اشكالية تعلم اللغة الفرنسية بالمدرسة الجزائرية
نلاحظ ظاهرة مستفحلة في المدرسة الجزائرية , وهي ظاهرة عدم تمكن المتعلمين من اللغات الأجنبية وخصوصا الفرنسية . رغم ما يبذل من مجهودات في هذا الباب من قبل المدرسين والوزارة عموما .ورغم أن اللغة الفرنسية لم تعد لها تلك المكانة التي كانت لها في السابق الا أن النخبة الفرنكوفونية المتحكمة في قرارات التربية والتعليم لازالت تعطيها قيمة أكبر من الحجم الحقيقي في هذه اللغة ,بالإضافة الى ارتباط الجزائر التاريخي والاقتصادي والإعلامي بفرنسا و لغتها أيضا .رغم أن العالم ككل يتجه الى اللغات العالمية أي لغات الدول العملاقة اقتصاديا و المهيمنة على الاعلام و السياحة والثقافة كاللغة الصينية و اليابانية و الإنجليزية التي يتحذث بها أقوام لا يستهان بحضورهم الدولي في كل المجالات .
في المدرسة الجزائرية يتم تدريس اللغة الفرنسية منذ السنة الثالثة من التعليم الإبتدائي ,غير أن المدرسين في مختلف الاطوار يلاحظون نفورا عاما لدى المتعلمين عندما يتعلق الامر بهذه اللغة وهذا سبب تعثر المتعلمين في تقبلها كلغة مقررة , نظرا لكونها معقدة شيئا ما من النواحي التركيبية والصرفية بالمقارنة مع بعض اللغات كالإنجليزية مثلا .ولكن لا يجب أن نغفل امرا هاما هو الطريقة المنتهجة في تدريسها وهذا أكبر سبب يجعل المتعلمين لا يمتلكون أدواتها الأساسية .
من الناحية المنهجية التي تم وضع بها مقرر اللغة الفرنسية هناك صعوبات جمة ,ففي السنة الثالثة رغم أن معظم التلاميذ تكون هذه السنة أول لقاء بينهم وبين هذه اللغة فان المقرر ينص على أن يتم تدريب المتعلمين على المحاورة الشفهية و تعليمهم أسماء بعض الأمور شفهيا دون التطرق لكتابتها وهذا أمر يشكل عائقا للتلاميذ حيث أنه ليس من السهل لا على الأستاذ ولا على التلميذ حيث تقوم العملية على تكرار المقاطع والجمل نظرا لغياب الوسائل التعليمية في معظم المدارس ونظرا لأن الوزارة لم تواكب المقررات بوسائل تفاعلية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة كأن تكون هناك أقراص مدمجة تتضمن رسوم متحركة أو حتى تسجيلات صوتية تساعد الأستاذ في ظل كثرة المواد وازدحام الزمن المدرسي. فالأولى تقدير إمكانية المدرسة العمومية و البدء بتعليم الكتابة وبعض المعجم و روابط الجمل و المقاطع . حالما ينتقل المتعلم من السنة الثالثة الى السنة الرابعة يفاجأ بأنشطة مكثفة و مدة زمنية أكبر للمادة و تدريس المادة ينطلق من نصوص قصيرة و هذا تنفيذا لمبدأ التدرج من العام الخاص أو من الكل الى الجزء هذه طريقة المدرسة "الجشطلتية " .
مما يجعل المتعلم لا يقدر على استيعاب هذه اللغة فما بالك استعمالها أو محاولة استعمالها .ان هذه المعيقات الخطيرة كان يمكن تفاديها من قبل واضعي المنهاج و المقرر على حد سواء لو كان وضع المنهاج في بلادنا يقوم عل دراسات موسعة وأبحاث يتدخل فيها السادة الأساتذة أولا بأنهم أسياد الميدان ثم المفتشين و من جرى مجراهم. وهذه الملاحظات نجدها عند تدريس اللغة الفرنسية في السنتين الأوليتين أي النالث والرابع ابتدائي ,الا أن السنوات الأخرى يتم تقديم هذه اللغة بطريقة يغلب عليها السرعة في التنفذ والاستعجال من أجل الحصول على النتيجة وهذا خطأ كبير ,فالدروس المكثفة لن تؤدي الى عدم تحصيل الأهداف المرجوة ,فلا يعقل أن التلميذ ينتقل مستوى الحروف و الجمل و المعجم الى بعض أعقد المواضيع اللغوية الخاصة بهذه المادة في السنة الرابعة و المشكل أن تلك المواضيع تتفرع في السنوات المقبلة الخامسة لتصير اكثر تعقيدا وهذا ما يعجز التلميذ على متابعته نظرا لكثرة المواد و تزاحمها في الزمن المدرسي و انعدام وسائل تعليمية محفزة و مساعدة .كما أن معظم الأساتذة غير متخصصين في هذه اللغة وقد تطرح لهم أحيانا بعض المفاهيم إشكالات صعبة , اذا علمنا أن بعض المدرسين لم يتلقوا يوما تكوينا بيداغوجيا و لم تطأ أقداهم مركز التكوين بل أتو من الجامعة الى القسم في احسن الأحوال أو من الشارع و الاعمال اليدوية بعد فترة بطالة و عموما فمن لا يقوم بالتكوين الذاتي و لا البحث فهو سيجد صعوبات جمة في أداء مهامه.
بعد هذا النظرة المختصرة جدا على واقع تدريس اللغة الفرنسية في المدرسة الابتدائية لا بد من محاولة اقتراح بعض الحلول التي في نظرنا المتواضع تنطلق من الميدان ويمكن أجمالها في مايلي:
1 ) التدرج في تقديم مواضيع اللغة الفرنسية و التركيز على ضبط الحروف و انشاء جمل بسيطة واكتساب معجم قوي يمكن المتعلمين من القراءة ,حيث يكون التعليم الابتدائي مجرد مدخل لتدريس اللغة الفرنسية .
2) الانطلاق من بحوث ميدانية لوضع أي مقرر ومراعاة إمكانيات المدرسة المغربية من حيث الوسائل التعليمية ,
3) وضع مناهج خاصة بالأقسام المشتركة و الأقسام المتعددة المستويات . مع بذل جهود للحد من الظاهرة و القضاء عليها ان أمكن .
***
بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا
ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا