منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاتـه

أهلا وسهلا في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب نحن سعداء جدا في منتداك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمرار و الاستمتاع بالإقامة معنا و تفيدنا وتستفيد منا ونأمل منك التواصل معنا بإستمرار في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب و شكرا.

تحياتي

ادارة المنتدي

https://ouargla30.ahlamontada.com/
منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاتـه

أهلا وسهلا في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب نحن سعداء جدا في منتداك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمرار و الاستمتاع بالإقامة معنا و تفيدنا وتستفيد منا ونأمل منك التواصل معنا بإستمرار في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب و شكرا.

تحياتي

ادارة المنتدي

https://ouargla30.ahlamontada.com/


منتدى علمي ثقافي تربوي ديني رياضي ترفيهي
 
الرئيسيةالبوابة*الأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى ، فيرجى التكرم بزيارةصفحة التعليمـات، بالضغط هنا .كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيعو الإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب .

مفهوم النصر في القرآن الكريم

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
فقدت كلمة المرور
البحث فى المنتدى

منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب :: °ღ°╣●╠°ღ°.. المنتديات الإسلامية ..°ღ°╣●╠°ღ° :: القسم القرآن الكريم

شاطر
مفهوم النصر في القرآن الكريم Emptyالخميس 11 أكتوبر - 7:34
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
صاحب الموقع
الرتبه:
صاحب الموقع
الصورة الرمزية

محمود

البيانات
عدد المساهمات : 78913
تاريخ التسجيل : 11/06/2012
رابطة موقعك : http://www.ouargla30.com/
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://ouargla30.ahlamontada.com


مُساهمةموضوع: مفهوم النصر في القرآن الكريم



مفهوم النصر في القرآن الكريم

مفهوم النصر في القرآن الكريم

تحدث القرآن الكريم عن (النصر) في مواضع عدة، بسياقات مختلفة، فقد وردت
لفظة (النصر) ومشتقاتها في القرآن الكريم في مئة وخمسة وخمسين موضعاً.
وسأعرض لموضوع (النصر) في القرآن الكريم من خلال الآيات المكية أولاً، ثم
المدنية، حتى يتسنى الوقوف ـ بعد ذلك ـ على تطور مدلول هذه المفردة في
الدعوة الإسلامية، واتساع دلالاتها.
لا يخفى أن الموضوع الرئيس في السور المكية هو (العقيدة)، وإن كان الحديث
عن العقيدة موجوداً في القرآن المدني كذلك، إلا أن العقيدة في القرآن المكي
تُعرض بكل تفصيلاتها، وتستغرق مساحة أكبر من تلك التي تستغرقها في القرآن
المدني.
فالمسلمون في بداية الدعوة كانوا بحاجة إلى تأصيل مفاهيم العقيدة في
نفوسهم، ومعرفة الحقائق الأساسية فيها، كتوحيد الله عز وجل، والاعتقاد
بالبعث والنشور، والإيمان بصدق الرسول ،
وهدم رواسب الشرك والوثنية، وتثبيت المسلمين وتقويتهم على تحمّل أعباء
الدعوة، وذلك بربط قلوبهم على أن المدبّر للكون هو الله، وأنه صاحب القدرة
المطلقة، والسلطان اللامحدود، وأنهم يستمدون قوتهم منه بثباتهم على دينه،
وبتذكيرهم بصبر الأنبياء والمؤمنين على الأذى الذي لقوه من أهل الباطل،
فكان جزاؤهم نصر من الله العلي القدير.
أما القرآن المدني .. فها هي الدولة الإسلامية قد قامت، وأصبح المسلمون
قادة البشرية، بعد أن تعمق الإيمان في نفوسهم، ولم يعد لسلطان الأصنام أدنى
وجود في نفوسهم، فنزلت الآيات لتضبط تفاصيل حياتهم ومجتمعهم الجديد، فتضع
الأحكام التي من شأنها حفظ هذا المجتمع بعد قيامه، بحفظ أمنه الداخلي
والخارجي، وتحديد التنظيمات والتشريعات التي يحتاجها المسلمون.
ويُلحظ الحديث عن العقيدة في الآيات المدنية بين الحين والآخر، فهو خيط لا
ينقطع، يتخلل التشريعات والتنظيمات، ويحيي معاني الإيمان في النفوس.

(النصر) في القرآن المكي
كان للحديث عن (النصر) في القرآن المكي أهمية بالغة، تتناسب مع المرحلة
التي كان يعاني فيها المسلمون ونبيهم صلوات الله وسلامه عليه من أشدّ أنواع
التعذيب والاضطهاد، من المشركين أصحاب النفوذ والسلطة.
فما أحوجهم في تلك المرحلة العصيبة إلى أن يروا أمامهم نماذج لصالحين عاشوا
حياةَ القهر والمعاناة ومجالدة الباطل، والصراع المستمر معه، ثم أكرمهم
الله بالنصر المبين بعد ثباتهم على الحق وصبرِهم الطويل، جرياً على سنة من
سنن الله تعالى لا تتخلف، قال تعالى: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ
قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ
نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ
نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) [الأنعام:34]، فإن النصر غاية الصبر، حتى وإن طال
الصبر وتأخر النصر، وفي هذا تسلية لنبي الله ،
ولمن معه من المؤمنين.
وتعمّق هذه الآية عقيدة التوكل والاعتماد على الله عند المسلمين، فالنصر من
عند الله، لا من عند غيره، كما تفيده إضافة النصر إلى ضمير العظمة
(نصرنا)
، وحين يكون النصر من صاحب السلطان المطلق، فليذهب الذهن كل مذهب في
تصوّر الحال التي أصبح عليها المنصورن، وتلك التي آل إليها مصير المكذبين.
وحين يكون النصر بهذه القوة وهذا التأكيد، فلا بأس إن تأخر، يقول الأستاذ
سيد قطب في تفسيره للآية السابقة: "إنها ترسم للدعاة إلى الله من بعد رسول
الله -
- طريقهم واضحاً، ودورهم محدداً، كما ترسم لهم متاعب الطريق وعقباته، ثم
ما ينتظرهم بعد ذلك كله في نهاية الطريق ... إنها تعلمهم أن سنة الله في
الدعوات واحدة، كما أنها كذلك وحدة لا تتجزأ .. دعوة تتلقاها الكثرة
بالتكذيب، وتتلقى أصحابها بالأذى .. وصبر من الدعاة على التكذيب وصبر كذلك
على الأذى .. وسنة تجري بالنصر في النهاية .. ولكنها تجيء في موعدها، لا
يعجلها عن هذا الموعد أن الدعاة الأبرياء الطيبين المخلصين يتلقون الأذى
والتكذيب، ولا أن المجرمين الضالين والمضلين يقدرون على أذى المخلصين
الأبرياء الطيبين! ولا يعجلها كذلك عن موعدها أن صاحب الدعوة المخلص
المتجرد من ذاته ومن شهواته إنما يرغب في هداية قومه حباً في هدايتهم،
ويأسى على ما هم فيه من ضلال وشقوة، وعلى ما ينتظرهم من دمار وعذاب في
الدنيا والأخرة.
لا يعجلها عن موعدها شيء من ذلك كله، فإن الله لا يعجل لعجلة أحد من خلقه،
ولا مبدل لكلماته، سواء تعلقت هذه الكلمات بالنصر المحتوم، أم تعلقت بالأجل
المرسوم"[1].
ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ
نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)
[يوسف:110].
فالنصر ـ إذن ـ سنة محتمة الوقوع، فبأس الله لا يُردّ عن القوم المجرمين
مهما لاقى رسل الله في مواجهتهم للباطل، فقد رسمت هذه الآية مقدارالألم
والمعاناة النفسية التي يشعر بها الرسل، حتى إنهم يأسوا من نصر الناس، وفي
هذه اللحظة يتنزل النصر ويُهلك الله المكذبين، وينجي المؤمنين.
ولعل قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا
يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ
الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ
اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214][2]
يصوّر أبلغ تصوير المحن العنيفة التي تعرّض لها أصحاب العقائد الحقّة
والدعوات الربانية، وطال زمانها واشتدت وطأتها، حتى إنهم استبطأوا النصر،
فقالوا: (متى نصر الله)؟ فأخبرهم أنه قريب وأنه معليهم على عدوهم لا محالة،
ومعلٍ ملتهم على ملة الشرك.
فحين يتعرّض الأنبياء والمؤمنون للمحن، فإن نصر الله لهم يكون بظهورهم على
المخالفين المعاندين، بإعلاء كلمة الحق، وإزهاق الباطل، وإهلاك المكذبين،
وإنجاء الأنبياء والمؤمنين وحمايتهم، وهذا ما أشارت إليه تعدية النصر
بـ(من) في قوله تعالى: (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ
أَجْمَعِينَ) [الأنبياء:77]، قال ابن عاشور: "وعدي {نصرناه} بحرف (من)
لتضمينه معنى المنع والحماية .... وهو أبلغ من تعديته بـ(علَى)؛ لأنه يدل
على نصر قوي تحصل به المَنعَةُ والحماية، فلا يناله العدوّ بشيء، وأما نصره
عليه فلا يدل إلا على المدافعة والمعونة"[3].
وهذه الآية الكريمة تخبرنا عن نوح عليه السلام، حين نزل العذاب بقومه،
فأغرقهم الله بالطوفان، ونجى نوحاً عليه السلام ومن معه، وحماهم من الغرق،
ومن العدو، وهذه الحماية عبّرت عنها الآية الكريمة بالنصر.
وكان أنبياء الله عليهم السلام يطلبون النصر من الله تعالى، قال تعالى على
لسان لوط عليه السلام: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ
الْمُفْسِدِينَ) [العنكبوت:30]، ونوح عليه السلام طلب النصر كذلك من الله
تعالى في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ)
[المؤمنون:26]، ونفهم (النصر) الذي طلبه نوح عليه السلام على أنه طلبُ
إهلاك قومه؛ لأنهم لم يؤمنوا به، وكذبوه، واستهزأوا به، وهو نبي مرسل من
ربه، ونبني هذا الفهم على قوله تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ
عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ


يُضِلُّوا عِبَادَكَ) [نوح:26،27]، فهو صريح بإهلاكهم، وعلى الفور بعد
أن طلب النصر ـ في سورة (المؤمنون) ـ جاء جواب الله بقوله: (فَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ
أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ
اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ
وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)
[المؤمنون:27]، وعلى هذا، وبما أن الأمر بصناعة الفلك كان جواباً على طلب
النصر، فإن النصر سيكون معلّقاً على صناعة الفلك، وهو ما أخبرت به الآيات:
غرق قوم نوح عليه السلام، ونجاته ومن آمن معه، قال ابن عاشور معلقاً على
آية العنكبوت: "وأراد بالنصر عقاب المكذبين ليريهم صدق ما أبلغهم من رسالة
الله"[4].




أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : محمود


التوقيع



مفهوم النصر في القرآن الكريم Emptyالخميس 11 أكتوبر - 7:35
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
صاحب الموقع
الرتبه:
صاحب الموقع
الصورة الرمزية

محمود

البيانات
عدد المساهمات : 78913
تاريخ التسجيل : 11/06/2012
رابطة موقعك : http://www.ouargla30.com/
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://ouargla30.ahlamontada.com


مُساهمةموضوع: رد: مفهوم النصر في القرآن الكريم



مفهوم النصر في القرآن الكريم

وجاء هذا المعنى صريحاً في قول الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ
الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47]، فالانتقام من الذين أجرموا هو نصر للمؤمنين،
وفي هذا ما فيه من التسلية والتسرية عن قلوب المؤمنين، وإيناسهم والربط على
قلوبهم.
والنصر للمؤمنين لا يكون في الدنيا فقط، بل في الدنيا والآخرة، قال تعالى:
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر:51]، "وقد عُلم من فعل
النصر أن هنالك فريقاً منصوراً عليهم الرسلُ والمؤمنون في الدنيا والآخرة،
ومن المتعيّن أنهم الفريقُ المعاند للرسل وللمُؤمنين، فنصر الرسل والمؤمنين
عليهم في الدنيا بإظهارهم عليهم وإبادتهم، وفي الآخرة بنعيم الجنة لهم
وعذاب النار لأعدائهم"[5].
إلا أننا علمنا من القرآن الكريم أن من الرسل من قُتل، ومنهم من هاجر من
بلده، ومنهم من تعرّض للأذى والسخرية، فأين النصر الذي أخبرت عنه هذه
الآية؟
إن النصر له صور متعددة، ولا يقتصر على صورة واحدة،
هي النصر المادي، وسأفصّل هذا المعنى في مشاركة أخرى بإذن الله.
هذا النصر الموعود من الله تعالى للرسل والمؤمنين لا تقدر عليه الآلهة
المزعومة التي عبدها المشركون، وجاء القرآن المكي لإظهار عجزها وعدم
استحقاقها للعبادة، وتثبيت عقيدة التوحيد والإيمان بالله العزيز الحكيم
القادر على نصرة أوليائه، لذلك كثُر التأكيد في القرآن المكي على عجز تلك
الآلهة عن نصرة عُبّادها، من ذلك قوله تعالى: (أَيُشْرِكُونَ مَا لَا
يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ
نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192)) [الأعراف]، قال في الظلال:
"وإن الذي يملك أن ينصر عباده بقوته ويحميهم هو الذي ينبغي أن يُعبد،
فالقوة والقهر والسلطان هي خصائص الألوهية وموجبات العبادة والعبودية . .
وآلهتهم المدعاة ـ كلها ـ لا قوة لها ولا سلطان؛ فهم لا يستطيعون نصرهم،
ولا نصر أنفسهم؛ فكيف يجعلون لها شركاً مع الله في نفوسهم وفي أولادهم؟"[6].
وأكّد سبحانه المعنى نفسه في السورة نفسها (الأعراف)، فقال: (وَالَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ
يَنْصُرُونَ) [الأعراف:197]، وقال في سورة الأنبياء: (أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ
تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا
هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) [الأنبياء:43]، وقال في سورة يس: (وَاتَّخَذُوا
مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75)) [يس]،
وقال في سورة الدخان في حديثه عن يوم القيامة: (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى
عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [الدخان:41]، وقال في سورة
الذاريات: (فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ)
[الذاريات:45]، وقال في سورة الطور: (يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ
كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [الطور:46]. وقال في سورة
الملك: (أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ
دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك:20].
وبعد أن ذكر العذاب الذي حلّ بالأمم السابقة في سورة الأحقاف بقوله:
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا
الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأحقاف:27]، قال: (فَلَوْلَا
نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً
بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
[الأحقاف:28].
قال ابن عاشور: " توبيخ موجه إلى آلهتهم؛ إذ قعدوا عن نصرهم وتخليصهم قدرة
الله عليهم ... والمقصود بهذا التوبيخ تخطئة الأمم الذين اتخذوا الأصنام
للنِصرِ والدفع .. والتوبيخ آل إلى معنى نفي النصر"[7].
وقد اجتهد الرسل أن يزرعوا هذه العقيدة في قلوب أقوامهم .. إن الله وحده هو
المعين الناصر، لا إله غيره، وإن أراد أن ينتقم ممن عصاه، فلن يجد ذلك
العاصي من يحميه وينصره ويدفع عنه عذاب الله،
على لسان نوح عليه السلام: (وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ
إِنْ طَرَدْتُهُمْ) [هود:30]: استفهام يستنكر فيه نبي الله أن يكون هناك من
يستطيع أن يحقق النصر في مواجهة رب العالمين تبارك وتعالى إنْ هو بغى على
عباد الله المؤمنين، وفيه تعريض بآلهتهم التي يعبدونها من دون الله، على
عجزها وانعدام فائدتها.
ومثل هذا جاء على لسان صالح عليه السلام، قال تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ
أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ
رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا
تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) [هود63]،
فهذه هزة من شأنها أن تهز قلوبهم وأعماقهم، ومن شأنها
أن تصحح العقيدة الشركية التي أعمت بصائرهم، وأضلّت عقولهم
فالنصر ـ سواء أكان في الدنيا بالظهور على الخصم، أم في الآخرة بالنجاة من
النار ـ لا يكون إلا من الله القادر على منحه لحزبه وأوليائه ورسله، وفي
هذا تحرير للقلوب والعقول من عبادة الطواغيت والأصنام والاعتماد عليها،
والتوجّه بطلب النصر من الله عز وجل، والركون إليه لا إلى غيره، قال تعالى:
(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا
لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)
[هود:113].
إلا أن هذه الآلهة ليست عاجرة عن نصرة عُبّادها فحسب، وليست عاجزة عن نصرة
أنفسها فحسب، بل تستمد النصر من عُبّادها، قال تعالى في قصة إبراهيم عليه
السلام: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ) [الأنبياء:68]،
والمقصود بنصر الآلهة الدفاع عنها وعن وجودها.
قال الأستاذ سيد قطب: "وفي الماضي كانت الآلهة أصناماً وأوثاناً، أو شجراً
أو نجوماً، أو ملائكة أو جناً . . والوثنية ما تزال حتى اليوم في بعض بقاع
الأرض. ولكن الذين لا يعبدون هذه الآلهة لم يخلصوا للتوحيد، وقد يتمثل
شركهم اليوم في الإيمان بقوى زائفة غير قوة الله؛ وفي اعتمادهم على أسناد
أخرى غير الله. والشرك ألوان، تختلف باختلاف الزمان والمكان.
ولقد كانوا يتخذون تلك الآلهة يبتغون أن ينالوا بها النصر، بينما كانوا هم
الذين يقومون بحماية تلك الآلهة أن يعتدي عليها معتد أو يصيبها بسوء،
فكانوا هم جنودها وحماتها المعدّين لنصرتها : {وهم لهم جند محضرون} . .
وكان هذا غاية في سخف التصور والتفكير. غير أن غالبية الناس اليوم لم ترتق
عن هذا السخف إلا من حيث الشكل، فالذين يؤلهون الطغاة والجبارين اليوم، لا
يبعدون كثيراً عن عباد تلك الأصنام والأوثان، فهم جند محضرون للطغاة، وهم
الذين يدفعون عنهم ويحمون طغيانهم، ثم هم في الوقت ذاته يخرون للطغيان
راكعين!
إن الوثنية هي الوثنية في شتى صورها، وحيثما اضطربت عقيدة التوحيد الخالص
أي اضطراب جاءت الوثنية، وكان الشرك، وكانت الجاهلية! ولا عصمة للبشرية إلا
بالتوحيد الخالص الذي يفرد الله وحده بالألوهية، ويفرده وحده بالعبادة،
ويفرده وحده بالتوجه والاعتماد، ويفرده وحده بالطاعة والتعظيم"[8]
كان هذا عرض موجز لبعض معاني النصر في القرآن المكي، ظهر من خلاله أن
القرآن المكي قرّر في قلوب المؤمنين عقيدة التوكل على الله والاعتماد عليه
في تحقيق النصر، بأن عرض مواقف وقصص كان فيها الصراع بين الحق والباطل،
وبعد أن صبر المؤمنون نصرهم الله بإعلاء كلمتِهم كلمةِ الحق، وبتغليبهم على
الكافرين، وحمايتهم من العذاب الذي حلّ بالكافرين في الدنيا، ووعدهم
بالنعيم في الآخرة، والجحيم لعدوهم، وتوجّه القرآن المكي إلى المشاعر
والقلوب، فهزّ الرواسب التي علقت فيها بالكشف عن عجز كل ما سوى الله عن جلب
النصر، وقد ثبّت القرآن المكي هذه المعاني عن طريق سرد أحداث من قصص
الأنبياء والأمم السابقة، وبهذا أصبح المسلمون مهيأين لخوض أي صراع من أي
نوع مع أعداء الله تعالى، لأن قلوبهم موقنة بنصر الله وأنه لن يتخلى عنهم
ما داموا على نهجه.



أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : محمود


التوقيع



مفهوم النصر في القرآن الكريم Emptyالخميس 11 أكتوبر - 7:39
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
صاحب الموقع
الرتبه:
صاحب الموقع
الصورة الرمزية

محمود

البيانات
عدد المساهمات : 78913
تاريخ التسجيل : 11/06/2012
رابطة موقعك : http://www.ouargla30.com/
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://ouargla30.ahlamontada.com


مُساهمةموضوع: رد: مفهوم النصر في القرآن الكريم



مفهوم النصر في القرآن الكريم

[1] سيد قطب، في ظلال القرآن، (3/18).
[2] الآية مدنية، لكن المسلمون كانوا بحاجة إلى هذا التثبيت والتصبير
والتذكير
بوعد الله لهم بالنصر في كل حين، لا سيما أنهم كانوا في معارك
مستمرة
مع أعداء الله من أهل الكتاب والمشركين.
[3] التحرير والتنوير، (9/187).
[4] المصدر السابق، (9/355).
[5] المصدر السابق ، (12/455).
[6] في ظلال القرآن، (3/340).
[7] التحرير والتنوير، (13/379).
[8] في ظلال القرآن، عند تفسيره لقوله تعالى:
(وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) [يس:75]، (6/174).
..... يتبع ـ بإذن الله ـ الحديث عن النصر في القرآن المدني

النصر في القرآن المدني

نزل القرآن المدني بعد أن أصبح المسلمون أصحاب دولة وقوة وسلاح، ولم تعد
وسيلتهم للدفاع عن دينهم ونشره الكلمة فحسب، بل إن المواجهة العسكرية هي
الأنسب في هذه المرحلة للمحافظة على وجودهم الجديد.

فصار لكلمة النصر حين تتلى على مسامعهم وقعٌ آخر؛ لأنها تحمل دلالات تمسّ حياتهم
ووجودهم بشكل مباشر، ولا يعني هذا أن القرآن المدني خلا من التذكير بنصر
المؤمنين في الأمم السابقة، فقد قال تعالى ـ مشيراً إلى ما واجه الجماعات
المؤمنة قبلهم من ضر وشدة ـ : (أَمْ
حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ
الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء
وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ
مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)[البقرة:214]،
وهذه آية مدنية، إلا أن الغالب في استعمال كلمة (النصر) في القرآن المدني
جاء في سياق الحديث عن مواجهات عسكرية حصلت بين المسلمين والمشركين، ولها استعمالات أخرى،
في سياقات مختلفة، ولكنها قليلة إذا ما قورنت مع الاستعمال الغالب لها.

كان أول عهد المسلمين في المدينة المنورة مع سورة البقرة، التي خُتمت بطلب النصر من الله تعالى:
(أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة:286]، قال الأستاذ سيد قطب:
"وأخيراً يلصق المؤمنون ظهورهم إلى ركن الله، وهم يهمّون بالجهاد في سبيله، لإحقاق الحق الذي أراده ،
وتمكين دينه في الأرض ومنهجه"[1]

وبعد أقل من عامين كانت أول مواجهة عسكرية بين المسلمين والمشركين، في معركة بدر
الكبرى، التي قدّرها الله عز وجل حتى تظهر الدعوة الإسلامية، وتظفر العصبة
المسلمة بقيادة البشرية.

وقد نقلت سورة الأنفال أحداث هذه المواجهة، التي انتصر فيها المسلمون، وأول ما
يلاقينا في هذه السورة، هو الحديث عن الأنفال، ولا يكون الحصول على الأنفال
إلا بدحر الأعداء، وهذا جانب من جوانب النصر الذي حققه المسلمون.

وجاء أول ذكر لمفردة (النصر) في قوله تعالىSadوَمَا
جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا
النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
[الأنفال:10]، وفي هذا تذكير
لهم بحقيقةٍ اعتقادية غرستها في قلوبهم الآيات المكية من قبل، وهي أن النصر
إما أن يكون من الله، وإما أن لا يكون، وقدّم بين يدي هذه الحقيقة
الاعتقادية الدليل عليها، وهي في قوله تعالى قبل هذه الآية:
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)
[الأنفال:9]، وهذا المدد لا يقدر عليه إلا الله تعالى.
إن استجابة الله تعالى لاستغاثة المسلمين2] آنذاك، وإمدادهم بالملائكة يعدّ نصراً بحد ذاته، ولذلك
أتبع إخباره إياهم باستجابة دعائهم بأن النصر من عند الله، ناهيك عن العون
الإلهي بأشكاله وصوره الأخرى التي ذكرتها الآيات، فقد غشّاهم النعاس أمنةً
من الله تعالى، وأنزل عليهم الماء طمأنةً لقلوبهم وتطهيراً لها، وتثبيتاً
لأقدامهم، وإخماداً لوساوس الشيطان.

وألقى الرعب في قلوب المشركين، وأمر الملائكة بضرب أعناق الكافرين، ففعلوا ..
كل هذا يصوّر معية الله وعونه للمسلمين في غزوة بدر.

والحصول على تأييد الله ومدده ومعونته أعظم نصر للمسلمين.
ولم يقف سياق سورة الأنفال
عند جوانب النصر التي حازها المسلمون في الدنيا، بل انتقل إلى جانب آخر
يتعلق بالآخرة، وهو في قوله تعالى: (ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ) [الأنفال:14].

وعلى هذا، فإن نصر
المسلمين على المشركين في غزوة بدر، كان نصراً عظيماً مؤزراً، امتدت فيه
ملامح النصر من الحياة الدنيا إلى ما وراءها، مما سيلاقيه المشركون في
الحياة الآخرة.
وتعود كلمة (النصر) للظهور من جديد في قوله تعالى: (وَاذْكُرُواْ
إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن
يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم
مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[الأنفال:26]، وفي قوله:
(وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)[الأنفال:62]،
يلوح هنا خيطٌ يمسّ الاعتقاد ويحميه من الركون إلا الأسباب المادية،
وهو أن النصر من الله، لا يعتمد على قوة المسلمين وعدّتهم.
ولا بد من التذكير بهذا بين الحين والآخر، حتى لا يفقد المسلمون السبب
الذي من أجله منحهم الله نصره وتأييده
وهو ما ظهر جليّاً في سورة آل عمران، في قوله تعالىSadقَدْ
كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي
سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ
الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) [آل عمران:13]، في سياق الحديث عن غزوة بدر التي
انتصر فيها المسلمون وعلَوا علواً مادياً ومعنوياً، على الرغم من قلة
عَدَدِهم وعُدَدِهم، إلا أن الله تعالى أيّد بنصره الفئة المؤمنة، وهذه
نعمة عظيمة من الله تعالى، ذكّرهم بها أيضاً في قوله:
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [آل عمران:123]،
وفي قوله: (وَمَا
جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ
وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)[آل عمران:126]، فقد أُسند
النصر إلى الله؛ لأنه هو الذي أمدّ المسلمين يوم بدر بالملائكة، وأنزل
عليهم السكينة، وهيأ لهم كل الأسباب الموجبة للنصر، فكان نصراً تغلّب فيه
المسلمون على المشركين وقتلوا سادتهم، وأئمة الشرك.
قال أبو السعود في تفسير قوله تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ) [آل عمران:126]: "(إِلاَّ
مِنْ عِندِ الله)، أي: إلا كائنٌ من عنده تعالى من غير أن يكون فيه
شِرْكةٌ من جهة الأسبابِ والعَدد، وإنما هي مظاهرُ له بطريق جَرَيانِ سنتِه
تعالى"[3]

وحين يركن المسلمون إلى كثرتهم وقوتهم، فلن يغنيهم هذا عن الله شيئاًSadلَقَدْ
نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ
أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ
عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)[التوبة:25].
وحين يركن المسلمون إلى الدنيا، فلا يخرجون للقتال ولا ينصرون دين الله، فلن يحوزوا النصر، قال تعالى
Sadيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7]،
فالمؤمن إن نصر الله بالتضحية والبذل والعطاء وباع نفسه لله، نصره الله تعالى، قال الإمام الرازي:
"المؤمن ينصر الله بخروجه إلى القتال وإقدامه ، والله ينصره بتقويته وتثبيت أقدامه،
وإرسال الملائكة الحافظين له من خلفه وقدامه"[4].

يتبيّن مما سبق أن النصر
بعد تشكّل الدولة المسلمة أصبح مقترناً بلقاء الأعداء وقتالهم، وهو النصر
بالمعنى المعهود المتبادر إلى الذهن، الدالّ على دحر الأعداء، وتقتيلهم
والحصول على عتادهم وأسلحتهم وأموالهم، وأسر رجالهم، وكل هذا يتم بمدد الله
وتوفيقه.
ويؤيد هذا قوله تعالىSadقَدْ
كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي
سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ
الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) [آل عمران:13]، فالالتقاء هو البروز للقتال[5]،
وقد قُرن النصر بالقتال في سورة التوبة في مواضع عدة، منها قوله تعالى:
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ)
[التوبة:14]، وقوله: (لَقَدْ
نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ
أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ
عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)[التوبة:25].

قال الإمام الرازي: " (وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ)، المعنى: أنه لما حصل الخزي لهم، بسبب كونهم مقهورين
فقد حصل النصر للمسلمين بسبب كونهم قاهرين"[6]، والإمام الرازي بهذا التفسير قد أوجز
معنى النصر بأنه إلحاق الخزي بالعدو، وقهره، وهذا لا يكون إلا بعد البروز للقتال والمواجهة.

ومن لوازم النصر في كثير
من الأحيان، أسر الأعداء، الذي يعدّ تعبيراً واضحاً عن قهرهم وإذلالهم،
وهذا ما عرضته الآيات في ختام سورة الأنفال، وذلك في قوله تعالى: (مَا
كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ
تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ)
[الأنفال:67]، فالتمكّن من العدو وأسره ـ بصرف النظر عن صحة هذا العمل في ذلك الوقت أو خطئه ـ
هو النصر بالمعنى المعروف المتبادر.
وبعد هذه الجولة مع (النصر) في السور المدنية، يظهر بوضوح الاختلاف في استعمال
القرآن المكي لـ(النصر)، واستعمال القرآن المدني له، فبعد أن كان في
الآيات المكية مقترناً بالحديث عن الأمم الغابرة، أصبح في الآيات المدنية
مقترناً بمعارك ميدانية يخوضها المسلمون بأنفسهم، ويقدّمون فيها أرواحهم،
فلم تعدْ المعارك معارك جدل ومناظرة، كما كان الأمر قبل الهجرة، بل أصبحت
معارك حربية عسكرية.

وفي كلا المرحلتين، كانت كلمة (النصر) حين تقع على أسماع المسلمين، تجد صداها
في قلوبهم، وكان إدراكهم لمفهوم النصر على اختلاف أساليب عرضه، سادّاً
للحاجة التي يفتقرون إليها.
ــــــــــــــ
[1] المصدر السابق، (1/329).
[2] الاستغاثة: هي طلب العون والنصرة.
[3] تفسير أبي السعود، (1/450).
[3] تفسير الرازي، (14/86).
[4] "الالتقاء: اللقاء، وصيغة الافتعال فيه للمبالغة، واللقاء:
مصادفة الشخص شخصاً في مكان واحد، ويطلق اللقاء على البروز للقتال". التحرير والتنوير، (3/47).
[5] تفسير الرازي، (7/471)




التوقيع : بلمهدي محمود



أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : محمود


التوقيع



الكلمات الدليلية (Tags)
مفهوم النصر في القرآن الكريم, مفهوم النصر في القرآن الكريم, مفهوم النصر في القرآن الكريم,

الإشارات المرجعية

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

الــرد الســـريـع
..
آلردودآلسريعة :





مفهوم النصر في القرآن الكريم Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

اختر منتداك من هنا



المواضيع المتشابهه

https://ouargla30.ahlamontada.com/ منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب