قصر الأزرق في الأردن
الموقع الجغرافي
يقع قصر الأزرق -أو ما يُدعى أحيانًا بحصن أو قلعة الأزرق- في وسط واحة على بعد 105 كم2 إلى الشمال الشرقي من العاصمة الأردنية عمَّان.
ومنذ سنوات قليلة -وعند تجفيف المستنقعات الموجودة في الواحة بجوار قصر الأزرق- عُثِرَ على كميَّاتٍ كبيرةٍ من الأدوات الصوانيَّة اليدويَّة المتقنة الصنع، والرقائق الحجرية التي تعود جميعها إلى العصر الحجري القديم (الباليوليت).
تاريخ بناء القصر الأزرق
والجدير بالذكر أنَّ تاريخ بناء قصر الأزرق غير معروف، ولكن من المؤكد أنَّ هذا الموقع مرَّ بمراحل عدَّة من أعمال الإصلاح والترميم والتغيير، ويُشير النقش اللاتيني واليوناني الموجود على مذبح الهيكل إلى أنَّ القلعة (الحصن) قد كرَّست على اسمي الإمبراطورين الرومانيين ديوقلسيانوس Diocletian (ت 284-305م) وماكسيميانوس Maximian (ت 286-310م)، ويعود تاريخ ذلك إلى عام 300م، وهناك -أيضًا- كتابة أخرى تحمل اسم الإمبراطور جوڤيان Jovian (ت 363م)، الذي يُعتقد أنَّه قام بترميم حصن الأزرق وتوسيع بنائه؛ والذي تحوَّل لاحقًا إلى واحدٍ من القصور الأموية.
القصر الأزرق في العصر الإسلامي
وقد أُعيد بناء حصن الأزرق في عهد الوليد بن يزيد بن عبد الملك (الوليد الثاني) (125-126هـ=743-744م) الذي نُفي إلى واحة الأزرق بعيدًا عن بلاط عمِّه الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (105-125هـ=724-743م)، فقام الوليد بتحويله إلى قصرٍ متكامل الخدمات، وأضاف إليه بعض السدود المائيَّة ضمن برك واحة الأزرق التي لا تزال قائمةً حتى اليوم.
وأُعيد بناء قصر الأزرق مرَّةً أخرى في العهد الأيوبي بأمرٍ من الأمير عز الدين أيبك في أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب (638-647هـ=1240-1249م) ليُصبح بشكله الحالي، كما يُشير إلى ذلك النقش التأسيسي الموجود فوق البوابة الرئيسة ضمن برج البوابة، ونصه: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بعمارة هذا القصر المبارك الفقير إلى الله عز الدين أيبك أستاذ دار الملك المعظم في ولاية علي بن الحاجب".
وقد استُخدم قصر الأزرق في العهد الأيوبي نقطة حراسة لقوافل الحجيج بعد تحوُّل طريقهم إلى طريق بصرى، الأزرق، وادي السرحان، ثم الحجاز؛ وذلك بسبب الغزو الصليبي، ثم تلاشت إبَّان العهد العثماني أهميَّة هذا القصر تدريجيًّا بعد إنشاء سكة الحديد بعيدًا عن منطقة الأزرق، ممَّا دعا قيادات الثورة العربية الكبرى إلى اتِّخاذ القصر مقرًّا لهم، ولا تزال غرفة القيادة التي أقام فيها لورانس العرب عدَّة أيام موجودة فوق البوابة الرئيسة، وتُعرف حتى اليوم بغرفة لورانس.
الوصف المعماري للقصر الأزرق
للقصر مسقط مستطيل الشكل تبلغ أبعاده 72 × 80 مترًا تقريبًا، ويرتفع القصر أصلًا إلى ثلاثة طوابق بقي منها طابقان وبقايا تعود إلى الطابق الثالث، دُعمت الأسوار الخارجية للقصر في بعض أجزائه بمجموعة من الأبراج لزيادة مناعته، وتميَّزت هذه الأبراج بواجهات تحتوي على نوافذ بأبعاد مختلفة، بالإضافة إلى مرامي السهام والرواشن، ويتكون القصر من غرفٍ ذات أبعادٍ مختلفة، مخصَّصة للطعام واستعمالات متعدِّدة؛ تطلُّ جميعها على فناء القصر، كما خُصِّصت بعض الفراغات لتُستخدم كإسطبلات، وجاء فناء القصر واسعًا يتوسَّطه بناءٌ خُصِّص مسجدًا.
للقصر بوابتان:
الأولى: وهي الرئيسة، تقع قرب الزاوية الجنوبية الشرقية ضمن برجٍ محصَّن مدعم بروشن للمراقبة والدفاع، والبوابة تتألَّف من درفتين حجريتين؛ كل درفةٍ فيها مكوَّنة من قطعة واحدة من الحجر البازلتي المنحوت.
أمَّا البوابة الثانية للقصر: فتقع في جداره الغربي، وهي مكونة من درفة واحدة من الحجر البازلتي المنحوت. ويصعد إلى طوابق القصر عبر أدراج حجرية توصل إلى غرف موزعة على محيط القصر.
بُني القصر من مداميك حجرية بازلتية سوداء مائلة إلى اللون الأخضر، ويُمكن تمييز ثلاثة أنواع من الحجارة من حيث الأبعاد، فهناك الحجر النحيت ذو الأبعاد الكبيرة الضخمة؛ ويوجد في البوابات وأحجار سواكف الأبواب وإطارات النوافذ والأقواس الحجرية، والنوع الثاني هو الحجر المقصب متوسط الأبعاد؛ يراوح بين (40 – 50 سم) × (20 – 25 سم)، أمَّا النوع الثالث فهو الحجر الدبش غير المنتظم ذو الأبعاد الصغيرة، ويتكوَّن الملاط الرابط بين الحجارة من خليط من الحصى الصغيرة وكِسَر الحجارة مع الرمل الناعم، ويتميَّز قصر الأزرق من الناحية المعمارية بنظام تسقيفه الذي يعتمد على العوارض الحجرية البازلتية الضخمة (الربد)، التي ترتكز متلاصقة على النهايات العليا للجدران ثم تُغطِّيها من الأعلى طبقة من الحصى والرمل.
ترميمه
وقد قامت دائرة الآثار في الأردن مؤخرًا بتنظيف القصر وإزالة الأنقاض منه، كما بذلت عناية كبيرة في تنظيف المسجد، ويُعدُّ قصر الأزرق من المعالم الأثرية والسياحية المميَّزة، وأحد القصور الأموية المهمَّة.
______________
المصدر: موسوعة الآثار في سوريا، ص377.
مراجع للاستزادة:
- محمود عبيدات، الأردن في التاريخ من العصر الحجري حتى قيام الإمارة (جروس برس - بيروت، 1992م).
- سعاد ماهر محمد، العمارة الإسلامية على مر العصور (دار البيان العربي – جدة، 1985م).
***********
بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا
ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا