارها أقدر سلطة على اِختيار النظم القانونية الملائمـة لذلك ، طالما أنها هي التي تقوم باِدارة هذه المصالح و المرافق .
و السلطة التنفيذيـة و هي تسن هذه القواعـد لا تتقيد بأي تشريع معين صادر من السلطــة التشريعية تعمل على تنفيذه بل تستقل بذبك . ولذا فقد أطلق على اللوائح التنظيمية اِسم" اللوائح
المستقلة " .
ثالثـا : لوائح الضبط أو البوليس
هي القواعد التي تضعها السلطة التنفيذيـة للمحافظة على الأمن و توفير السكينـة و الطمأنينة و حماية الصحة العامة فهي عبارة عن القيود التشريعية التي يقتضيها الصالح العامـة و التي تضعها هذه السلطة على الحريات العامـة و من أمثلتها اللوائح المنظمـة للمرور و اللوائـح المنظمـة للمحلات المقلقـة للراحة أو المضرة بالصحة و اللوائح الخاصة المراقبـة الأغذيـة و الباعة المتجولين و منع اِنتشار الأوبئة .
و هذه اللوائح قائمة بذاتها اِذ تصدر من السلطة التنفيذيـة مستقلة عن أي تشريـع تعمل على تنفيذيه و هي بذلك تتفق مع اللوائح التنظيمية و تختلف عن اللوائح التنفيذية .
المبحث الثاني : المصادر الاِحتياطية للقاعدة القانونية
كلنّا يعلم أنّ التشريع هو أولّ ما يلجأ إليه القاضي باعتباره المصدر الرّسمي الأوّل و لكنّ التشريع كثيرا ما يكون قاصرا، و هذا ما يستدعي لجوء القاضي في هذه الحال إلى مصادر أخرى فرعية تدعى المصادر الاحتياطية للقانون و يكون مجبرا على تطبيقها و إلاّ يُعتبر مرتكبا لجريمة إنكار العدالة و هذه المصادر سنتناولها من الأهمّ إلى المهمّ بدءًا بمبــادئ الـشريعة الإسلامية، كمصدر رسميّ احتيـاطيّ بعد التّشريع و هذا نظرًا لشمولــية الدّين الإسـلامي و ما يتضّمنّه من أحكام عامّة و شاملة ، فالشريعة الإسلامية حسب اتفّاق العلماء هي مصـدر كلّ تشريع ، أو تنظيم في المجتمع الإسـلامي ، لِيليها العرف ثمّ مبـادئ القانـون الطّبيـعي و قواعد العدالة .
المطلب الأوّل : الشريعة الإسلامية كمصدر رسمي احتياطي للقانون .
تعدّ الشريعة الإسلامية المصدر الاحتياطي الأوّل حسب ما جاء في ترتيب المادّة الأولى من القانون المدني الجزائري،فهي تعتبر مصدرا مادّيا،و رسميا في نفس الوقت،أضف إلى ذلك هي نظام شامل لجميع مجالات الحياة - الرّوحية، و الأخلاقية، و العملية – دون أن نفصّل بين أجزائها، و جوانبها المختلفة.
الفرع الأول : مفهوم الشريعة الإسلامية لغة، و اصطلاحا.
لغـــة : تستعمل كلمة الشريعة في لغة العرب في معنيين:أحدهما الطّريقة المستقيمة؛ و من هذا المعنى قوله تعالى في سورة الجاثية : >> ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبّعها، و لا تتبّع أهواء الذين لا يعلمون << (08).
و الثاني هو مورد الماء الجاري الذي يُقصد للشُرب، و منه قول العرب:'' شرعت الإبل إذا وردت شريعة الماء لتشرب ''، شبهتها هنا بمورد الماء لأنّ بها حياة النّفوس، و العقول، كما أنّ في مورد الماء حياة للأجسام.
و أمّا في الاصطلاح الفقهي: فتطلق على الأحكام التّي شرّعها اللّه لعباده على لسـان رسول مــن الرّسل ، فسميّت هذه الأحكام بالشريعـة لأنّها مستقيمة لا انحراف فيها عن الطّريـق المستقيم؛ محـــكمة الوضع لا ينحرف نظامها و لا يلتوي عن مقاصدها.أمّا الإسلامية: فهذه نسبة إلى الدّين الإسلامي الذي يستعمل في الاصطلاح الشّرعي بمعنى الانقياد لأوامر الله و التّسليم بقضائه ، و أحكامه، و إلى العقائد الأهلية، و الأسس، و المبادئ للعقيدة الإسلامية فالدّين و الشّريعة و الملّة بمعنى واحد.
و من الشّريعة الإسلاميّة بمعناها الفقهي اشتّق الشّرع و التّشريع بمعنى سنّ القواعد القانونية سواء عن طريق الأديان و يسمّى تشريعا سمويًا أم كانت من وضع البشر و صنعهم فتسمّى تشريعا وضعيًّا.
الفرع الثاني : مصادر الأحكام الشرعية المتّفق عليها.
لقد اتّفق جمهور المسلمين على الاستناد على أربعة مصادر وهي القرآن ، السنّة ، الإجماع و القياس و الدّليل على ذلك حديث معاذ بن جبل(رضي الله عنه) "الذي بعثه رسول الله(صلّى الله عليه و سلم) قاضيا بالإسلام إلى اليمن ، فقال له الرّسول:كيف تقضي يا معاذ إذا عُرِضَ لك قضاء ؟ قال: أقضي بكتاب الله. قال: فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال: فبسنّة رسول الله . قال: فإن لم تجد في سنّة رسول الله. قال:أجتهد برأيي و لا آلو.أي لا اُقصّر في الاجتهاد . فضرب رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) على صدره، و قال: الحمد لله الذي وفّق رسول الله لما يرضى الله ، و رسوله".
الفرع الثالث : مكانة مبادئ الشريعة الإسلامية من بين مصادر القانون الجزائري .
إنّ الشّريعة الإسلامية تعدّ مصدرا رسميّا للقانون الجزائري إذ تنّص المادة الأولى من القانون المدني على ذلك ، فعلى القاضي إذا لم يجد حكما في التّشريع الرّجوع إلى مبادئ الشّريعة الإسلامية و يقوم باستخلاصها من الكتاب و السنّة و الإجماع و القيّاس و ذلك باعتبار الشّريعة الإسلامية المصدر الرّسمي الثاني بعد التّشريع .
و تعدّ الشريعة الإسلامية أيضا مصدرا مادّيا للقانون الجزائري و المقصود بذلك أنّ المصدر المـادّي أو جوهر بعض نصوص القانون استمدّها المشرّع من مبادئ الشريعة الإسلامية فيعدّ قانون الأسرة مستمّدا من الشريعة الإسلامية فيما يتعلّق بالزّواج و الطّلاق و الولاية و الميراث و الوصيّة و الوقف وتعدّ الشريعة الإسلامية أيضا مصدرا مادّيا لبعض نصوص القانون المدني منها حوالة الدّين و كذلك استّمد القانون المدني الأحكام الخاصّة بتصرّفـات المريـض مرض الموت من الشريعة الإسلامية كما تعـدّ أحكام خيار الرؤية المعروفة في الشريعة الإسلاميّـة مصدرا مادّيا للمادّة 352 مدني.و نظرية الظروف الطّارئة التّي نصّ عليها القانون الوضـعي مأخوذة من نظرية العذر في الشريـعة الإسلامية و إن كان يترّتب عليها فسخ العقد بالنّسبــة لمبادئ الشريعـة الإسلاميّة بينما يترّتب عليها تعديل الالتزامات مع بقاء العقـد قائما بالنّسبـة للقانون الوضعي.
و قد جعل المشرّع الجزائري القرض بفائدة بين الأشخاص باطلا وفقا للمادّة 454 من القانون المدني و المصدر المادّي لهذا النّص هو الشريعة الإسلامية.
و يلاحظ أنّه إذا كانت الشريعة الإسلامية مصدرا مادّيا لبعض النّصوص التّشريعية، فذلك يعني أنّ القاضي ملزم بالنّص التّشريعي و لا يرجع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية إلاّ لمساعدته على تفسير النّصوص المستمدّة منها .