منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاتـه

أهلا وسهلا في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب نحن سعداء جدا في منتداك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمرار و الاستمتاع بالإقامة معنا و تفيدنا وتستفيد منا ونأمل منك التواصل معنا بإستمرار في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب و شكرا.

تحياتي

ادارة المنتدي

https://ouargla30.ahlamontada.com/
منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاتـه

أهلا وسهلا في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب نحن سعداء جدا في منتداك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمرار و الاستمتاع بالإقامة معنا و تفيدنا وتستفيد منا ونأمل منك التواصل معنا بإستمرار في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب و شكرا.

تحياتي

ادارة المنتدي

https://ouargla30.ahlamontada.com/


منتدى علمي ثقافي تربوي ديني رياضي ترفيهي
 
الرئيسيةالبوابة*الأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى ، فيرجى التكرم بزيارةصفحة التعليمـات، بالضغط هنا .كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيعو الإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب .

التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
فقدت كلمة المرور
البحث فى المنتدى

منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب :: °ღ°╣●╠°ღ°.. المنتديات الإسلامية ..°ღ°╣●╠°ღ° :: القسم القرآن الكريم

شاطر
التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)  Emptyالجمعة 25 يناير - 21:54
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو الجوهرة
الرتبه:
عضو الجوهرة
الصورة الرمزية


البيانات
عدد المساهمات : 17945
تاريخ التسجيل : 17/10/2012
رابطة موقعك : ورقلة
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)



التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)

التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)
وهذا المبحث فيه ثلاثة مطالب حاصرة –إن شاء الله – لطعونهم أو على أقل تقدير تضمنت هذه المطالب أبرز الطعون التى وجهت إلى مصدر القرآن ، بهدف التشكيك فى نسبته إلى الحق سبحانه وتعالى ، وتفصيل ذلك فيما يلى :
المطلب الأول: دعواهم أن القرآن من عند النبي محمد ( :

هذا الطعن من أقدم الطعون وقد ذكر في القرآن كما في قوله سبحانه : ( وَإِذَا بَدَّلْنَا ءايَةً مَكَانَ ءايَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( [النحل:101] أي أنك متقول على الله تعالى(176).
وكما قال سبحانه:
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ ... ( [الفرقان:4].
( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُون ( [السجدة:3].
( أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ( [سبأ:8] ،
( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ( [سبأ:43].
ومجمل أقوال المستشرقين وغيرهم من الطاعنين في الوحي الذي يوحى إليه (؛أن هذا القرآن إنما هو:
1-إلهام سمعي.
2-تأثير انفعالات عاطفية.
3-لأسباب طبيعية عادية كباعثة النوم (التنويم الذاتي).
4-تجربة ذهنية فكرية.
5-حالة كحالة الكهنة والمنجمين.
6-حالة صرع وهستيريا(177).

-الرد على هذه الدعوى:-
1- بداية ؛ فقد فَصَلَ الله تعالى هذه القضية بقوله Sad وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَبِّ الْعَالَمِينَ ( [يونس:37].
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية : ( هذا بيان لإعجاز القرآن ، وأنه لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله ، ولا بعشر سور ولا بسورة من مثله ، لأنه بفصاحته وبلاغته ووجازته وحلاوته واشتماله على المعاني الغزيرة النافعة في الدنيا والآخرة ، لا يكون إلا من عند الله، الذي لا يشبهه شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وأقواله ، فكلامه لا يشبه كلام المخلوقين ؛ ولهذا قال تعالى : ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ( أي مثل هذا القرآن لا يكون إلا من عند الله ، ولا يشبه هذا كلام البشر ( ولكن تصديق الذي بين يديه ( أي من الكتب المتقدمة ، ومهيمنا عليه ومبينا لما وقع فيها من التحريف والتأويل والتبديل ، وقوله : ( وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ( أي وبيان الأحكام والحلال والحرام بيانا شافيا كافيا ،حقا لا مرية فيه من الله رب العالمين ، كما في حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب : (فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بينكم) أي خبر عما سلف وعما سيأتي وحكم فيما بين الناس بالشرع الذي يحبه الله ويرضاه)(178).
(لقد علم الناس أجمعون - علماً لا يخالطه شك - أن هذا الكتاب العزيز جاء على لسان رجل عربي أمي ، ولد بمكة في القرن السادس الميلادي ، اسمه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، صلوات الله و سلامه عليه و على آله .. هذا القدر لا خلاف فيه بين مؤمن وملحد؛ لأن شهادة التاريخ المتواتر به لا يماثلها و لا يدانيها شهادته لكتاب غيره ولا لحادث غيره ظهر على وجه الأرض .
أما بعد ؛ فمن أين جاء به محمد بن عبد الله ( ؟
أَمنْ عند نفسه و من وحي ضميره ، أم من معلم ؟ و مَن هو ذلك المعلم ؟
نقرأ في هذا الكتاب أنه ليس من عمل صاحبه ، و إنما هو قول رسول كريم ، ذي قوة عند ذي العرش مكين ، مطاع ثَمَّ أمين : ذلكم هو جبريل عليه السلام ، تلقاه من لدن حكيم عليم ، ثم نزله بلسان عربي مبين على قلب محمد ( ، فتلقنه محمد منه كما يتلقن التلميذ عن أستاذه نصاً من النصوص ، و لم يكن له فيه من عمل بعد ذلك إلا :
1) الوعي و الحفظ ، ثم
2) الحكاية والتبليغ ، ثم
3) البيان والتفسير ، ثم
4) التطبيق و التنفيذ .
أما ابتكار معانيه و صياغة مبانيه فما هو منها بسبيل ، و ليس له من أمرهما شيء ، إن هو إلا وحيٌ يوحى .
هكذا سماه القرآن حيث يقول : ( و إذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها ، قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي ( [الأعراف: 203] ، و يقول Sad قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ، إن اتبع إلا ما يوحى إلي ( [يونس: 15 ] و أمثال هذه النصوص كثيرة في شأن إيحاء المعاني .
ثم يقول في شأن الإيحاء اللفظي : ( إنا أنزلناه قرآناً عربياً ( [يوسف : 2 ] ، ( سنقرئك فلا تنسى ( [ الأعلى : 6] ، ( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه و قرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علينا بيانه ( [القيامة :16 –19 ] ، ( اقرأ ) ( [العلق :1] ، ( و اتل ( [الكهف : 27 ] ، ( و رتل ( [المزمل: 4 ] فانظر كيف عبر بالقرآن بالقراءة و الإقراء ، و التلاوة و الترتيل ، و تحريك اللسان ، و كون الكلام عربياً ، و كل أولئك من عوارض الألفاظ لا المعاني البحتة .
القرآن إذاً صريح في أنه "لا صنعة فيه لمحمد ( ، و لا لأحد من الخلق ، و إنما هو منـزل من عند الله بلفظه و معناه" ،
و العجب أن يبقى بعض الناس في حاجة إلى الاستدلال على الشطر الأول من هذه المسألة ، و هو أنه ليس من عند محمد ( )(179) .

2- لو كان القرآن من تأليف النبي ( ، لاستطاع العرب أن يأتوا بمثله ،مع حرصهم الشديد على معارضته ، لكن النبي (كان يتحداهم دائما ويكرره عليهم كثيرا ، ومع هذا لم يطق أحد منهم معارضته، ولا يقال :إن النبي ( بلغ من العبقرية مبلغا ،بحيث لم يستطع أحد أن يأتي بمثل ما قال . لأنه يمكن للمخالفين أن يجتمعوا فيألفوا قرآنا ، ومن المعلوم أن الجماعة تبدع وتبتكر أكثر من الإنسان الواحد .
فلو اجتمع مائة شاعر مثلا لتأليف قصيدة ؛ لكانت في جمالها وقوتها وسبكها أفضل بمراحل من شاعر واحد ألف قصيدة ، مهما بلغ هذا الشاعر من البلاغة والبيان(180)، فإذا كان آحاد المشركين لم يستطيعوا معارضة القرآن؛ فلماذا لم يجتمعوا لمعارضته ؟ ولكن هيهات ؛ فإنه لو اجتمعت قريش والعرب وأهل الأرض قاطبة ، بل والجن ما كانوا لهم أن يأتوا بمثل آية منه ( قُل لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ( [الإسراء:88].

3- (تبرؤ محمد(من نسبة القرآن إليه ليس ادعاء يحتاج بينة ،بل هو إقرار يؤخذ به صاحبه ؛
في الحقيقة إن هذه القضية لو وجدت قاضياً يقضي بالعدل ، لاكتفى بسماع هذه الشهادة التي جاءت بلسان صاحبها على نفسه ، ولم يطلب وراءها شهادة شاهد آخر من العقل أو النقل ، ذلك أنها ليست من جنس ( الدعاوى ) فتحتاج إلى بينه ، و إنمـا هي من نـوع ( الإقرار ) الذي يؤخذ به صاحبه ، و لا يتوقف صديق و لا عدو في قبوله منه ، أي مصلحة للعاقل الذي يدعي لنفسه حق الزعامة ،ويتحدى الناس بالأعاجيب والمعجزات لتأييد تلك الزعامة ، نقول أي مصلحة له في أن ينسب بضاعته لغيره ، و ينسلخ منها انسلاخاً ؟ على حين أنه كان يستطيع أن ينتحلها فيزداد بها رفعة و فخامة شأن ، و لو انتحلها لما وجد من البشر أحداً يعارضه و يزعمها لنفسه .
الذي نعرفه أن كثيراً من الأدباء يسطون على آثار غيرهم ،فيسرقونها أو يسرقون منها ما خف حمله و غلت قيمته و أُمنت تهمته ، حتى إن منهم من ينبش قبور الموتى ،و يلبس من أكفانهم و يخرج على قومه في زينة من تلك الأبواب المستعارة ؛ أمَّا أن أحداً ينسب لغيره أنفس آثار عقله ، وأغلى ما تجود به قريحته فهذا ما لم يلده الدهر بعد )(181) .

4- (لا أدل على أن الوحي القرآني خارج عن الذات المحمدية من مخالفة القرآن في عدة مواطن لرأيه الشخصي ولطبعه الخاص)(182)ومعاتبته على أخطائه :
مثل قوله تعالى : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لولا كتاب من الله سبق لمسكم في ما أخذتم عذاب عظيم ( [الأنفال :67]
عن ابْنَ عَبَّاسٍ قالُ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ :لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ،فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ( الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ...-الحديث وفيه- : فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ :« مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى ؟ » فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً؛ فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ » ،قُلْتُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ ،أَعْنَاقَهُمْ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عُقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ –نَسِيبًا لِعُمَرَ- فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ؛فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا .
فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ ( مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ ،فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ( وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ قُلْتُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ ،فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ ،وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ »شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ (، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ( إِلَى قَوْلِهِ : ( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا (فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ (183).
(وتأمل آية الأنفال المذكورة ، تجد فيها ظاهرة عجيبة ؛ فإنها لم تنزل إلا بعد إطلاق أسارى بدر وقبول الفداء منهم ، وقد بُدئت بالتخطئة والاستنكار لهذه الفعلة ، ثم لم تلبث أن ختمت بإقرارها وتطيب النفوس بها ، بل صارت هذه السابقة التي وقع التأنيب عليها هي القاعدة لما جاء بعدها(184) . فهل الحال النفسية التي يصدر عنها أول الكلام – لو كان عن النفس مصدره – يمكن أن يصدر عنها آخره , ولما تمض بينهما فترة تفصل بين زمجرة الغضب و الندم و بين ابتسامة الرضا و الاستحسان ؟ كلا ، و إن هذين الخاطرين لو فرض صدورهما عن النفس متعاقبين , لكان الثاني منهما إضراباً عن الأول ماحياً له ، و لرجع آخر الفكر وفقاً لما جرى به العمل . فأي داعٍ دعا إلى تصوير ذلك الخاطر الممحو و تسجيله ، على ما فيه من تقريع علني بغير حق ، و تنغيص لهذه الطُعمة(185) التي يراد جعلها حلالاً طيباً ؟ إن الذي يفهمه علماء النفس من قراءة هذا النص أن هاهنا ألبتة شخصيتين منفصلتين ، و أن هذا صوت سيد يقول لعبده : لقد أسأتَ و لكني عفوت عنك و أذنت لك )(186).
ومثل هذا قوله تعالى : ( عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ([التوبة:43]،
وقوله سبحانه : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ...([الأحزاب:37]،
عَنْ مَسْرُوقٍ -رحمه الله- قَالَ : «كُنتُ مُتَّكِئًا عِندَ عَائِشَةَ .... قَالَتْ :وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ , فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ , وَاللَّهُ يَقُولُ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ( وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ ( كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ (
قَالَتْ : وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ , فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ , وَاللَّهُ يَقُولُ : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ((187).
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ :جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِيُّ ( يَقُولُ :اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ، قَالَ أَنَسٌ : لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ . قَالَ : فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ( تَقُولُ :زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ )(188).
يقول الدكتور محمد عبدالله دراز -رحمه الله- وهو يتكلم عن أدلة صدق النبي ( ، فذكر أن من الأدلة على ذلك :
(مخالفة القرآن لطبع الرسول ، و عتابه الشديد له في المسائل المباحة ، وأخرى كان يجيئه القول فيها على غير ما يحبه ويهواه ؛ فيخطئه في الرأي يراه ، ويأذن له في الشيء لا يميل إليه , فإذا تلبث فيه يسيراً تلقاه القرآن بالتعنيف الشديد ، و العتاب القاسي ، و النقد المر ، حتى في أقل الأشياء خطراً : ( يا أيها النبي لما تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ( [التحريم:1]
( و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه ( [ الأحزاب : 37 ] .
( عفى الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين ( [التوبة : 43 ] .
(ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ( [ التوبة : 113] .
(ما كان لنبيٍ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة و الله عزيزٌ حكيم ، لولا كتابٌ من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ( [الأنفال:6-68] .
عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى ، وما عليك ألا يزكى و أما من جاءك يسعى و هو يخشى فأنت عنه تلهى ، كلا ( [ عبس :5-10 ] .
هناك آيات آخرى تدل على ما قال منها قوله تعالى (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا(74)إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا(75)[الإسراء:74-75]
وقوله(يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ..)[المائدة:67].
وقوله (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ(44)لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46)فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47)[الحاقة:44-47].
أرأيت لو كان هذه التقريعات المؤلمة صادرة عن وجدانه ، معبرة عن ندمه ووخز ضميره حين بدا له خلاف ما فرط من رأيه ؛ أكان يعلنها عن نفسه بهذا التهويل والتشنيع ؟ ألم يكن له في السكوت عنها ستر على نفسه ، و استبقاء لحرمة آرائه ؟ بل إن هذا القرآن لو كان يفيض عن وجدانه , لكان يستطيع عند الحاجة أن يكتم شيئاً من ذلك الوجدان ،و لو كان كاتماً شيئاً لكتم أمثال هذه الآيات ، و لكنه الوحي لا يستطيع كتمانه ( وما هو على الغيب بضنين ( [ سورة التكوير الآية : 24 ])(189) .
وقد أقر بهذا الدليل بعض المستشرقين ، مثل المستشرق (ليتنر) حيث قال Sadمرة أوحى الله إلى النبي ( وحيا شديد المؤاخذة ؛ لأنه أدار وجهه عن رجل فقير أعمى , ليخاطب رجلا غنيا من ذوي النفوذ، وقد نشر ذاك الوحي، فلو كان محمد كاذبا -كما يقول أغبياء النصارى بحقه - لما كان لذلك الوحي من وجود)(190).
5-موقف الرسول ( من النص القرآني موقف المفسر الذي يتلمس الدلالات ، و يأخذ بأرفق احتمالاتها :
(وأنت لو نظرت في هذه الذنوب التي وقع العتاب عليها , لوجدتها تنحصر في شيء واحد ، و هو أنه ( كان إذا ترجح بين أمرين ولم يجد فيهما إثماً , اختار أقربهما إلى رحمة أهله و هداية قومه و تأليف خصمه ، و أبعدهما عن الغلظة و الجفاء ، و عن إثارة الشبه في دين الله . لم يكن بين يديه نص فخالفه كفاحاً ، أو جاوزه خطأ و نسياناً ، بل كل ذنبه أنه مجتهد بذل وسعه في النظر ، و رأى نفسه مخيراً فتخير . هَبْهُ مجتهداً أخطأ باختيار خلاف الأفضل ، أليس معذوراً و مأجوراً ؟ على أن الذي اختاره كان هو خير ما يختاره ذو حكمه بشرية و إنما نبهه القرآن إلى ما هو أرجح في ميزان الحكمة الإلهية ، هل ترى في ذلك ذنباً يستوجب عند العقل هذا التأنيب و التثريب ؟ أم هو مقام الربوبية و مقام العبودية ، و سنة العروج بالحبيب في معارج التعليم و التأديب ؟ .
توفي عبد الله بن أُبي كبير المنافقين ، فكفنه النبي في ثوبه و أراد أن يستغفر له و يصلي عليه ، فقال عمر رضي الله عنه : أتصلي عليه و قد نهاك ربك ؟ فقال ( : إنما خيرني ربي فقال (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة ( [ التوبة : 80] و سأزيده على السبعين ،وصلى عليه ، فأنزل الله تعالى : ( و لا تصل على أحدٍ منهم مات أبداً و لا تقم على قبره ([التوبة:84] فترك الصلاة عليهم)(191)؛ اقرأ هذه القصة الثابتة برواية الصحيحين , و انظر ماذا ترى ؟ إنها لتمثل لك نفس هذا العبد الخاضع , و قد اتخذ من القرآن دستوراً يستملي أحكامه من نصوصه الحرفية ، و تمثل لك قلب هذا البشر الرحيم وقد آنس من ظاهر النص الأول تخييراً له بين طريقين , فسرعان ما سلك أقربهما إلى الكرم والرحمة , ولم يلجأ إلى الطريق الآخر إلا بعد ما جاءه النص الصريح بالمنع . و هكذا كلما درست مواقف الرسول من القرآن في هذه المواطن أو غيرها , تجلى لك فيه معنى العبودية الخاضعة , و معنى البشرية الرحيمة الرقيقة ؛ و تجلى لك في مقابل ذلك من جانب القرآن معنى القوة التي لا تتحكم فيها البواعث و الأغراض , بل تصدع بالبيان فرقاناً بين الحق و الباطل ، و ميزاناً للخبيث و الطيب ، أحب الناس أم كرهوا ، رضوا أم سخطوا ، آمنوا أم كفروا ، إذ لا تزيدها طاعة الطائعين و لا تنقصها معصية العاصين ، فترى بين المقامين ما بينهما ، وشتان ما بين سيد ومسود ، وعابد ومعبود )(192).
6- نسبة محمد ( القرآن إلى الله لا تكون احتيالاً منه لبسط نفوذه ، و إلا لِمَ لَمْ ينسب أقواله كلها إلى الله(193) .
(و لو أننا افترضناه افتراضاً لما عرفنا له تعليلاً معقولاً و لا شبه معقول , اللهم إلا شيئاً واحداً قد يحيك في صدر الجاهل ، وهو أن يكون هذا الزعيم قد رأى أن في ( نسبته القرآن إلى الوحي الإلهي ) ما يعينه على استصلاح الناس باستيجاب طاعته عليهم , و نفاذ أمره فيهم ؛ لأن تلك النسبة تجعل لقوله من الحرمة و التعظيم ما لا يكون له لو نسبه إلى نفسه .
و هذا قياس فاسد في ذاته ، فاسد في أساسه ؛
وقد قدمنا أن النبي ( شهد بصدقه الصديق والعدو، وشهد بصدقه من عاشره ومن رآه لأول وهلة ، ومن سمع به وبأخباره.
ونزيد على ما سبق شهادة أكبر المعاندين في قريش , ورأس الكفر , وفرعون هذه الأمة أبو جهل فعن علي رضي الله عنه أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ ( : إِنَّا لَا نُكَذِّبُكَ وَلَكِنْ نُكَذِّبُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ((194).
7- (في بعض المواقف تكون حاجة النبي ( للقرآن شديدة ،بل لقد كانت تنزل به نوازل من شأنها أن تحفزه إلى القول ، و كانت حاجته القصوى تلح عليه أن يتكلم ، بحيث لو كان الأمر إليه لوجد له مقالاً و مجالاً ، و لكنه كانت تمضي الليالي و الأيام تتبعها الليالي و الأيام, ولا يجد في شأنها قرآناً يقرؤه على الناس ؛ ومع هذا لم يتقوله ولم ينزل عليه شيء)(195) ، مما يدلك على صدقه؛ إذ الكاذب لا يتأخر في افتراء الكذب عند الحاجة الماسة إليه، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
أ-عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث , وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة , فقالوا لهم :سلوهم عن محمد , وصفوا لهما صفته , وأخبروهم بقوله ؛ فإنهم أهل الكتاب الأول , وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء ،فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله ( , ووصفوا لهم أمره وبعض قوله وقالا: إنكم أهل التوراة , وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا . قال: فقالوا لهم :سلوه عن ثلاث نأمركم بهن , فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإلا فرجل متقول فتروا فيه رأيكم؛ سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم , فإنهم قد كان لهم حديث عجب ، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ،وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه , وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم . فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش , فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد , قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور . فأخبروهم بها فجاءوا رسول الله ( , فقالوا: يا محمد أخبرنا فسألوه عما أمروهم به , فقال لهم رسول الله ( :« أخبركم غدا عما سألتم عنه » ولم يستثن فانصرفوا عنه ومكث رسول الله ( خمس عشرة ليلة , لا يُحْدِثُ الله له في ذلك وحيًا, ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام حتى أرجف أهل مكة , وقالوا: وعدنا محمد غدًا , واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه ،وحتى أحزن رسولَ الله ( مُكْثُ الوحي عنه, وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ،ثم جاءه جبرائيل- عليه السلام - من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف , فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم , وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية , والرجل الطواف , وقول الله عز وجل ( ويسألونك عن الروح قل الروح ( الآية(196) .
ب- فترة الوحي في حادث الإفك(197) :
(ألم يرجف المنافقون بحديث الإفك عن زوجه -عائشة رضي الله- عنها و أبطأ الوحي ، و طال الأمر و الناس يخوضون ، حتى بلغت القلوب الحناجر , و هو لا يستطيع إلا أن يقول بكل تحفظ و احتراس : « إني لا أعلم عنها إلا خيراً » . ثم إنه بعد بذل جهده في التحري و السؤال و استشارة الأصحاب ، و مضى شهر بأكمله , والكل يقولون ما علمنا عليها من سوء ، لم يزد على أن قال لها آخر الأمر : « يا عائشة أما إنه بلغني كذا و كذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله » .
هذا كلامه بوحي ضميره ، و هو كما ترى كلام البشر الذي لا يعلم الغيب ، و كلام الصدّيق المتثبت الذي لا يظن و لا يقول ما ليس له به علم ، على أنه لم يغادر مكانه بعد أن قال هذه الكلمات حتى نزل صدر سورة النور معلناً براءتها ، و مصدراً الحكم المبرم بشرفها و طهارتها .
فماذا كان يمنعه – لو أن أمر القرآن إليه – أن يتقول هذه الكلمات الحاسمة من قبل ؛ ليحمي بها عرضه , و يذب بها عن عرينه , و ينسبها إلى الوحي السماوي , لتنقطع ألسنة المتخرصين ؟ و لكنه ما كان ليذر الكذب على الناس و يكذب على الله ( و لو تقول علينا بعض الأقاويل ، لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين ( [ سورة الحاقة الآيات : 44- 47 ] (198).
ج-لقد كان النبي ( يتحرق شوقا إلى تحويل القبلة إلى الكعبة ،وظل يقلب وجهه في السماء ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا , لعل الوحي ينزل عليه بتحويل القبلة إلى البيت الحرام , ولكن رب القرآن لم ينزل في هذا التحويل قرآنا ,على الرغم من تلهف رسوله الكريم إليه إلا بعد قرابة عام ونصف العام(199) .
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ( قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ )فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ...)(200).
ولو كان الوحي من تأليف النبي ( , لما تأخر كل هذه المدة لشيء يحبه ويشتهيه ويتشوف إليه ويتحرق شوقا له ، ولكنه وحي الله ولا ينزل إلا بأمر الله وإذنه.

8-توقف الرسول ( أحياناً في فهم مغزى النص حتى يأتيه البيان :
(لقد كان يجيئه الأمر أحياناً بالقول المجمل , أو الأمر المشكل الذي لا يستبين هو و لا أصحابه تأويله , حتى ينزل الله عليهم بيانه بعد . قل لي بربك : أي عاقل توحي إليه نفسه كلاماً لا يفهم هو معناه ، و تأمره أمراً لا يعقل هو حكمته ؟ .
أليس ذلك من الأدلة الواضحة على أنه ناقل لا قائل ، و أنه مأمور لا آمر ؟ .
وإليك بعض هذه الأمثلة:
-المثال الأول : موقفه في قضية المحاسبة على النيات:
نزل قوله تعالى Sad و إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ( [ البقرة: 284 ] فأزعجت الصحابة إزعاجاً شديداً ، و داخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء آخر ؛ لأنهم فهموا منها أنهم سيحاسبون على كل شيء حتى حركات القلوب و خطراتها ؛فقالوا : يارسول الله أنزلت علينا هذه الآية و لا نطيقها ، فقال لهم النبي ( :« أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا و عصينا ؟ بل قولوا : سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير » فجعلوا يتضرعون بهذه الدعوات حتى أنزل الله بيانها بقوله : ( لا يكلف الله نفساً إلى وسعها ( إلى آخر السورة المذكورة(201) ، و هنالك علموا أنهم إنما يحاسبون على ما يطيقون من شأن القلوب , وهو ما كان من النيات المكسوبة و العزائم المستقرة ، لا من الخواطر و الأماني الجارية على النفس بغير اختيار .
و موضع الشاهد منه أن النبي ( لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم و هم في أشد الحاجة إليه ، و لم يكن ليتركهم لهذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم و هو بهم رؤوفٌ رحيم ، و لكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها ، و لأمر ما أخر الله عنهم هذا البيان ، و لأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى: ( ثم إن علينا بيانه ( [القيامة: 19] .
المثال الثاني : مسلكه في قضية الحديبية :
اقرأ في صحيح البخاري(202) وغيره قضية الحديبية ، ففيها آية بينة : أذن الله للمؤمنين أن يقاتلوا من يعتدي عليهم أينما وجدوه ، غير ألا يقاتلوا في الحرم من لم يقاتلهم فيه نفسه،فقال تعالى Sad وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ([ البقرة : 190 ] فلما أجمعوا زيارة البيت الحرام في ذلك العام و هو العام السادس من الهجرة أخذوا أسلحتهم حذراً أن يقاتلهم أحد فيدافعوا عن أنفسهم الدفاع المشروع . و لما أشرفوا على حدود الحرم علموا أن قريشاً قد جمعت جموعها على مقربة منهم , فلم يثن ذلك من عزمهم ؛ لأنهم كانوا على تمام الأُهبة ، بل زادهم ذلك استبسالاً وصمموا على المضي إلى البيت , فمن صدهم عنه قاتلوه ، وكانت قريش قد نهكتها الحروب , فكانت البواعث كلها متضافرة و الفرصة سانحة للالتحام في موقعة فاصلة يتمكن فيها الحق من الباطل فيدمغه . و إنهم لسائرون عند الحديبية إذ بَرَكت راحلة النبي ( و أخذ أصحابه يثيرونها إلى جهة الحرم فلا تثور ، فقالوا : خلأت القصواء – أي حرنت الناقة – فقال النبي ( :« ما خلأت القصواء ، و ما ذاك لها بخلق ، و لكن حبسها حابس الفيل » يعني أن الله الذي اعتقل الفيل و منع أصحابه من دخول مكة محاربين, هو الذي اعتقل هذه الناقة ومنع جيش المسلمين من دخولها الآن عنوة . وهكذا أيقن أن الله تعالى لم يأذن لهم في هذا العام بدخول مكة مقاتلين ، لا بادئين ولا مكافئين ، و زجر الناقة فثارت إلى ناحية أخرى , فنزل بأصحابه في أقصى الحديبية ، و عدل بهم عن متابعة السير امتثالاً لهذه الإشارة الإلهية , التي لا يعلم حكمتها ، و أخذ يسعى لدخول مكة من طريق الصلح مع قريش قائلاً : « و الذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها » و لكن قريشاً أبت أن يدخلها في هذا العام لا محارباً و لا مسالماً، وأملت عليه شروطاً قاسية بأن يرجع من عامه ، و أن يرد كل رجل يجيئه من مكة مسالماً، وألا ترد هي أحداً يجيئها من المدينة تاركاً لدينه ، فقبل تلك الشروط التي لم يكن ليمليها مثل قريش في ضعفها على مثل المؤمنين في قوتهم ، و أمر أصحابه بالتحلل من عمرتهم و بالعودة من حيث جاءوا . فلا تسل عما كان لهذا الصلح من الوقع السيء في نفوس المسلمين ، حتى إنهم لما جعلوا يحلقون بعضهم لبعض كاد يقتل بعضهم بعضاً ذهولاً و غماً ، وكادت تزيغ قلوب فريق من كبار الصحابة فأخذوا يتساءلون فيما بينهم و يراجعونه هو نفسه قائلين : لِمَ نعطي الدنية في ديننا ؟ و هكذا كاد الجيش يتمرد على إمرة قائده و يفلت حبله من يده . أفلم يكن من الطبيعي إذ ذاك لو كان هذا القائد هو الذي وضع هذه الخطة بنفسه أو اشترك في وضعها أو وقف على أسرارها أن يبين لكبار الصحابة , حكمة هذه التصرفات التي فوق العقول، حتى يطفئ نار الفتنة قبل أن يتطاير شررها ؟
و لكن انظر كيف كان جوابه حين راجعه عمر : ( إني رسول الله ، و لست أعصيه ، و هو ناصري ) يقول : إنما أنا عبد مأمور ليس لي من الأمر شيء إلا أن انفذ أمر مولاي واثقاً بنصره قريباً أو بعيداً
و هكذا ساروا راجعين و هم لا يدرون تأويل هذا الإشكال حتى نزلت سورة الفتح , فبينت لهم الحكم الباهرة و البشارات الصادقة فإذا الذي ظنوه ضيماً و إجحافاً في بادئ الرأي كان هو النصر المبين و الفتح الأكبر و أين تدبير البشر من تدبير القدر ؛ ( وهو الذي كف أيديهم عنكم و أيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم و كان الله بما تعملون بصيراً ، هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام و الهدي معكوفاً أن يبلغ محله و لولا رجالٌ مؤمنون و نساءٌ مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرةٌ بغير علمٍ ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها و أهلها و كان الله بكل شيءٍ عليماً لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخُلُن المسجد الحرام أن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم و مقصرين لا تخافون فعلِم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً ( [ سورة الفتح الآيات : 24-27 ])(203) .
9-إخباره في هذا الكتاب بأمور تحصل بعد موته وعلوم لم تكن في عصره, وقد قيل : يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت ، ويمكن أن تخدع بعض الناس كل الوقت ، ولكن لا يمكن أن تخدع كل الناس كل الوقت ،
قالت بوتر(204) : (كيف استطاع محمد ( الرجل الأمي, الذي نشأ في بيئة جاهلية أن يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم ،والتي لا يزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها ؟ لابد إذن أن يكون هذا الكلام هو كلام الله عز وجل )(205.
10-منهجه في كيفية تلقي النص أول عهده بالوحي(206) :
(ولقد كان حين ينزل عليه القرآن في أول عهده بالوحي يتلقفه متعجلاً ,فيحرك به لسانه وشفتيه طلباً لحفظه ، وخشية ضياعه من صدره ، ولم يكن ذلك معروفاً من عادته في تحضير كلامه ، لا قبل دعواه النبوة و لا بعدها ، و لا كان ذلك من عادة العرب ، إنما كانوا يزورون كلامهم في أنفسهم ، فلو كان القرآن منبجساً من معين نفسه لجرى على سنة كلامه و كلامهم ولكان له من الروية و الأناة الصامتة ما يكفل له حاجته ؛ من إنضاج الرأي , و تمحيص الفكرة ، و لكنه كان يرى نفسه أمام تعليم يفاجئه وقتياً و يلم به سريعاً ، بحيث لا تجدي الروية شيئاً في اجتلابه لو طلب ، و لا في تداركه و استذكاره لو ضاع منه شيء ,و كان عليه أن يعيد كل ما يلقى إليه حرفياً ، فكان لابد له في أول عهده بتلك الحال الجديدة التي لم يألفها من نفسه, أن يكون شديد الحرص على المتابعة الحرفية ، حتى ضمن الله له حفظه و بيانه بقوله : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ( الآيات [القيامة: 16 ] ، و قوله : ( و لا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربي زدني علما ( [طه: 114 ] .
هذا طرفٌ من سيرته بإزاء القرآن ، وهي شواهد ناطقة بصدقه في أن القرآن لم يصدر عنه بل ورد إليه ، و أنه لم يفض عن قلبه بل أفيض عليه)(207) .
11-أليس يكفي للحكم ببراءة الإنسان من عمل من الأعمال , أن يقوم من الطبيعة شاهدٌ بعجزه المادي عن إنتاج ذلك العمل ؟ .
فلينظر العاقل : هل كان هذا النبي الأمي ( أهلاً بمقتضى وسائله العلمية , لأن تجيش نفسه بتلك المعاني القرآنية ؟.
سيقول الجهلاء من الملحدين : نعم . فقد كان له من ذكائه الفطري و بصيرته النافذة ما يؤهله لإدراك الحق و الباطل من الآراء , و الحسن القبيح من الأخلاق, و الخير والشر من الأفعال ، حتى لو أن شيئاً في السماء تناله الفراسة , أو تلهمه الفطرة , أو توحي به الفكرة, لتناوله محمد بفطرته السليمة و عقله الكامل و تأملاته الصادقة .
و نحن قد نؤمن بأكثر مما وصفوا من شمائله، و لكننا نسأل : هل كل ما في القرآن مما يستنبطه العقل و التفكير ، و مما يدركه الوجدان و الشعور ؟ اللهم كلا .
طبيعة المعاني القرآنية ليست كلها مما يدرك بالذكاء و صدق الفراسة فمن ذلك :
أ – أنباء الماضي لا سبيل إليها إلا بالتلقي و الدراسة :
ففي القرآن جانب كبير من المعاني النقلية البحتة , التي لا مجال فيها للذكاء و الاستنباط ،و لا سبيل إلى علمها لمن غاب عنها إلا بالدراسة و التلقي و التعلم ؛ ماذا يقولون فيما قصه علينا القرآن من أنباء ما قد سبق و ما فصله من تلك الأنباء على وجهه الصحيح كما وقع؟ أيقولون : إن التاريخ يمكن وضعه أيضاً بإعمال الفكر ودقة الفراسة ؟ أم يخرجون إلى المكابرة العظمى فيقولون إن محمداً قد عاصر تلك الأمم الخالية ، وتنقل فيها فشهد هذه الوقائع مع أهلها شهادة عيان ، أو أنه ورث كتب الأولين وعكف على دراستها حتى أصبح من الراسخين في علم دقائقها ؟ إنهم لا يسعهم أن يقولوا هذا و لا ذاك ، لأنهم معترفون مع العالم كله بأنه ( لم يكن من أولئك ولا من هؤلاء ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ( [ سورة آل عمران الآية : 44 ] ،( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم و هم يمكرون ( [ سورة يوسف الآية : 102 ] ، ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ( [ سورة القصص الآية : 44 ] ، ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب و لا تخُطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون ( [ سورة العنكبوت الآية : 48] ، ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت و لا قومك من قبل هذا ( [سورة هود الآية : 49 ] ، ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن و إن كنت من قبله لمن الغافلين ( [ سورة يوسف الآية : 3 ] .
لا نقول إن العلم بأسماء بعض الأنبياء والأمم الماضية , و بمجمل ما جرى من حوادث التدمير في ديار عاد و ثمود و طوفان نوح وأشباه ذلك لم يصل قط إلى الأميين ؛ فإن هذه النتف اليسيرة قلما تعزب عن أحد من أهل البدو أو الحضر ؛ لأنها مما توارثته الأجيال و سارت به الأمثال ،و إنما الشأن في تلك التفاصيل الدقيقة و الكنوز المدفونة في بطون الكتب , فذلك هو العلم النفيس الذي لم تنله يد الأميين , ولم يكن يعرفه إلا القليل من الدارسين ، و إنك لتجد الصحيح المفيد من هذه الأخبار محرراً في القرآن ، حتى الأرقام طبق الأرقام : فترى مثلاً في قصة نوح عليه السلام في القرآن أنه لبث في قومهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، و في سفر التكوين من التوراة أنه عاش تسعمائة وخمسين سنة ، و ترى في قصة أصحاب الكهف عند أهل الكتاب أنهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنة شمسية ، و في القرآن أنهم لبثوا في كهفهم ( ثلاثمائةٍ سنين و ازدادوا تسعاً ( [ سورة الكهف الآية :25] و هذه السنون التسع هي فرق ما بين عدد السنين الشمسية و القمرية ؛ قاله الزجاج يعني بتكميل الكسر .
فانظر إلى هذا الحساب الدقيق في أمة أميـة لا تكتب و لا تـحسب .
كَفَاكَ بِالْعِلْمِ فِي الأُمِّيَّ مُعْجِزَةًً فِي الجْاَهِلِيَّةِ و التَّأدِيبِ فِي اليُتْمِ
نعم إنها لعجيبة حقاً : رجل أمي بين أظهر قوم أميين ، يحضر مشاهدهم – في غير الباطل و الفجور – و يعيش معيشتهم مشغولاً برزق نفسه و زوجه و أولاده ، راعياً بالأجر ، لا صلة له بالعلم و العلماء ؛ يقضي في هذا المستوى أكثر من أربعين سنة من عمره ، ثم يطلع علينا فيما بين عشية و ضحاها , فيكلمنا بما لا عهد له به في سالف حياته , و بما لم يتحدث إلى أحد بحرف واحد منه قبل ذلك ،و يبدي لنا من أخبار تلك القرون الأولى ما أخفاه أهل العلم في دفاترهم و قماطرهم ؟ أفي مثل هذا يقول الجاهلون إنه استوحى عقله واستلهم ضميره ؟ أي منطق يسوغ أن يكون هذا الطور الجديد العملي نتيجة طبيعة لتلك الحياة الماضية الأمية ؟ إنه لا مناص في قضية العقل من أن يكون لهذا الانتقال الطفري سر آخر يُلتمس خارجاً عن حدود النفس و عن دائرة المعلومات القديمة ،و إن ملاحدة الجاهلية و هم أجلاف الأعراب في البادية كانوا في الجملة أصدق تعليلاً لهذه الظاهرة , و أقرب فهماً لهذا السر من ملاحدة هذا العصر ، إذ لم يقولوا كما قال هؤلاء إنه استقى هذه الأخبار من وحي نفسه ، بل قالوا : إنه لابد أن تكون قد أمليت عليه منذ يومئذ علوم جديدة ؛ فدرس منها ما لم يكن قد درس ، و تعلم ما لم يكن يعلم ( وكذلك نصرف الآيات و ليقولوا دَرَستَ ( [ سورة الأنعام الآية : 105 ] ، ( و قالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة و أصيلا ( [ سورة الفرقان الآية : 5 ].
و لقد صدقوا ؛ فإنه درسها ، و لكن على أستاذه الروح الأمين ،و اكتتبها ، و لكن من صحفٍ مكرمةٍ مرفوعةٍ مطهره ، بأيدي سفرةٍ كرامٍ برره ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عُمُراً من قبله أفلا تعقلون ([يونس:16] .
ذلك شأن ما في القرآن من الأنباء التاريخية ، لا جدال في أن سبيلها النقل لا العقل ، و أنها تجيء من خارج النفس لا من داخلها .
فهل ما في القرآن من المعاني غير التاريخية كانت حاضرة الوسائل و المقدمات في نظر العقل ؟
ذلك ما سيأتي نبأه بعد حين ،و لكننا نعجل لك الآن بمثالين من تلك المعاني نكتفي بذكرهما هنا عند إعادتهما بعد :
أحدهما : قسم العقائد الدينية .
و الثاني : قسم النبوءات الغيبية .
ب – الحقائق الدينية الغيبية لا سبيل للعقل إليها :
فأما أمر الدين فإن غاية ما يجتنيه العقل من ثمرات بحثه المستقل فيه ، بعد معاونة الفطرة السليمة له ، هو أن يعلم أن فوق هذا العالم إلهاً قاهراً دبره , و أنه لم يخلقه باطلاً ، بل وضعه على مقتضى الحكمة و العدالة ؛ فلابد أن يعيده كرةً أخرى لينال كل عامل جزاء عمله , إن خيراً و إن شراً .
هذا هو كل ما يناله العقل الكامل من أمر الدين ،و لكن القرآن لا يقف في جانبه عند هذه المرحلة ؛ بل نراه يشرح لنا حدود الإيمان مفصلة ، و يصف لنا بدء الخلق و نهايته ، و يصف الجنة و أنواع نعيمها ، و النار و ألوان عذابها ، كأنهما رأي عين ، حتى إنه ليحصي عدة الأبواب ، و عدة الملائكة الموكلة بتلك الأبواب ، فعلى أي نظرية عقلية بنيت هذه المعلومات الحسابية ، و تلك الأوصاف التحديدية ؟ إن ذلك ما لا يوحي به العقل البتة ، بل هو إما باطل فيكون من وحي الخيال و التخمين ، و إما حق فلا ينال إلا بالتعليم و التلقين ، لكنه الحق الذي شهدت به الكتب و استيقنه أهلها ( وما جعلنا عدتهم إلا فتنةً للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب و يزداد الذين آمنوا إيماناً ( [المدثر: 31 ] ، ( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان ( [الشورى: 52 ] ، ( ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ( [ص: 69 ] ، ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه من الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ([يونس: 37].
ج –أنباء المستقبل قد تستنبط بالمقايسة الظنية , و لكنها لا سبيل فيها لليقين إلا بالوحي الصادق:
و أما النبوءات الغيبية فهل تعرف كيف يحكم فيها ذو العقل الكامل ؟ إنه يتخذ من تجاربه الماضية مصباحاً يكشف على ضوئه بضع خطوات من مجرى الحوادث المقبلة ، جاعلاً الشاهد من هذه مقياساً للغائب من تلك ، ثم يصدر فيها حكماً محاطاً بكل تحفظ و حذر ، قائلاً : ( ذلك ما تقضي به طبيعة الحوادث لو سارت الأمور على طبيعتها , ولم يقع ما ليس في الحسبان). أما أن يبت الحكم بتاً , و يحدده تحديداً حتى فيما لا تدل عليه مقدمة من المقدمات العلمية ، و لا تلوح منه أمارة من الأمارات الظنية العادية ، فذلك ما لا يفعله إلا أحد رجلين:
إما رجل مجازف لا يبالي أن يقول الناس فيه صدق أو كذب ، و ذلك هو دأب جهلاء المتنبئين من العرافين و المنجمين .
و إما رجل اتخذ عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده ، و تلك هي سنة الأنبياء و المرسلين ، و لا ثالث لهما إلا رجلاً روى أخباره عن واحد منهما .
فأي الرجلين تراه في صاحب هذا القرآن حينما يجيء على لسانه الخبر الجازم بما سيقع بعد عام و ما سيقع في أعوام ، و ما سيكون أبد الدهر ، و ما لن يكون أبد الدهر ؟ ذلك و هو لم يتعاط علم المعرفة و التنجيم , و لا كانت أخلاقه كأخلاقهم تمثل الدعوى و التقحم ، و لا كانت أخباره كأخبارهم خليطاً من الصدق و الكذب ، و الصواب و الخطأ . بل كان مع براءته من علم الغيب و قعوده عن طلبه و تكلفه ، يجيئه عفواً ما تعجز صروف الدهر و تقلباته في الأحقاب المتطاولة أن تنقض حرفاً واحداً مما ينبئ به ( و إنه لكتابٌ عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميد ( [فصلت: 41-42 ] .





أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : manel


التوقيع



التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)  Emptyالجمعة 25 يناير - 21:55
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو الجوهرة
الرتبه:
عضو الجوهرة
الصورة الرمزية


البيانات
عدد المساهمات : 17945
تاريخ التسجيل : 17/10/2012
رابطة موقعك : ورقلة
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)



التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)

و لنسرد لك هاهنا بعض النبوءات القرآنية مع بيان شيء من ملابساتها التاريخية ؛ لترى هل كانت مقدماتها القريبة أو البعيدة حاضرة فتكون تلك النبوءات من جنس ما توحي به الفراسة و الألمعية ؟
مثال ذلك :
-ما جاء في بيان أن هذا الدين قد كتب الله له البقاء و الخلود ، و أن هذا القرآن قد ضمن الله حفظه و صيانته ( كذلك يضرب الله الحق و الباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ( [الرعد: 17 ] ،(ألم ترَ كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً أصلها ثابتٌ و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها ( [إبراهيم:24-25]، ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ( [الحجر: 9 ] . أتعلم متى و أين صدرت هذه البشارات المؤكدة ، بل العهود الوثيقة ؟ إنها آيات مكية من سور مكية ، و أنت قد تعرف ما أمر الدعوة المحمدية في مكة ؟ عشر سنوات كلها إعراض من قومه عن الاستماع لقرآن ، و صد لغيرهم عن الإصغاء له ، و اضطهاد و تعذيب لتلك الفئة القليلة التي آمنت به ، ثم مقاطعة له و لعشيرته و محاصرتهم مدة غير يسيرة في شِعب من شِعاب مكة ، ثم مؤامرات سرية أو علنية على قتله أو نفيه ، فهل للمرء أن يلمح في ثنايا هذا الليل الحالك , الذي طوله عشرة أعوام ، شعاعاً و لو ضئيلاً من الرجاء أن يتنفس صبحه عن الإذن لهؤلاء المظلومين برفع صوتهم و إعلان دعوتهم ؟
و لو شام المصلح تلك البارقة من الأمل في جوانب نفسه من طبيعة دعوته ، لا في أفق الحوادث ، فهل يتفق له في مثل هذه الظروف أن يربوا في نفسه الأمل حتى يصير حكماً قاطعاً ؟ و هَبْهُ امتلأ رجاء بظهور دعوته في حياته ما دام يتعهدها بنفسه ، فمن يتكفل له بعد موته ببقاء هذه الدعوة و حمايتها وسط أمواج المستقبل العاتية ؟ و كيف يجيئه اليقين في ذلك , و هو يعلم من عبر الزمان ما يفت في عضد هذا اليقين ؟ فكم من مصلح صرخ بصيحات الإصلاح , فما لبثت أصواته أن ذهبت أدراج الرياح ! و كم من مدينة قامت في التاريخ ثم عفت و درست آثارها ! و كم من نبي قتل ! و كم من كتابٍ فقد أو انتقص أو بدل ! وهل كان محمد ( ممن تستخفه الآمال فيجري مع الخيال ؟ إنه ما كان قبل نبوته يطمع في أن يكون نبياً يوحى إليه ( وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمةً من ربك ( [القصص :86] و لا كان بعد نبوته يضمن لنفسه أن يبقى هذا الوحي محفوظاً لديه ( و لئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا و كيلاً إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيراً ( [الإسراء: 86-87 ] ؛ فلابد إذاً من كفيل بهذا الحفظ من خارج نفسه ،و من ذا الذي يملك هذا الضمان على الدهر المتقلب المملوء بالمفاجآت ؟ إلا رب الدهر الذي بيده زمام الحوادث كلها ، و الذي قدر مبدأها و منتهاها ، و أحاط علماً بمجراها و مرساها ، فلولا فضل الله ورحمته الموعود بهما في الآية الآنفة , لما استطاع القرآن أن يقاوم تلك الحروب العنيفة التي أقيمت و لا تزال تقام عليه بين آن و آن . سل التاريخ : كم مرةٍ تنكر الدهر لدول الإسلام , و تسلط الفجار على المسلمين , فأثخنوا فيهم القتل ، و أكرهوا أمماً منهم على الكفر ، و أحرقوا الكتب ، و هدموا المساجد ؛ وصنعوا ما كان يكفي القليل منه لضياع هذا القرآن كلاً أو بعضاً كما فعل بالكتب قبله ؛ لولا أن يد العناية تحرسه , فبقي في وسط هذه المعامع رافعا راياته وأعلامه ، حافظا آياته وأحكامه
بل اسأل صحف الأخبار اليومية كم من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة تنفق في كل عام لمحو هذا القرآن ,وصد الناس عن الإسلام بالتضليل والبهتان والخداع والإغراء ثم لا يظفر أهلها من وراء ذلك إلا بما قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ([الأنفال:36]، ذلك بأن الذي يمسكه أن يزول هو الذي يسمك السماوات والأرض أن تزولا ، ذلك بأن الله ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ([التوبة: 33]، والله بالغ أمره ومتم نوره , فظهر وسيبقى ظاهرا لا يضره من خالفه حتى يأتي أمر الله ).

12-لماذا يستبعد المستشرقون إمكانية نزول الوحي على النبي( عن طريق جبريل ، مع أن كثيرا منهم يُسَلَّّمُون بأبعد من ذلك ؛ فهم يؤمنون إيمانا كاملا بأن موسى عليه السلام قد تلقى التوراة من الله تعالى مباشرة من غير واسطة ؟
13-وانظر إلى هذا التناقض؛ تارة يصفون النبي ( بأنه عبقري , وفنان موهوب, وملهم(208) استطاع بذكائه الشديد أن يصنع هذا الدين والقرآن ، وتارة يقولون هو, مجنون , أو مصروع ,أو مهووس(209) ؛ ألا ترى كيف أوقعهم بغضهم للحق في هذه المضحكات؟
وتأمل كيف استطاعت خديجة - رضي الله عنها- بفطرتها البسيطة أن تعرف أن ما يأتي النبي ( ليس شيطانا وجنونا ولا هَوَساً حين قالت Sadكلا واللهِ لا يُخزِيكَ اللهُ أبداً ؛ إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ وتحمل الكلَّ , وتُكْسِبُ المعدومَ وتُقْرِِِي الضَّيْفَ وتُعِينُ على نوائبِ الحقَّ)(210).
فما أبعد هذا الكمال الإنساني عن الهوس الذي قد يملي على صاحبه مواقف غريبة وأفعالا منكرة ينبو عنها الذوق السليم ، لذلك فإن بعضهم لا يملك نفسه عندما يقرأ سيرة النبي ( و ما يأمر به إلا أن يسلم بنبوته ؛
14-من الأدلة على أن القرآن ليس من النبي ( : أوقات نزوله(211) ؛ فليس للنبي ( اختيار فيما ينزل أو متى ينزل ، فقد يأتيه وهو في الفراش مع أهله ، أو وهو نائم , أو مع أصحابه , أو وهو سائر , أو على البعير(212) ، وقد يتتابع الوحي ويحمى حتى يشعر بكثرته عليه له , وقد يفتر عنه حتى يشتاق إليه , بل قد يمرض من تأخره عليه؛ فقد روي عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ( :أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ ( الْوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ( بَعْد)(213).
وعن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ ( كُنَّ حِزْبَيْنِ , فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ , وَالْحِزْبُ الْآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ( ...الحديث وفيه فَقَالَ :« لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ ؛ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ » ...الحديث)(214).
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ( ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا , فَقُلْنَا :مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :« أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ ». فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ( ثُمَّ قَالَ: « أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ ... » (215).
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ( قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( لِجِبْرِيلَ :« أَلَا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا » ،قَالَ: فَنَزَلَتْ ( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا ( [ الْآيَةَ](216).
وعن جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ :أبطأ جبريل على النبي ( , فاشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ ( فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا , فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ :يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ , لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (.(217)
فهذه أربعة عشر دليلاً على أن القرآن ليس من النبي ( , وبعضها كافٍ في ذلك , وكني جمعتها كلها حتى لا يكون للمعترض حجة .

-المطلب الثاني : نقله من غيره , والرد عليهم :

أولاً : يقرر بعض المشككين أو الطاعنين أن القرآن ليس من عند النبي ( ولكنه ليس من عند الله أيضا , بل هو مما نقله من غيره، كما قال ذلك مشركو مكة :إنه تعلمه من غلام نصراني . فقال الله تعالى: ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ([النحل:103](...وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ([الفرقان:4]؛
وهذا الغير قد يكون أهل الكتاب , وقد يكون غيرهم.
وقد أُلَّفَتْ في هذا الطعن مؤلفاتْ استشراقية كثيرة منها :
1-عناصر يهودية في مصطلحات القرآن الدينية، للمستشرق المجري بيرنات هيللر(1857-1943)،نشر عام 1928.
2-كتاب(الكلمات الأجنبية في القرآن)رسالة دكتوراة للمستشرق الألماني فرانكيل(1855-1909)، ليدن ،1878.
3-مراجع القرآن وعلومه ، للمستشرق الألماني بريتزل [ 1893 – 1941].
4-المصادر الأصلية للقرآن ، لتاسدول، طبع في لندن 1905.
5-مصادر القصص الإسلامية في القرآن وقصص الأنبياء، سايدر سكاي،طبع في باريس 1932.
6-مصادر القصص الكتابي في القرآن، بقلم سباير،1939.
فهذه الكتب ألفت في هذا الطعن فقط ، وهناك كتب أخرى ذكر هذا الطعن في أثنائها منها :
دائرة المعارف الإسلامية , حيث يقولون Sadإنه ليس في سورة الفاتحة أي شئ إسلامي خاص بل على العكس فيها ألفاظ يهودية ونصرانية)(218)،
وفيها أيضاSadالقرآن عبارة عما كان عند الكهان , بدليل وجود السجع والقسم بالطبيعة)(219).
ويقول جولدتسيهر(220) : (إن القرآن ليس إلا مزيجا منتخبا من معارف وآراء دينية عرفها, واستقاها محمد بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية وغيرها , التي تأثر بها تأثرا عميقا والتي رآها جديرة بأن توقظ عاطفة دينية حقيقة عند بني وطنه ، لقد تأثر بهذه الأفكار تأثرا وصل إلى أعماق نفسه , وأدركها بايحاء قوة التأثيرات الخارجية ,فصارت عقيدة انطوى عليها قلبه , كما صار يعتبر هذه التعاليم وحيا إلهيا)(221).
(ويزعم المبشر نلسن وغيره: أن الإسلام مقلَّد , وأن أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية , وسائر ما فيه مأخوذ من الوثنية.
وحكى الكونت هنري دي كاستري في كتابه "الإسلام سوانح وخواطر" عن أحد المبشرين قوله : إن الرسول ( كان يقرأ ويكتب ، فقرأ التوراة وقرأ الإنجيل, وأخذ تعاليمه منهما )(222) .
وفي كتاب "المنجد"(223) الذي ألفه النصارى -كمرجع في اللغة العربية والأعلام- قد رسمت صورة للنبي ( , وفيها أن الإنجيل أمامه وهو معه الريشة ينقل منه .
ويقول بلاشير(224)Sadكان أسلوب النبي في القرآن أول عهده بالدعوة مفعما بالعواطف، قصير العبارات ، فخم الصورة ، يقدم أوصاف العقاب والثواب في ألوان صارخة ، وكثيراً ما يكرر الآيات تَكراراً مملاً ، حتى تنقلب معانيها إلى الضد، فلما تقدم الزمن بالنبي فقد الأسلوب منهجه الأول،وأخذ يَقُصُّ في نغمات هادئة بديعة قصص الأنبياء ، مثلما تراه في قصة حب يوسف وزوجته بوتيفار، وكانت هذه الصورة مثيرة لخيال كثير من شعراء الفرس والترك، وفي آخر عهد النبي فقد الأسلوب كل حرارة وكل فن، وأغرم بالجدل الديني مع اليهود والنصارى)(225).
وقد ذهب إلى أبعد من ذلك المستشرق كليمان هواز(226) ,حيث كتب فصلا زعم فيه أنه اكتشف مصدرا جديدا للقرآن ، وهو شعر أمية بن أبي الصلت، ومن ذلك قوله :
وَيَوْمَ مَوْعِدِهِمْ أنْ يُحْشَرُوا زُمَراً يَوْمَ الَتَّغَابُنِ إذُ لا يَنفَعُ الحَذَرُ
مُسْتَوسِقِيَنَ مَعَ الدَّاعِي كَأَنَّهُمُ رِجْلُ الجَرادِ زَفَتْهُ الرَّيحُ مُنْتشرُ
بَرَزُوا بصعيد مستوٍ جَزِرٍ وأُنْزِلَ العَرْشُ والميزانُ والزُبُرُ
تَقُولُ خُزَّانُها مَا كَانَ عِنْدُكُمُ أًلُمْ يَكُنْ جَاءَكُمْ مِنْ رَبَّكُمْ نُذُرُ
قالوا بَلَى فتبَِعْنا فَتْيةً بَطَرُوا وَغَرَّنَا طُولُ هذا العَيْشِ والعُمُرِ(227)
وأورد توسدال شبهته السابقة وقال :إن من مصادره- القرآن- شعر امرئ القيس حيث قال : دَنَتِ السَّاعَةُ وانشَقَّ القَمَرْ عَنْ غَزَالٍ صَادَ قَلْبِي ونَفَرْ
أَحْوَرُ قَدْ حِرْتُ في أَوْصَافِِِهِ نَاعِسُ الطَّرُفِ بعَيْنَيهِ حَوَرْ
بِسهَامٍ مِنْ لحاظٍ فَاتِكٍ تَرَكَتْنِي كَهَشِيِمِ المُحْتِظِر(228)

ثانياً الرد على من زعم أنه نقل من غيره:
1-لقد تكفل الله تعالى بالرد على هذه الشبهة:
وبالسبر والتقسيم القول : إن القرآن يمكن أن يأتي إلى النبي ( عن أربع طرق: من عند نفسه ، من عند شخص ، من كتاب ، من الله تعالى ,أما من عند نفسه فقد تقدم معنا الرد على هذه الشبهة بأكثر من عشرة أوجه ، (229)
-أما من عند شخص ؛ فمن هو هذا الشخص ؟ أكثر الطاعنين على أنهم نصارى أو يهود ، فرد الله تعالى عليهم أن لسان أولئك القوم ولغتهم أعجمية ، ولكن لغة هذا القرآن عربي مبين، فكيف للأعجمي أن يأتي بأعلى الفصاحة وذروة البلاغة في اللغة العربية : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ( [النحل:103] .
-أما من كتاب ، فالنبي ( لا يقرأ ولا يكتب Sad وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ([العنكبوت:48]،
- فلم يبق إلا أنه من الله تعالى .
2-العهد القديم لم يكن مترجما إلى اللغة العربية قبل الإسلام ، وقد نص على ذلك المستشرقون أنفسهم ، فهذا (جوتين) يقول عن صحائف اليهود Sadإن تلك الصحائف مكتوبة بلغة أجنبية )(230)، وقد أشارت الموسوعة البريطانية إلى عدم وجود ترجمة عربية لأسفار اليهود قبل الإسلام وأن أول ترجمة كانت في أوائل العصر العباسي , وكانت بأحرف عبرية(231) .
كيف إذن أخذ النبي ( منها، لابد على المستشرقين أن يفتروا كذبة جديدة , وهي أن النبي ( درس لغة التوراة فكان يترجمها للقرآن؟!!.
3-ومن لطائف الاستدلال على أنه لم ينقل من غيره ما يذكره العلماء في فوائد أسباب النزول؛ إذ يذكرون أن من فوائد أسباب النزول أن دلالته على إعجاز القرآن , وأنه من الله تعالى من ناحية الارتجال ، فنزوله بعد الحادثة مباشرة يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين ، أو من كتب السابقين، فلو كان ينقل كتابه من كتب غيره , لكان إذا سأله سائل يتريث حتى يراجع الكتب التي عنده , وينظر ماذا تقول في هذه المسألة ثم يجيب، ولكن النبي ( لم يكن يفعل , بل يسأله الرجل فيعطيه الجواب الموافق للصواب، الذي لم يكن قرأه ولا عرفه إلا في هذه اللحظة التي نزل عليه فيها , وقد ذكرت في مبحث أدلة صدق النبي وقائع كثيرة تدل على هذا المعنى .
4- من أوضح الأدلة على رد دعوى النقل من , غيره التحدي أن يأتي بمثله ، كما تقدم تفصيل هذا في الردود العامة.
5-لو كان القرآن مأخوذا من التوراة والإنجيل والكتب السابقة , لما استطاع محمد ( أن يتحدى الناس ويقدم على هذا الخطأ الفادح ؛ لأن هذه الأصول المنقول عنها موجودة في متناول أيدي الجميع ، فلماذا يتحدى الناس بشيء موجود ، ألا يخشى أن يقوم بعض الناس بالرجوع إلى مراجعه والعمل مثل عمله، فينكشف؟
6-ثم هذه الأساطير والمراجع ليست خاصة بمحمد ( , بل هي كتب متداولة بيد الجميع, فلماذا لا تحضرون لنا هذه الكتب التي نقل منها؟.

7-(افتراض تعلم النبي ( من نصارى الشام ويهود المدينة وغيرهم, لا يتفق مع الحقيقة التاريخية التي تحدثنا عن الحيرة والتردد في موقف المشركين من رسول الله في محاولتهم لتفسير ظاهرة الرسالة ؛ لأن مثل هذه العلاقة مع النصارى أو اليهود لا يمكن التستر عليها أمام أعداء الدعوة من المشركين وغيرهم، الذين عاصروه وعرفوا أخباره وخبروا حياته العامة بما فيها من سفرات ورحلات)(232).
8-وجود بعض الشرائع في القرآن , التي تتفق مع ما في التوراة والإنجيل , أو حتى ما عند العرب ليس في هذا دليل على أنه مأخوذ منها، فالقرآن لم يأت لهدم كل شيء , بل لتصحيح الخطأ وإقرار الحق، فالصدق والشجاعة والكرم والحلم والرحمة والعزة كل هذه المعاني موجودة عند كفار مكة ومع هذا جاء الإسلام ولم يغير منها شيئا بل باركها وحث عليها،لذلك قال النبي ( :« إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ » (233). ولم يقل: لأنشئها .
إذن ليس من الضروري لكتاب هداية من هذا القبيل ، أن يشجب كل الوضع الذي كانت الإنسانية عليه قبله حتى يثبت صحة نفسه ، فمن الطبيعي أن يقر القرآن بعض الشرائع، سواء في الكتب السابقة السماوية , أو في عادات الناس وأعرافهم ، وأما الخطأ فإنه لا يقره(234)، وقد نص القرآن على هذا المعنى في مثل قوله تعالى Sad وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ( [يونس:37].

9-كيف يمكن اعتبار التوراة والإنجيل من أهم مصادر القرآن مع أن القرآن, خالفها في كثير من الأشياء ؛ ففي بعض الأحداث التاريخية نجد القرآن يذكرها بدقة متناهية ,ويتمسك بها بإصرار ، في الوقت الذي كان بإمكانه أن يتجاهل بعضها ،على الأقل تفاديا للاصطدام بالتوراة والإنجيل) )235) .
(ففي قصة موسى يشير القرآن إلى أن التي كفلت موسى هي امرأة فرعون ، مع أن سفر الخروج يؤكد أنها كانت ابنته ، كما أن القرآن يذكر غرق فرعون بشكل دقيق , لا يتجاهل حتى مسألة نجاة بدن فرعون من الغرق مع موته وهلاكه، في الوقت الذي نجد التوراة تشير إلى غرق فرعون بشكل مبهم، ويتكرر نفس الموقف في قضية العجل ؛حيث تذكر التوراة أن الذي صنعه هو هارون، وفي قصة ولادة مريم للمسيح- عليهما السلام- وغيرها من القضايا)(236).
10-من المعلوم أن في القرآن ما لا وجود له في كتب اليهود والنصارى ، مثل: قصة هود وصالح وشعيب ، فكيف أتى بها النبي ( ؟(237).
11-وإذا كان النبي ( أخذ من النصارى الذين خالطهم؛ من أمثال سلمان , وصهيب وورقة، فلِمَ لم يفضحوه عندما سب النصارى وكفرهم في كتابه في عدة آيات ، حتى إن سورة المائدة ، وهي من آخر السور نزولا , كانت من أكثر السور تكفيرا للنصارى (238) ؟ ذكر الآيات التي تكفر النصارى من سورة المائدة .
12-من تناقضهم زعمهم أن النبي ( أخذ القرآن من سلمان وصهيب النصرانيين وابن سلام اليهودي وغيرهم ممن أسلم من أهل الكتاب(239) ، وحقيقة الأمر أن إسلام هؤلاء حجة عليهم ، إذ لو كان النبي ( أخذ القرآن والشريعة من أهل الكتاب ، فلماذا يتركون الأصل ويذهبون إلى الفرع؟
14-لقد شهد المنصفون من المستشرقين بضد ذلك:
يقول المستشرق الإنجليزي لايتنر(240)Sad بقدر ما أعرف من دِينَيِ اليهود والنصارى أقول بأن ما علمه محمد ليس اقتباساً , بل قد أوحى إليه ربه, ولا ريب بذلك )(241).
ويقول هنري دي كاستري Sadثبت إذن أن محمدا لم يقرأ كتابا مقدسا , ولم يسترشد في دينه بمذهب متقدم عليه )(242).
- (وينص صحيح البخاري على أن ورقة هو الذي ثَََبَّتَ محمدا في دعوته وبعثته ,لما عاد خائفا من غار حراء) . وانظر إلى هذه المكابرة ، فقد نص الحديث أن التي ثبتته هي خديجة - رضي الله عنها- وأما ورقة فقد خوفه فقال: ( ليتني فيها ، جَذِعاً يا ليتني أكونُ فيها حياً حين يخرج قومك ،فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( :« أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ »؟ قَالَ وَرَقَةُ : نَعَمْ, لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ . في رواية :عُودِيَ) . وإليك نص الحديث كما في الصحيحين؛
عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ( قَالَتْ : كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ( الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ, ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ –قَالَ:وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ, وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ , فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ, فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ :اقْرَأْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « مَا أَنَا بِقَارِئٍ ». قَالَ :« فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي » ،فَقَالَ :اقْرَأْ . قُلْتُ : « مَا أَنَا بِقَارِئٍ ». « فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي »،فَقَالَ :اقْرَأْ . قُلْتُ : « مَا أَنَا بِقَارِئٍ ». « فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي »،فَقَالَ : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ( تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ ،فَقَالَ :« زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ
قَالَ لِخَدِيجَةَ : أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ،فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ ،قَالَتْ خَدِيجَةُ : كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا ,فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ,وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ ,وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ,وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ ,وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ ،فَقَالَتْ خَدِيجَةُ : يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ : يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى ؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ( خَبَرَ مَا رَأَى ،فَقَالَ وَرَقَةُ : هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حين يخرجك قومك ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( : « أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ » قَالَ وَرَقَةُ : نَعَمْ , لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ-وفي رواية :عودي- وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ ،وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ ()(243).
وإذا كان ورقة يعرف حال النبي (,وأنه لازمه خمس عشرة سنة , وأخذ منه القرآن، فلماذا يقول Sadهذا الناموس –يعني الوحي-الذي أنزل على موسى) ويقولSadوإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا) أليس في هذا تصديق له وإثبات صحة نبوته، أم أن الحدادي يأخذ من الحديث ما يوافق هواه ويعرض عن غيره.


17- وأما زعمهم أن من مصادر القرآن شعر أمية بن أبي الصلت ؛ (فإن الغريب في الأمر أن المستشرقين يشكون في صحة السيرة النبوية نفسها، ويتجاوز بعضهم الشك إلى الجحود ، فلا يرونها مصدرا تاريخيا صحيحا ، فهم يقفون هذا الموقف العلمي من السيرة ويغلون في هذا الموقف ، ولكنهم يقفون من أمية وشعره موقف المتيقن المطمئن ، مع أن أخبار أمية ليست أدنى إلى الصدق ولا أبلغ في الصحة من السيرة، فما سر هذا الاطمئنان الغريب إلى نحو هذه الأخبار دون الأخرى)(244).
الأمر الآخر كذبهم في هذه الدعوى ؛ فشعر أمية بن أبي الصلت ، وشعر امرؤ القيس محفوظ معروف فلا يحتاج الأمر إلى كثير عناء لإثبات بطلان دعواهم ؛ يقول العقاد : (وأيسر ما يبدو من جهل هؤلاء المخاطبين في أمر اللغة العربية قبل الإسلام ، وعلاقتها بلغة القرآن الكريم ، أنهم يحسبون أن العلماء المسلمين يجدون في بحث تلك الأبيات وصبا واصبا لينكروا نسبتها إلى الجاهلية ، ولا يلهمهم الذوق الأدبي أن نظرة واحدة كافية لليقين بإدحاض نسبتها إلى امرئ القيس أو غيره من شعراء الجاهلية)(245).
ولقد بحثت في ديوان امرئ القيس فلم أجد هذه الأبيات .
وأما أمية بن أبي الصلت ، فإن بعض العلماء نسبوا هذه الأبيات له ، ولكن أمية أدرك الإسلام ورأى الرسول ( ، وسمع القرآن من النبي ( في مكة ، وانصرف عنه فتبعته قريش تسأله عن رأيه فيه ، فقال : أشهد أنه حق ، قالوا: هل تتبعه ؟ قال: حتى أنظر في أمره . وخرج إلى الشام وهاجر النبي ( إلى المدينة ، وحدثت وقعة بدر وعاد أمية من الشام يريد الإسلام ، فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له ، فامتنع وأقام في الطائف حتى مات(246)، فهو الذي تأثر بالقرآن ولم يتأثر القرآن به ، وشهد على صحة القرآن ، هذا وقد ذكر في ترجمته أنه كان مطلعا على الكتب القديمة ، ويلبس المسوح تعبدا ، وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ، ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية(247)؛ فهو إنما أخذ معنى هذا الشعر من الكتب السماوية السابقة التي كان يطلع عليها.
ولو سلمنا جدلا بأن النبي ( أخذ هذا الموضع من أمية ، فما هو المانع أن يجري الله الحق على ألسنة بعض الناس ،وينـزل القرآن موافقا لما قالوا، كما حصل هذا مع عمر كثيرا.
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ قُلْتُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ، فَنَزَلَتْ ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ( وَآيَةُ الْحِجَابِ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ( فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ لَهُنَّ Sad عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ ( فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ )(248).
وقد قررنا أن القرآن جاء ليقر الحق ويصحح الخطأ.
ثم نقول لهم : إن العرب –الذين بعث فيهم النبي (-كانوا أعرف الناس بالشعر ، وأحرص الناس على الطعن في القرآن ؛ ومع هذا لم يورد أحد منهم هذا الطعن الساذج.

-المطلب الثالث: جواز نقده ومخالفته ، والرد عليهم (249):

ثانيا : الرد عليهم:
يحسن فى بداية هذا الرد أن أقرر أن ثمة فرقاً كثيرة من الفرق المنحرفة ، فتحت هذا الباب للطاعنين ؛ منها المعتزلة في دعواهم تقديم العقل على النقل(250) ، ومنها الصوفية في دعواهم أن للقرآن معنى ظاهرا وباطنا ، وأن الباطن لا يفهمه إلا كبار مشايخ الصوفية ،وأن الكشف والرؤى والمنامات أهم مصادر التلقي عندهم(251) ، ومنها الشيعة الذين يقدمون قول الأئمة على القرآن(252) .
لذلك كان من أهم ما يميز عقيدة أهل السنة والجماعة ما يسمى بمنهج التلقي (253)، فهم يعتمدون في تلقى الأحكام الشرعية على القرآن والسنة والإجماع والقياس ، وغيرها من الأدلة التي يذكرها كل من تكلم في علم أصول الفقه ، ويعتمدون في الفهم على فهم السلف الصالح للنصوص.

والرد على هؤلاء وهؤلاء كالتالي:
إذا ثبت أن القرآن ليس من عند النبي ( ، وأنه من الله تعالى بكل ما فيه من كلمات وحروف-كما أثبتنا هذا في المباحث السابقة- فهو إذن مقدس لا يمكن الاعتراض عليه ولا نقده ، فقد أمر الله الناس باتباع الشرع ، والأمر يدل على الوجوب ؛ فقال سبحانه :
( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ( [يونس:109]،فكيف نخالف أمر الله تعالى بأن نتبع غير الوحي؟
ومن أعظم معاني العبادة الرضى به حَكَمًا سبحانه :
( ..إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ( [يوسف:40]، فالدين القيم أن تجعل تحاكمك لله ، والتحليل والتحريم والتشريع من خصائص الربوبية ، ومن جعلها لغير الله فقد اتخذه ندا له سبحانه:
( ...إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ( [الأنعام:57].
والحصر يدل على انفراد الله تعالى بالحكم .
( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( [التوبة:31]
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : " أَتَيْتُ النَّبِيَّ ( وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ ،فَقَالَ : يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ " . وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ. ( (254).
يعني أنهم لم يتخذوهم أربابا لأنهم عبدوهم،بل لكونهم أطاعوهم في التحليل والتحريم .
وقال سبحانه Sad ..وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا([الكهف:26]، فسمى التحاكم لغيره شِركًا(255)،
وقال Sad وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب( [الشورى:10]، وكلمة (شيء) نكرة في سياق النفي وهذا من صيغ العموم ، فكل شيء نختلف فيه فالحكم فيه لله ، ثم أكد على إرادة العموم بـ(من) التي تفيد التأكيد(256).
والله سبحانه لا يحكم ولا يقضي إلا بالحق ، فمن رد حكم الله وشرعه فإنما رد الحق ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ... ( [يونس:32].
قال جل جلالهSad وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا... ( [المائدة :48].
وقال الله تعالى Sad إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ... ( [النساء:105].
وقال سبحانه : ( وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ... ([الإسراء:105]،فهو متلبس بلبوس الحق على كل أحواله(257).
والله تعالى لا يظلم ولا يحيف في الحكم(258) ( ...أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ( [النور:50]، فلماذا إذن لا نأخذ حكمه؟
وقال تعالى : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ([التين:8] ( ..وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ( [الأعراف:87]،( ... وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ( [المائدة:50].
فإن كان الله أحسن الحاكمين وخيرهم وأحكمهم ، فكيف يعرض المسلم عنه إلى غيره ؟ لذلك قال النبي ( كما ذكر الله تعالى عنه Sad أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ( [الأنعام:114]، يعني وأهل الكتاب يشهدون بفضله ومنـزلته وأنه حق .
واتباع الرسالة هو ينبوع السعادة ؛.



(176) انظر تفسير البيضاوي (3/420).
(177) انظر تفصيل هذه الأقوال في كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره ، د. عمر بن إبراهيم رضوان، (1/381)، دار طيبة ، الرياض ، ط1،1992.
(178) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/417).
(179) النبأ العظيم ، لعبد الله دراز ، ص:14-15
(180) ومن هذا الباب المجامع الفقهية وما فيها من اجتهاد جماعي ، ومنه ما في دول الغرب من عمل لجان متخصصة في الطب والفلك والأحياء والكيمياء والكهرباء والحاسوب وغيرها من العلوم ، فأثمرت هذه اللجان المتخصصة علوما وإبداعا، واكتشافا لا يستطيعه الفرد الواحد مهما بلغ من فرط الذكاء وسيلان ، الذهن وعبقرية العقل أن يبدعه .
(181) النبأ العظيم : (ص:16)
(182) القرآن والمستشرقون ، لنقرة ص:35، والمستشرقون وشبهاتهم حول القرآن ، محمد باقر الحكيم (ص:50)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت.
(183) أخرجه مسلم (كتاب الجهاد والسير ، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة فداء الإسرى ، رقم 1763).
(184) يعني أنه يجوز لولي الأمر بعد هذه الحادثة في الأسرى أن يفدي بهم أو يمن بالمجان أو يقتلهم .
(185) الطعمة : المكسب
(186) النبأ العظيم ،ص:27.
(187) متفق عليه (البخاري : كتاب تفسير القرآن، باب : تفسير سورة النجم ، رقم :4574، ومسلم : كتاب الإيمان ، باب معنى قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى،رقم:177) واللفظ لمسلم.
(188) أخرجه البخاري (كتاب التوحيد،باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم ،رقم: 6984).
(189) النبأ العظيم ، ص:24.
(190) دين الإسلام ، للايتنر ، ترجمة عبدالوهاب سليم (ص:132) ، المكتبة السلفية ، دمشق، 1423هـ.، وذكر أن لايتنر هو باحث انجليزي حصل على أكثر من شهادة دكتوراة في الشريعة والفلسفة واللاهوت ، زار الأستانة عام 1854م.
(191) متفق عليه (البخاري: كتاب تفسير القرآن ، باب قوله استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ، رقم :4393، ومسلم :كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر ، رقم : 2400).
(192) النبأ العظيم ،ص:28-30.
(193) شبهات حول القرآن وتفنيدها ، د.غازي عناية، (ص:21).
(194) أخرجه الترمذي (كتاب تفسير القرآن ، باب من سورة الأنعام ، رقم:3064) من طريقين مرفوعا عن علي رضي الله عنه ومرسلا عن ناجية بن كعب ، ويتقوى بعضها ببعض لاسيما أن السيوطي في الدر المنثور (3/264) ذكر أن عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه أخرجوه عن أبي ميسرة.
(195) آراء المستشرقين لرضوان (1/388).
(196) قال السيوطي في الدر المنثور (5/357): أخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل.
(197) متفق عليه عن عائشة (البخاري:كتاب الشهادات ، باب تعديل النساء بعضهن بعضا ، رقم :2518، ومسلم : كتاب التوبة ، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، رقم :2770).
(198) النبأ العظيم ، ص: 20).
(199) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن، للحكيم (ص:56).
(200) متفق عليه (البخاري: كتاب الصلاة ، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، رقم :399،ومسلم :كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة ، رقم :525).
(201) أخرجه مسلم (كتاب الإيمان ، باب بيان أنه سبحانه لا يكلف إلا الوسع، رقم :125).
(202) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب ، رقم :2583.
(203) النبأ العظيم ، ص:30-34.
(204) تقدمت ترجمتها ص 187 .
(205) قالوا عن الإسلام(ص55)
(206) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن ، للحكيم (ص:52).
(207) النبأ العظيم ، ص : 34
(208) انظر القرآن والمستشرقون لنقرة (ص:28).
(209) انظر كتاب رؤية إسلامية للإستشراق ، لأحمد غراب ،ص:15، وانظر :القرآن والمستشرقون لنقرة (ص:29).
(210) متفق عليه (البخاري: كتاب بدء الوحي ،باب بدء الوحي ، رقم :4، ومسلم :كتاب الإيمان ، باب بدء الوحي إلى رسول الله ،رقم : 160).
(211) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن، للحكيم (ص:54).
(212) انظر فتح الباري (1/30) فقد ذكر أن عند البيهقي حديث ( وإن كان ليوحى إليه وهو على ناقته فيضرب حزامها الأرض من يقل ما يوحى إليه).
(213) متفق عليه (البخاري: كتاب فضائل القرآن ، باب :كيف نزل الوحي ، رقم:4982، ومسلم :كتاب التفسير،باب،رقم:3016).
(214) البخاري: كتاب الهدية وفضلها والتحريض عليها، باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه،رقم:2581.
(215) أخرجه مسلم :كتاب الصلاة، باب حجة من قال البسملة آية من كل سورة، رقم :400.
(216) البخاري : كتاب بدأ الخلق ،باب ذكر الملائكة، رقم:3218.
(217) متفق عليه (البخاري : كتاب تفسير القرآن،باب (ما ودعك ربك وماقلى، رقم:4950، ومسلم:كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم :1797)، وأحمد (رقم:18329) واللفظ لأحمد.
(218) دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية (ص:16).
(219) دائرة المعارف الإسلامية الإستشراقية ص : 27.
(220) مستشرق مجري يهودي مشهور (1850-1921) اعتنى بالعلوم الدينية الإسلامية عناية خاصة وألف في هذا المجال عدة كتب منها:الظاهرية مذهبهم وتاريخهم ، دراسات إسلامية ، محاضرات في الإسلام ، اتجاهات تفسير القرآن عن المسلمين ، أقام في القاهرة فترة ، وفي أثناء هذه الفترة استطاع أن يختلف إلى بعض الدروس في الأزهر ، وكان ذلك بالنسبة إلى أمثاله امتيازا كبيرا ورعاية عظيمة ، اغتر به الكثير لسعة اطلاعه وإنصافه في بعض الأحيان ، ولكنه كان يدس السم في العسل ، فلا تجد طعنا من الطعون إلا وله فيه نصيب.انظر : ( موسوعة المستشرقين للدكتور عبدالرحمن بدوي ، ص : 197-203) بتصرف وزيادة.
(221) العقيدة والشريعة في الإسلام لجولدتسيهر ص:12، عن كتاب القرآن الكريم في مواجهة الماديين الملحدين ، للدكتور أحمد الشاعر(ص:93)دار القلم ، الكويت،ط2،1982، وانظر القرآن والمستشرقون ، لنقرة(ص:31).
(222) رد افتراءات المبشرين على آيات القرآن الكريم ،للدكتور محمد جمعة عبدالله (ص:263) ، جامعة أم القرى، ط1،1985.
(223) في حرف الميم عند ذكر اسم (محمد) وقد حذفت هذه الصورة من الطبعات الجديدة للكتاب.
(224) ريجي بلاشير(1900-1973)ولد في باريس ، وسافر مع أبويه إلى المغرب، وقضى دراسته الثانوية في مدرسة فرنسية في الدار البيضاء، وتولى عدة مناصب كان آخرها تعينه أستاذا للغة العربية الفصحى في المدرسة الوطنية للغات الشرقية في باريس من 1950إلى1970، ومن كتبه :تاريخ الأدب العربي منذ البداية حتى نهاية القرن الخامس عشر، وتوفي دون أن يتمه ، وترجمة القرآن إلى اللغة الفرنسية.(انظر : موسوعة المستشرقين، لعبدالرحمن بدوي ؛ ص : 127 بتصرف).
(225) القرآن والمستشرقون (ص:32).
(226) كليرنسدال : لم أجد له ترجمة , والظاهر أنه على قيد الحياة , له كتاب بعنوان مصادر الإسلام في 216 صفحة وستة فصول , وطبع في الهند . ( انظر : "آراء المستشرقين حول القرآن " عمر إبراهيم (1/125)
(227) القرآن والمستشرقون لنقرة ص:34.
(228) المرجع السابق ص:34.
(229) راجع ص السابقة .
(230) دراسات في تاريخ الإسلام ونظمه ، س. د. جوتين ، نقلا عن كتاب الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده ، لمحمود ماضي ، (ص:147).
(231) المرجع السابق(ص:148).
(232) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن ، لمحمد باقر الحكيم (ص:43).
(233) أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة (8729)، رواه الإمام مالك في الموطأ بلاغا من غير إسناد (كتاب الجامع ، باب ما جاء في حسن الخلق)بلفظ (بعثت لأتمم حسن الخلق )، وأخرجه البزار بلفظ (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)(انظر فتح الباري (6/665).
(234) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن ، للحكيم (ص:61).
(235) المستشرقون وشبهاتهم حول القرآن (ص:46).
(236) المرجع السابق (ص:47).
(237) الوحي القرآني من المنظور الاستشراقي ونقده ، لماضى (ص:148)، الجواب الصحيح لابن تيمية (3/25)،(4/57).
(238) الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده ، لماضي (ص:148).
(239) انظر القرآن والمستشرقون ، لنقرة ،ص:35.
(240) تقدمت ترجمته ص :211 .
(241) الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده ، لماضي (ص:149).
(242) المرجع السابق.
(243) متفق عليه ( البخاري : كتاب بدء الوحي , باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله ( رقم : 3 ومسلم : كتاب الإيمان , باب ب بدء الوحي إلى رسول الله رقم : 160 ).
(244) القرآن والمستشرقون ، لنقرة (ص:33).
(245) إسلاميات ، لعباس محمود العقاد ص:51-53، مصر ، دار الشعب، وانظر كتاب قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية (نقد مطاعن ، ورد شبهات)، د.فضل حسن عباس، (ص:46)، دار البشير ، الأردن، ط2،1989.
(246) الأعلام للزركلي (2/23).
(247) المرجع السابق .
(248) متفق عليه : ( البخاري : كتاب الصلاة ، باب ما جاء في القبلة ومن لم ير الإعادة ، رقم : 394، ومسلم :كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر ، رقم : 2399).
(249)وفي مجلة البيان - العدد 159،لشهر فبراير 2001- مقال بعنوان (الليبرالية العربية وهدم النص والسقوط في التبعية) لمحمود سلطان ، أصل هذا المنهج وعرف بأشهر رموزه - أمثال شبلي شميل وفرح أنطون وسلامة موسى وأحمد لطفي السيد وإسماعيل مظهر وأدونيس وفرج فودة وهشام الترابي ، وعلي عبدالرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم وطه حسين- .
(250) انظر : الملل والنحل للشهرستاني (ص:56) ، بيروت ، دار المعرفة، ط7،1998، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (1/73) ، نشر الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر،ط3،1418.
(251) انظر كتاب: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، القاهرة، دار الحرمين، ط4،1989.
(252) انظر كتاب Sadأصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية، عرض ونقد)،د. ناصر بن عبدالله القفاري، القاهرة ، دار الحرمين للطباعة، ط2،1994.
(253)انظر : رسائل في العقيدة لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص:15)،دار ابن خزيمة ،الرياض، الطبعة الأولى 2002، والموسوعة الميسرة (1/40) ،وغيره من كتب العقيدة وأصول الفقه.
(254) أخرجه الترمذي (كتاب التفسير ، باب سورة التوبة ، رقم :3095) وحسنه الألباني (صحيح الترمذي (3/56) رقم :2471).
(255)انظر :أضواء البيان للشنقيطي (4/91)،مكتبة ابن تيمية ، القاهرة، 1988.
(256)انظر: تفسير القرطبي (16/7).
(257)انظر: تفسير القاسمي (4/636).
(258)انظر تفسير ابن كثير (3/298).




أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : manel


التوقيع
ــــــــــــــــ


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]



الكلمات الدليلية (Tags)
التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن) , التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن) , التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن) ,

الإشارات المرجعية

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

الــرد الســـريـع
..
آلردودآلسريعة :





التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى (مصدر القرآن)  Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

اختر منتداك من هنا



المواضيع المتشابهه

https://ouargla30.ahlamontada.com/ منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب