منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاتـه

أهلا وسهلا في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب نحن سعداء جدا في منتداك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمرار و الاستمتاع بالإقامة معنا و تفيدنا وتستفيد منا ونأمل منك التواصل معنا بإستمرار في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب و شكرا.

تحياتي

ادارة المنتدي

https://ouargla30.ahlamontada.com/
منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاتـه

أهلا وسهلا في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب نحن سعداء جدا في منتداك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمرار و الاستمتاع بالإقامة معنا و تفيدنا وتستفيد منا ونأمل منك التواصل معنا بإستمرار في منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب و شكرا.

تحياتي

ادارة المنتدي

https://ouargla30.ahlamontada.com/


منتدى علمي ثقافي تربوي ديني رياضي ترفيهي
 
الرئيسيةالبوابة*الأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى ، فيرجى التكرم بزيارةصفحة التعليمـات، بالضغط هنا .كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيعو الإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب .

إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
فقدت كلمة المرور
البحث فى المنتدى

منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب :: °ღ°╣●╠°ღ°.. منتديات التعليم العالي والبحث العلمي ..°ღ°╣●╠°ღ° :: منتدى القانون و الحقوق و الاستشارات القانونية

شاطر
إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة Emptyالسبت 20 أكتوبر - 13:27
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو الجوهرة
الرتبه:
عضو الجوهرة
الصورة الرمزية


البيانات
عدد المساهمات : 17945
تاريخ التسجيل : 17/10/2012
رابطة موقعك : ورقلة
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة



إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة

إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة

إن علاقة الزواج تعتبر من أنبل و أقدس الروابط ، مجدتها الشريعة الإسلامية و إحاطتها بعناية
بالغة ،فهي السبيل الشرعي الوحيد لتكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و المحافظة على الأنساب.
و لان النسب حقيقة كبرى في هدا الوجود جعل الله البشر دوي نسب و دوي مصاهرة ، فذووا النسب هم الآباء و الأمهات و الأبناء و الأعمام و الأخوال ، و دوا المصاهرة هم أقرباء دوي الأنساب، فجعلت له الشريعة السمحاء ضوابط و أحكام ثابتة .
و النسب في اللغة هو القرابة و الالتحاق فنقول مثلا: " انتسب الولد إلى أبيه أي التحق
وفلان يناسب فلان فهو نسيبه أي قريبه"
أما في الشرع فالنسب هو علاقة الدم أو رباط السلالة أو النوع الذي يربط الإنسان بأصوله و فروعه و حواشيه و رباط السلالة هو السبب في تكوين الأسرة ثم العشائر و القبائل و الشعوب و الأمم .
إذا السبب الشرعي هو إلحاق الولد بابيه دينا و قانونا و حضارة ، و يبنى عليه الميراث و ينتج عنه موانع الزواج و يترتب عليه حقوق و واجبات أبوية و بنوية ، أما النسب الغير شرعي فلا يترتب عليه من ذلك شيء إطلاقا .
فالنسب طريقة يبعد العار الذي هو شعور بالذنب بمخالفة الفرد قواعد الحياة التي فطر عليها الإنسان ، و إقرار بنعم الله و جحودها خسران يوم القيامة حيث اوجب الشارع سبحانه و تعالى نسبة الشخص الى أصله و منع المغالطة و الجحود بهدف مخالفة ما قضى الله به و جعله سنة في خلقه و من ثم كان اهتمام الإسلام بإثبات النسب و تبيان حكمه أتم بيان.
حيث حرص على أن ينسب الولد لأبيه لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "الولد للفراش
و للعاهر للحجر " و لذلك يجعل النسب يتبلور في دائرة الأسرة التي تقوم على النكاح المشروع ، فتحفظ الأنساب و تقوم على العفة ، و بالتالي يكون الشارع قد شدد الخناق على كل ما يعكر صفو النسب و تخليصه مما يلتصق به من لصائق و لواحق ، و كذا إبطال الطرق الغير مشروعة التي كانت شائعة في الجاهلية من تبني و إلحاق الأولاد عن طريق الفاحشة ففي قوله تعالى فيما يخص التبني: "وما جعل ادعياكم أبناءكم ذلك قولكم بأفواهكم، و الله يقول الحق و يهدي السبيل ، ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين و مواليكم " .(1)
--------
(1) سورة الأحزاب الآية 4 و5 .

و الأساس في النسب هو إثباته ، فان كان الميلاد واقعة فان النسب إثبات ، و إذا كان المولود
وجودا فان النسب انتماء.
وقد سارت على هذا الدرب جل التشريعات العربية عامة و التشريع الجزائري خاصة ، و نضمه
المشرع في المواد من 40 إلى 46 من قانون الأسرة ، وقد نصت المادة 40 من قانون الأسرة الجزائري على طرق إثبات النسب و حددتها بكل من الزواج الصحيح، و الفاسد و الدخول بالشبهة و الإقرار و البينة ، ومع اصطدام إحكام إثبات النسب التي نضمها المشرع ثم القانون تنظيما دقيقا و محكما بالتطورات و الاكتشافات العلمية خاصة منها في المجال الطبي و البيولوجي كان على المشرع أن يتماشى و هذا التطور العلمي فكانت هذه المادة محل تعديل بموجب الأمر 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 حيث تم استبدال في نص المادة "حرف الواو " ب-أو- في الفقرة الأولى حتى لا يفهم أن إثبات النسب يقتضي مجموع أدلة الإثبات مجتمعة فكان حرف الواو حرف عطف يفيد الربط و التثبيت و "أو" تفيد التخيير، كما هو مقتضاها اللغوي ثم جاءت الفقرة الثانية و هي الجانب الجديد في التعديل (1) ، أين تم إضافة الطرق العلمية الحديثة كوسيلة لإثبات النسب متى كانت العلاقة شرعية ، وهو ما اعتبره البعض قفزة نوعية تبناها المشروع الجزائري مواكبة للتطور الذي شهده هذا المجال .
إلا أن هذا الأمر لم يخلو أبدا من التعقيدات و الترسبات التي طفت بسبب الفقهاء الذي يرجع إلى
عدم تحديد تفسير جامع مانع بمعاني هذه النصوص القانونية من جهة ، و إطلاق العنان للاجتهاد في هذا المجال رغم الخطورة التي تعتريه فنتج عن هذه القفزة التشريعية فتح أبواب التناقض بدلا من حسم النزاع فلا هو حدد مفهوما لمعنى الطرق العلمية طبقا لأحكام المادة 40 من الأمر 05/02 المعدل و المتمم لقانون الأسرة ، كون أن هذه الطرق
تخضع إلى عدة تصنيفات تجمع بين الظنية منها و القطعية ، و لا هو حدد أنواع هذه الطرق حتى لا تفتح المجال للقاضي للتناقض فيما يترتب عنها من حجية قد تخضع لها سلطته التقديرية .
و أمام هذا التكتل فقد توصل البعض إلى القول بضرورة تدخل المشرع بحصرها و تقنينها
عن طريق التنظيم كحل أولي يقيد القاضي في عدم التوسع فيها ، و ما قد يقف أمامه كعائق نظرا لحجية الخبرة الطبية المبنية على أسس علمية، و المحررة من طرف أطباء مختصين لهم باع كبير في مجال إثبات النسب بهذه الطرق .
--------
(1) بن داود عبد القادر الوجيز في شرح قانون الأسرة الجديد ص 109

لذلك كان لازما علينا الإجابة على مجموعة من الإشكالات التي بلورت فكرة إثبات النسب
بصفة عامة و تأثير الطرق العلمية الحديثة بالمفهوم الذي جاء به المشرع و لو كان قاصرا من حيث المفهوم من خلال الإشكاليات التالية :
1- ما هي القواعد المحددة لثبوت النسب في القانون الجزائري ?
2- ما هي الجوانب الايجابية و السلبية التي تطرحها فكرة الطرق العلمية الحديثة التي أضافها المشرع بموجب الأمر 05/02 ?
3- هل يمكن تحديد تفسير لمعنى الطرق العلمية الحديثة من خلال الحجية و سلطات القاضي في تقديرها?
و إجابة لهذه الإشكالات عالجنا هذا الموضوع من خلال الخطة التالية :

خــــــــــــطة البحـــــــــــث
مقدمة
الفصل الأول : ثبوت النسب بالفراش.
المبحث الأول : ثبوت النسب بالزواج الصحيح و ثبوته بعد فرقة الزوجين
المطلب الأول : ثبوت النسب بالزواج الصحيح.
المطلب الثاني : ثبوت النسب بعد الطلاق أو وفاة الزوج .
المبحث الثاني : ثبوت النسب بالزواج الفاسد و بنكاح الشبهة .
المطلب الأول : ثبوت النسب بالزواج الفاسد.
المطلب الثاني : ثبوت النسب بنكاح الشبهة.

الفصل الثاني : ثبوت النسب بالإقرار و البينة و بالطرق العلمية الحديثة.
المبحث الأول : ثبوت النسب بالإقرار و البينة .
المطلب الأول : ثبوت النسب بالإقرار .
المطلب الثاني : ثبوت النسب بالبينة .
المبحث الثاني : ثبوت النسب بالطرق العلمية الحديثة.
المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب .
المطلب الثاني : القيمة القانونية للطرق العلمية.

خاتمة :
المراجع:

الفصل الأول : ثبوت النسب بالفراش :
يثبت النسب بالزواج سواء كان رسميا أو عرفيا ، و بالتالي يخضع الزواج العرفي لنفس قواعد
الزواج الرسمي عند إثبات النسب ، أي أن النسب يثبت بأربعة طرق هي : الفراش ، الإقرار البينة و الطرق العلمية و يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات دون اشتراط تواجد الوثيقة الرسمية فالزواج العرفي إذا استوفى أركانه الشرعية و لا ينقصه إلا إثباته في وثيقة رسمية يثبت به النسب (1) هذا يعني أن المشرع الجزائري لا يزال يعترف بالزواج العرفي استنادا للمادة 22 من قانون الأسرة الجزائري "يثبت الزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية، و في حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائي .
يجب تسجيل حكم تثبيت الزواج في الحالة المدنية بسعي من النيابة العامة " فالإقرار بالزواج العرفي و الحكم بثبوته يعتبر كل منهما كاشفا للنسب لا منشأ له .
فالزوجية إذا السبب الأساسي في ثبوت النسب من جهة الأبوة لقول رسول الله (ص):
" الولد للفراش و للعاهر الحجر" و العاهر هو الزاني و له الحجر أي له عقوبة الرجم .
ثبوت النسب من الآثار المهمة التي تترتب عن الزواج لذلك من حق الأولاد يثبتوا نسبهم إلى والدهم ،فالمولود يتمتع منذ ولادته بنسب أبيه و لا يهم مطلاقا إثبات هذا النسب وقت الميلاد أو بعده (2).
فإذا كان نسب الولد إلى أمه ثابت في كل الأحوال سواء كانت الولادة شرعية أو غير شرعية ، فان نسب الولد إلى أبيه ليس دائما سهلا كسهولة نسبه إلى أمه ذلك أن الشريعة الإسلامية و القانون لم يجعل من طريقة إثبات نسب الولد لأبيه إلا ما نصت عليه المادة 40 من قانون الأسرة الجزائري .
يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32 و33و34 من هذا القانون و يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب "
كما تضيف المادة 41 منه على انه: "ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا و أمكن الاتصال و لم ينفه بالطرق الشرعية"
ومن استقراء نص المادتين 40 و 41 يتبين لنا أن المشرع نظم ثبوت النسب بناء على وجود
--------
(1) د/ هلال يوسف إبراهيم أحكام الزواج العرفي للمسلمين و غير المسلمين من الناحية الشرعية و القانونية سنة 1995 ص 82 .
(2) في حالة الزواج الرسمي هناك المادة 61 من قانون الحالة المدنية تنص "يصرح بالمواليد خلال 5 أيام من الولادة إلى ضابط الحالة المدنية للمكان و ........."

الزوجية سواء بالزواج الصحيح أو الفاسد أو بنكاح الشبهة و بالإقرار و البينة و بالطرق العلمية متى التفت أسباب النشوء مع إمكانية الاتصال بين الزوجين و عدم نفي الولد بالطرق المشروعة .
أما المادة 43 من نفس القانون نصت على حالة ثبوت النسب من الأب بعد الفرقة من طلاق أو وفاة :"ينسب الولد لأبيه إذا وضع الحمل خلال 10 أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة ".
و تفصيلا لكل هذا قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين : نتعرض في الأول إلى ثبوت النسب بالزواج الصحيح و بعد فرقة الزوجين وفي الثاني إلى ثبوته بالزواج الفاسد و بنكاح الشبهة .

المبحث الأول : ثبوت النسب بالزواج الصحيح و ثبوته بعد فرقة الزوجين :
ما الزواج في حقيقته إلا تنظيم لصلات الرجال و النساء على شكل معين وفق نظام خاص و
الذي ينتج عنه الإنجاب الشرعي الذي يؤدي إلى تكاثر النوع البشري و استمرار الوجود الإنساني لذا شرع الله العلاقة الزوجية وسيلة للاستقرار و التناسل ، و هذه العلاقة لا تتم إلا في إطار عقد حددت الشريعة و القانون أركانه و شروطه ، و العقد الصحيح هو السبب الشرعي لثبوت نسب الولد ،أثاء قيام الزوجية أو بعد الفرقة بين الزوجين سواء من طلاق أو وفاة.

المطلب الأول : ثبوت النسب بالزواج الصحيح
الفرع الأول : ثبوت نسب المولود عند قيام الزوجية :
لقد عرف المشرع الجزائري الزواج في المادة 4 من قانون الأسرة الجزائري بأنه "عقد رضائي يتم بين رجل و امرأة على الوجه الشرعي ، من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و التعاون و إحصان الزوجين و المحافظة على الأنساب "أما المادة 09 و 09 مكرر منه فقد نصتا على التوالي :
"ينعقد الزواج بتبادل رضا الزوجين"
" يجب أن تتوفر في عقد الزواج الشروط الآتية :
-أهلية الزواج
-الصداق
-الولي
-شاهدان
-انعدام الموانع الشرعية للزواج "
كما ونصت المادة 40 من نفس القانون على انه : "يثبت النسب بالزواج الصحيح......" و الزواج الصحيح هو الذي تتوافر فيه أركان الانعقاد و شروط الصحة .
إذن إثبات نسب الولد بالفراش لا يحتاج إلى إقرار أو بينة ،لان الزوجية و هي مع زوجها بعقد صحيح يملك وحده حق الاستمتاع بها و حرام عليها أن تمكن غيره من هذا الاستمتاع و الأصل في الإنسان الأمانة و الاستقامة(1).
و ذلك يستخلص من المادة 36 من قانون الآسرة الجزائري التي تنص " يجب على الزوجين : المحافظة على الروابط الزوجية و واجبات الحياة المشتركة......."
لكن في الميدان العملي فان الاستمتاع الذي شرع لأغراض معينة بينها الشرع و التشريع ،قد يعترضه ما يحول دون تحقيق أهدافه الشرعية فقد تكون الزوجة كرهة لزوجها الأمر الذي يؤدي بها إلى إقامة علاقة غير شرعية ،المشكلة الأساسية تتمثل في ثبوت النسب عند حمل المرأة هل هو من زوجها ? أم انه ابن زنا أي من رجل آخر ? خاصة و إن الاكتشافات الحديثة للعلوم الطبية و البيولوجية أصبحت تلعب دورا مهما في تحديد نسب الطفل (2) الأمر الذي جعل المشرع الجزائري يدرج الطرق العلمية الحديثة كوسيلة لإثبات النسب متى كانت العلاقة شرعية ضمن نص المادة 40 من قانون الأسرة وهذا تماشيا مع التطور العلمي لوسائل الإثبات.
فمن زاوية القانون يعتبر النسب من أهم الحقوق التي تثبت للمولود لهذا حرمت الشريعة الإسلامية و بعدها المشرع الجزائري الزنا و ابن الزنا يعد ولدا غير شرعيا لا يكتسب نسب والده ،و المشرع حفاظا على كرامة الطفل ،أكد إلحاق الولد بابيه كل ما أمكن ذلك لان الأصل عنده نسبة الولد إلى فراش الزوجية و سار القضاء في نفس الاتجاه حيث جاء في قرار للمحكمة العليا انه "من المقرر قانونا ان يثبت النسب بالزواج الصحيح و ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا و أمكنه الاتصال....." (3) لكن و بالرغم من الوسائل المتعددة لإثبات النسب فالمشرع أجاز للزوج نفي النسب بالطرق المشروعة(المادة41) و لهذا فان ثبوت النسب بالزواج الصحيح يتطلب مجموعة من الشروط نتطرق لها بالتفصيل في الفرع الموالي.
--------
(1) احمد محمود الشافعي الطلاق و حقوق الأولاد و الأقارب طبعة 1987 ص 141
(2) د/تشوار الجيلالي الزواج و الطلاق تجاه الاكتشافات الحديثة للعلوم الطبية و البيولوجية طبعة 20001 ص 163
(3) المحكمة العليا غ ا ش قرار في 20-10-98 رقم الملف 204821 المجلة القضائية عدد خاص 2001 ص

الفرع الثاني : شروط ثبوت النسب بالزواج الصحيح :
أولا: إمكانية الاتصال بين الزوجين :
وفقا لأحكام المادة 41 من قانون الأسرة الجزائري فانه من ضمن ما يشترط لإثبات نسب المولود
من أبيه أن يمكن الاتصال بين الزوجين ،فالمادة صريحة بالأخذ بما ذهب و استقر عليه جمهور الفقهاء من ان النسب يثبت بالعقد مع إمكان الدخول ، إلا أن الأحناف لم يشترطونه في الزوجين و يكفي عندهم العقد لإثبات نسب من يأتي بعده في المدة المشروعة و قد وضع كل من الفريقين رايه فيما يلى :
1- جمهور الفقهاء :
ذهبوا إلى أن الفراش يحدث بالعقد فالعقد الصحيح هو السبب في ثبوت النسب بشرط إمكان الدخول، و يضيف المالكية الإشهاد على ذلك إذا وقع الفراق قبل الدخول و كان عدم الدخول ثابتا بالطرق الشرعية و لا يثبت النسب مثلا :إذا عقد رجل بالمشرق على امرأة بالمغرب ، ولم يكن قد حصل بين الزوجين تلاقي ظاهر و أكد الزوج انه لم يصل إليها،فلا نسب بين الزوج و الولد الذي أتت به الزوجة لكون الحمل ليس منه قطعا و هذا الحكم يوافق المالكية و الشافعية و يخالفهم في ذلك مذهب الحنيفة(1).
2- المذهب الحنفي :
يرى أن العقد الصحيح فراشا و لا حاجة لإمكان الاتصال ، و وجوده يكفي لان الاتصال لا يطلع عليه بخلاف العقد ، و الواقع أن إثبات النسب من تاريخ العقد عند الحنفية و أن لم يتحقق الدخول أو الوطء ،إنما يقصد به حماية الولد من الضياع و ستر العرض و منع مشكلة اللقطاء، فالولد يلحق بمن له زوجية صحيحة ،مثلا عندهم لو أن رجل تزوج بامرأة و لم يلتقي بها لمدة سنة ، فولدت بعد 6 أشهر من تاريخ الزواج ثبت النسب لاحتمال تلاقيها لان الإمكان المطلوب عندهم الإمكان العقلي(2)
3- وقد ذهب ابن تيمية : إلى أكثر من ذلك فقد اشترط الدخول المحقق أي لا يثبت الفراش الا بمعرفة الدخول الحقيقي مستند إلى ما قاله الإمام احمد و حجته في ذلك إن العرف و أهل اللغة لا يعدون المرأة فراشا إلا بعد البناء بها(3).
--------
(1) د/ سعد فضيل الشرح قانون الأسرة الجزائري في الزواج و الطلاق طبعة 1986 ص 213
(2) عبد العزيز عامر الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية فقها و قضاءا سنة 1976 ص 16
(3) احمد عمراني أحكام النسب بين الإنجاب الطبيعي و التلقيح الاصطناعي رسالة الماجستير في القانون الخاص سنة 2000 ص 24

ثانيا : ولادة الولد بين اقل و أقصى مدة الحمل :
يحتاج الجنين إلى البقاء في بطن أمه مدة يتكون فيها بناؤه و يكمل خلقه وتتم أعضاءه حتى يخرج إلى الحياة بشرا سويا ،و من المعلوم أن النساء يلدن ل(09) أشهر و غالبا ما تنقص امرأة عن ذلك و نادرا ما تزيد . و ما استقر عليه المشرع الجزائري أن أدنى مدة الحمل هي ستة أشهر و أقصاها عشرة أشهر،و هذا ما جاء به في قانون الأسرة، حيث نصت المادة 42 منه على أن: "اقل مدة حمل ستة أشهر و أقصاها عشرة أشهر" و هذا ما استقرت عليه المحكمة العليا في قرارتها حيث جاء قرار صادر عن غرفة الأحوال الشخصية في 19/05/98 ملف رقم 193825 انه : " من المقرر شرعا أن الزواج في العدة باطل و من المقرر قانونا ان اقل مدة الحمل ستة أشهر و أقصاها عشرة أشهر....". و بالتالي علينا تفصيل مسألتي أدنى مدة للحمل و أقصاها.
- اقل مدة الحمل 06 أشهر دليل ذلك آيتين كريمتين من القران الكريم ففي سورة الاحقاف (الاية 15) قال الله تعالى "و وصينا الإنسان بوالديه إحسانا ،حملته أمه كرها،ووضعته كرها و حمله و فصاله ثلاثون شهرا....."
و في سورة لقمان الآية(14) قال تعالى : "ووصينا الإنسان بوالديه،حملته أمه وهنا على وهن،
و فصاله في عامين....." فمن هاتين الآيتين الكريمتين يثبت أن مدة الحمل و الرضاع ثلاثون شهرا فإذا أسقطنا منها مدة الرضاع عامين أي أربعة و عشرين شهرا بقيت مدة ستة أشهر، و هي اقل مدة الحمل و هذه المدة الأقل جاءت الأبحاث الطبية الحديثة تؤيدها و تؤكد إن المولود الذي تضعه أمه بعد حمل ستة أشهر قابل للحياة شانه شان أي مولود آخر يولد بعد حمل ستة أشهر(1).
- أقصى مدة الحمل : أما هذه الأخيرة فقد اختلف فيها الأئمة و لهم في ذلك قولان (2)
القول الأول : هو لابو حنيفة ، وحاصله أن أكثر مدة الحمل سنتان ، و سنده في ذلك حديث روي عن عائشة رضي الله عنها "ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عمود المغزل"
القول الثاني : وهو قول الأئمة الثلاثة مالك و الشافعي و ابن حنبل و حاصله في ذلك ما رواه الدار القطني عن مالك بن انس انه كان يقول: "هذه جارتنا امرأة محمد ابن عجلان امرأة صدق و زوجها رجل صدق
--------
(1) سميح عاطف الزين العقود طبعة 1994 ص 184
(2) محمد محي الدين عبد الحميد الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية الطبعة الأولى 1984 ص 358

حملت 3 أبطن في اثنتي عشر سنة ، كل بطن في أربعة سنين".
لكن كلها أقوال متباينة و متباعدة لم يرد عليها نص لا في القران الكريم و لا في السنة
النبوية ، بينما المشرع الجزائري حددها بعشرة أشهر كما جاء به في المادة 42 المذكورة سابقا.
أما عن بداية حساب اقل و أقصى مدتي الحمل تكون من تاريخ توافر عقد الزواج الصحيح و إمكانية الاتصال بين الزوجين فلا يمكن الاعتداد بتاريخ إبرام عقد الزواج فقط.
* و بعد الحمل: تأتي الولادة كإثبات لواقع اللقاء الجنسي بين أنثى و ذكر كانا سببا في نتاج طفل، و السبب لا ينظر في ثبوته إلا بعد تحقق الولادة و تعيين المولود ،لكن الحمل بهذا المفهوم (الإنجاب الطبيعي) أي الناتج عن الاتصال الجنسي الطبيعي بين الزوجين اخذ أبعادا أخرى في وقتنا المعاصر،فلما كانت الأمومة و الأبوة أمر فطري في الإنسان واجه العلم مشكل العقم حيث توصل إلى إيجاد حل بديل عن الإنجاب الطبيعي فظهرت تقنية التلقيح الاصطناعي إلا أن هذا الأخير قد احدث تساؤلات و استفسارات عن سبب الأطفال المولودين بهذه الكيفية بالنظر إلى أحكام النسب المحددة شرعا و قانونا.
مما جعل المشرع ينص في قانون الأسرة الجديد إلى جوازية اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي
بموجب المادة 45 مكرر و لكنه اعتمد شروطا ضرورية أولها انه لا يمكن اللجوء للتلقيح الاصطناعي إلا في إطار عقد زواج شرعي و الذي يعطي العملية أساسها القانوني.
- لهذا ارتأينا ضرورة التطرق تحت هذا العنوان إلى مسالة الإنجاب بواسطة التلقيح الاصطناعي و شروطه كونها من المستجدات التي أدرجها المشرع ضمن قانون الأسرة الجديد.

ثالثا: ثبوت النسب بواسطة التلقيح الإصطناعي :
أمام تعدد طرق حمل المرأة بعدما كان الإنجاب ينحصر في مفهومه الطبيعي فقط ظهر
الإنجاب الاصطناعي و حمل المرأة بواسطة التلقيح الاصطناعي،هذا بالإظافة الى إرتفاع عدد الراغبين في عملية التلقيح خاصة التلقيح خارج الرحم و نذكر على سبيل المثال ما تشهده عيادة" الفرابي بعنابة" حيث يوجد على مستواها 200 ملف لنساء يعانون من العقم ينتظرون دورهن لإجراء هذه العملية التي تعتبر بالنسبة لهن الأمل الوحيد في تحقيق حلم الأمومة ، فمع هذا الانقلاب العلمي و الاجتماعي وضع المشرع الجزائري ايطار قانوني و ضوابط من شانها تنظيم اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي بشكل يجعلها تتماشى و أحكام الشريعة الإسلامية و تحريم أية علمية تستدعي تدخل طرف أجنبي عن العلاقة الشرعية ، هذا و قد كرس المشرع الجزائري في نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة الجديد حق اللجوء إلى
التلقيح الاصطناعي باعتباره احدث الوسائل العلمية للإنجاب مؤكدا على انه لا يمكن اللجوء إليه إلا في ايطار وجود عقد زواج الذي يعطي الأساس القانوني للعملية و منع اللجوء للأمم البديلة ، هذا كله باعتبار أن هذه الحالة هي من مستجدات العصر و من أمهات مسائل الفقه الجديدة و قد اعتمدت معايير و حددت شروط لا تتعارض مع أحكام الشرع و لا الطب.

أولا : شروط اللجوء إلى عملية التلقيح الاصطناعي :
عملية التلقيح الاصطناعي هي إدخال البذور الذكرية في الجهاز التناسلي للمرأة بغير الطريق الطبيعي ، وهذه العملية الحساسة تتم بكيفيتين هما التلقيح الداخلي و التلقيح الخارجي إلا انه و تنظيما لكل هذا ضبط المشرع هذه العملية بشروط وردت في نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة و هي :
1-أن يكون الزواج شرعيا :
أي أن يثبت الزواج الصحيح بين الزوجين و وجود عقد زواج يعطي العملية أساسها القانوني وقد سبق التطرق إلى هذه النقطة أي الزواج الشرعي في الفرع الأول.
2- أن يكون التلقيح برضى الزوجين و أثناء حياتهما :
و قد وضع هذا الشرط حتى يلجأ الناس الى استعمال بنوك النطاف المجمدة و ما قد ينجر عنها
من فساد و اختلاط في الأنساب و تحايل من جهة , و نظرا لكون العلاقة الزوجية تنقضي بالوفاة من جهة أخرى ,و بالتالي لا يجوز أن تلقح المرأة بنطاف زوجها تلقيحا اصطناعيا و يلحق به النسب و العلاقة الزوجية تكون قد انتفت أو انتهت كما أنه لا نسب بعد الوفاة أو أقصى مدة الحمل و التي هي عشرة شهور وفقا لأحكام قانون الأسرة لا سيما المادة 43 من قانون الأسرة(1).
3- أن يتم بمني الزوج وبويضة رحم الزوجة دون غيرهما :
أجاز المشرع التلقيح الصناعي بالوسائل العلمية الحديثة باستعمال ماء الزوجين فقط حفاظا
على حرمة النسب و شرعيته و الذي كان قد أفتى بجوازه الشيخ أحمد حماني عليه رحمة الله منذ 1973 ,ولم يكن منفردا برأيه ولا بفتواه إذا اعتمدت توصيات اللجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة على مبادئ الاجتهاد الجماعي سيما اجتهاد مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان الأردن أيام :11-16 أكتوبر 1986 بموجب قرار رقم 16 (04/03) الذي قرر جواز التلقيح الاصطناعي شرعا بطريقتين و حرمت ما عداها بعد الاستماع لشرح الخبراء و الأطباء و الطريقتان اللتين لا حرج من
--------
(1) بن داود عبد القادر ،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجديد ، ص 113

اللجوء إليهما هما وفقا لمنطوق قرار مجمع الفقه الإسلامي (1).
1- أن تأخذ نطفة من الزوج و بويضة من زوجته و يتم التلقيح خارجيا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
2- أن تأخذ بذرة الزوج و تحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحا داخليا.

ثانيا : مسألة تخلف إحدى شروط عملية التلقيح الإصطناعي :
عندما أباح المشرع الجزائري اللجوء إلى عملية التلقيح الإصطناعي بموجب الأمر 05/02 المعدل والمتمم لقانون الأسرة ،وضع شروطا سبق تبيانها على الوجهالذي ذكرناه ،إلا أنه لم يوضح الجزاء المترتب على تخلف إحدى هذه الشروط الواردة في المادة 45 مكرر ،نضرا لإعتبارها شروطا في غاية الأهمية تجعل التفكير عن الاثار المترتبة على تخلفها في غاية الدقة ،ومن تمة كان لا بد من التساؤل عن هذه المسألة.
فلو تصورنا مثلا أن عملية التلقيح الإصطناعي قد تمت من غير مني الزوج أو من دون عقد زواج شرعي أو بتخلف شرط موافقة الزوج الصريحة فما أثر ذلك ? وما موقف المشرع الجزائري في هذه المسألة?
في حقيقة الأمر أن المشرع الجزائري قد وضع إيطارا قانونيا لميألة التلقيح الإصطناعي دون أن
يفكر فيما يرتبه تخلف إحدى شروطه من اثار على العلاقة الزوجية من جهة أولى وبالنسبة لثبوت ونفي
النسب في هذه الحالة لهذا ذهب الدكتور أحمد الجودي إلى القول أن النسب في حالة التلقيح الإصطناعي بغير ماء الزوج يأخذ حكم الولد الذي ينشأمن الزنا وهو ما يجعل نفيه واجبا طبقا للأحكام الشرعية(اللعان) كما أن بعض التشريعات سلكت مسلكا مخالفا لما ذهب إليه المشرع الجزائري، بحيث رتبت جزاء على كل عملية إستدعت تدخل طرف أجنبي عن العلاقة الشرعية كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الليبي الذي دعى إلى تجريم التلقيح الإصطناعي في حالة ما إذا كانت الحيوانات المنوية من غير زوج المرأة ،في المادتين 403 مكرر (أ) و403 مكرر(ب) من قانون العقوبات الليبي (2) .
--------
(1) قرارات و توصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ،للدورات 1-10 القرارات 1-97 عن منشورات دار القلم بدمشق و مجمع الفقه الإسلامي بجدة ،الطبعة 02 سنة 1998.
(2) د/إدوار غالي الذهبي ،دراسات في قانون العقوبات المقارن،جريمة التلقيح الإصطناعي في قانون العقوبات الليبي ، ص131
المادة 403 مكرر(أ) و 403 مكرر (ب) ،نشر هذا القانون،رقم 175 الصادر عن مجلس قيادة الثورة في الجريدة الرسمية، عدد 61 بتاريخ 23/12/1972 .

النسب في هذه الحالة لهذا ذهب الدكتور أحمد الجودي إلى القول أن النسب في حالة التلقيح الإصطناعي بغير ماء الزوج يأخذ حكم الولد الذي ينشأمن الزنا وهو ما يجعل نفيه واجبا طبقا للأحكام الشرعية(اللعان) كما أن بعض التشريعات سلكت مسلكا مخالفا لما ذهب إليه المشرع الجزائري، بحيث رتبت جزاء على كل عملية إستدعت تدخل طرف أجنبي عن العلاقة الشرعية كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الليبي الذي دعى إلى تجريم التلقيح الإصطناعي في حالة ما إذا كانت الحيوانات المنوية من غير زوج المرأة ،في المادتين 403 مكرر (أ) و403 مكرر(ب) من قانون العقوبات الليبي (1) .
فقد جاء في نص المادة 403 مكرر (أ) أنه :"كل من لقح إمرأة تلقيحا صناعيا بالقوة أو التهديد أو الخداع يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات..... وتكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على خمسة سنوات إذا كان التلقيح برضاها ،وتزاد العقوبة بمقدار النصف إذا وقعت الجريمة من طبيب أو صيدلي أو قابلة أو أحد معاونيهم "
أما المادة 403 مكرر (ب) فتنص على أنه :" تعاقب المرأة التي تقبل تلقيحها صناعيا أو تقوم بتلقيح نفسها صناعيا بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، و يعاقب الزوج بذات العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا كان التلقيح بعلمه ورضاه وسواء وقع التلقيح من الزوجة أو من الغير"
لذلك كان على المشرع التفكير في وضع إيطار جزائي لمثل هذه المخالفات كأثر يترتب على تخلف هذه الشروط التي تكتسي أهمية بالغة مثلما ذهبت إليه باقي التشريعات .

4- لا يجوز استعمال الأم البديلة :
رأي المشرع منع استعمال الأم البديلة ، حتى لا تتحول الأمومة إلى سلعة تؤجر و تستأجر ،
لأن الأمومة ليست فقط علاقة بيولوجية بل معنى الأمومة إنما يكمن في الحمل أساسا ، لذلك قال تعالى :ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن "(1) وقال "حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله و فصاله ثلاثون شهرا" (2).فربط القران الكريم بين الحمل و الأمومة فالتي تحمل هي الأم و ليست من تمنح البيضة لغيرها لقاء أجر معين ،فتعين من باب سد الذرائع و درأ المفسدة بمنع الأم البديلة مهما كان في هذه الطريقة من مصلحة آتية لان المفسدة فيها أكبر (3).
--------
(1) الآية 14 من سورة لقمان.
(2) الآية 15 من سورة الأحقاف.
(3) بن داود عبد القادر،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجديد ص113.

رابعا :عدم نفي الولد بالطرق المشروعة :
المشرع الجزائري لم يورد عبارة اللعان صراحة في المادة 41 من قانون الأسرة غير أن عبارة اللعان وردت في المادة 138 من نفس القانون :"يمنع من الإرث اللعان و الرد".
فيستخلص من عموم عبارة "لم ينفه بالطرق المشروعة" انه رغم الحالات التي ذكرت في المادة 40 من قانون الأسرة الجزائري لثبوت النسب إلا أن المشرع أجاز للزوج نفيه بالطرق المشروعة فطبقا للقواعد و الأحكام الشرعية العامة ،حين يظهر حمل الزوجة و تبين للزوج أنه زنى زوجته ،يحق له أن يدعي أن هذا الحمل ليس منه ،أما إذا مضى وقت طويل نسبيا بعد الحمل أوالوضع فانه لا يقبل منه نفي نسبه،وعلى هذه المبادئ سار القضاء الجزائري في أحكامه ،وقد جاء في قرار للمحكمة العليا:"اللعان لا يتم أمام المحاكم بل مكانه المسجد العتيق ولا يصبح من غيره ولا يصبح في غيره من المساجد ،وفي أجل محدد لا يتجاوز 08 أيام من يوم العلم بالحمل الذي يراد نفيه" هذا ما استقر عليه اجتهاد المحكمة العليا ،مع أن الإمام مالك رضي الله عنه ،فقد حدد بيوم واحد من يوم العلم و الإسقاط الحق في المطالبة باللعان سواء لرؤية أو لنفي الحمل (1)
أما عن كيفية إجراء الملاعنة بين الزوجين فانه إذا تبين للزوج احتمال خيانة زوجته له و يريد نفي المولود الذي أتت به بين أدنى و أقصى مدة الحمل أثناء قيام الزوجية فليس له إلا أن يرفع دعوى اللعان أمام المحكمة وبعد تعيين جلسة سرية يحضرها الزوج و الزوجة ويعرض كل منهما حججه و ادعاءاته وإذا أصر الزوج على اتهام الزوجة بالزنا فان القاضي يأمره بالملاعنة وهي أن يحلف ويقول أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به ويكرر هذا أربع وفي الخامسة يقول أن لعنة عليه أن كان من الكاذبين ،ثم يأمر الزوجة بعد ذلك أن تحلف و تقول أشهد بالله أنه لمن الكاذبين وتكررها أربع مرات وفي المرة الخامسة تقول :"أنه غضب الله عليها إن كان من الصادقين" و بعد الانتهاء من هذه الصيغة الشرعية يثبت القاضي ذلك في حكمه ويقرر التفريق بينهما حالا بطلقة بائنة.(2)
أما حكم الامتناع عن اللعان من الناحية القانونية :
فان امتناع الزوج عن اللعان يعرضه للمتابعة بتهمة القذف تطبيقا لأحكام المادة 296
من قانون العقوبات،أما المادة 298 فتحدد العقوبة بالحبس من 5 أيام إلى 6 أشهر وبغرامة من 150 إلى 1500دج أو بإحداها.
أما إذا كان الامتناع عن اللعان من الزوجة فان أحكام المادة 341 من قانون العقوبات نصت على
--------
1) رسالة قانونية ،سنة 2002 ، ص15 ،قرار المحكمة العليا ،غ أ ش مؤرخ في 28/10/97
(2) أحمد عمراني ،أحكام النسب بين الإنجاب الطبيعي والتلقيح الإصطناعي ، رسالة ماجستير في القانون الخاص ،سنة 2000 ص 80 .

أن تهمة الزنا لا تثبت إلا بثلاث وسائل ،بموجب محضر يحرره أحد رجال الضبط القضائي في حالة تلبس أو بإقرار وارد في رسائل أو مستندات صادرة عن المتهم أو إقرار قضائي ،ومن تم فانه بعدم توفر أحد هذه الأمور الثلاثة لا يمكن متابعة الزوجة بتهمة الزنا ،أو تفسير نكولها عن اللعان بأنه اعتراف ضمني منها بالزنا.
وعليه فإذا استطاع الزوج تقديم الدليل المذكور أعلاه فلا لعان حيث أن الزنا ثابت و اللعان ما شرع إلا عندما لا يمكن للزوج أن يثبت الزنا بالدليل المطلوب ’لذا يمكنه قانونا رفع دعوى اللعان أمام القضاء وقد حكم بأنه عند انعدام البينة على جريمة الزنا ،يستوجب اللعان بين الطرفين.
وتجدر الملاحظة في هذا المجال أن نفي الولد بالطرق المشروعة قد فتح أمام التعديل الذي طرأ على المادة 40 بموجب الأمر 05/02 ،فيما يخص الطرق العلمية كوسيلة من وسائل هذا النفي ،باعتبارها من الطرق العلمية المشروعة لنفي النسب ،ذلك أن مفهوم المخالفة في ذلك أن استعمال هذه الوسائل لإثبات النسب يقتضي بالضرورة ،ومن باب أولي استعمل كذلك للنفي ،ما دامت تؤدي إلى نفس النتيجة الأكثر حتمية مقارنة باللعان الذي يبقى مجرد تصريح للزوجين يحتمل الصدق و الكذب معا .
إلا أنه و نظرا إلى كون الطرق العلمية هي الأمر الجديد في البحث و الذي خصصنا له مبحثا كاملا في الفصل الثاني نتعرض فيه وبصورة أدق إلى دور هذه الطرق العلمية الحديثة سواء في مجال إثبات النسب أو الصورة العكسية أي نفيه نتناول هذه المسألة في العنوان المخصص لها.

المطلب الثاني: ثبوت النسب بعد الطلاق أو وفاة الزوج:
قد تكون الفرقة بين الزوجين بالطلاق أو الوفاة ، والسؤال الذي يمكن طرحه فيما يخص هذا الموضوع هو إذا جاءت الزوجة بولد بعد الطلاق أو وفاة زوجها ،فهل ينسب إلى زوجها دون قيد أو شرط أم أنه هناك شروط لا بد من توفرها لإمكانية نسب الولد لأبيه ??
وهل أن نسب الولد لأبيه من طلاق يخضع لنفس الشروط لنسبه لأبيه من وفاة ?
لقد جددت المادة 43 من قانون الأسرة حكم المطلقة أو المتوفى عنها زوجها على أنه يثبت نسب ولدها إذا ولدته خلال عشرة أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة لكن كما هو معلوم فالطلاق رجعي و بائن إلا أن المشرع الجزائري لم يميز بين المطلقة رجعيا و المطلقة بائنا مع أن الفقهاء فرقوا بينهما ، والفرق أن الطلاق الرجعي لا يرفع قيد الزواج إلا بعد انقضاء العدة و يمكن للزوج مراجعة زوجته و مجامعتها خلال فترة العدة وقد تحمل خلال ذلك وتمضي 10 أشهر على وقوع الطلاق ،ولم يمضي بعد عشرة أشهر على المراجعة الفعلية بوقوع زوجته (1) ،أما الطلاق البائن مثل الموت يرفع قيد الزواج على الحال (2).
لذلك لا بد من التمييز بين الطلاق الرجعي و البائن.
--------
(1) د/ العربي بلحاج ، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ،الزواج و الطلاق ، ص 193
(2) أحمد إبراهيم بك / واصل علاء الدين أحمد إبراهيم ،أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة و القانون سنة 1994،ص501

الفرع الأول: ثبوت نسب الولد بعد الطلاق:
أولا : نسب المولود بعد طلاق رجعي :
تنص المادة 43 من قانون الأسرة على أن الولد ينسب لأبيه إذا وضع الحمل خلال عشرة أشهر
من تاريخ الانفصال أو الوفاة.
* لكن وقبل التوسع أكثر في هذه النقطة لا بد من التعرض للغموض الذي تثيره كلمة" الانفصال" الواردة في نص المادة 43 من قانون الأسرة فالمادة 43 نصت على كلمة انفصال و التي يقابلها بالنص .séparationالفرنسي
في حين تنص المادة 60 من نفس القانون على الطلاق الذي تقابله في النص الفرنسي كلمة .divorce
فهل المشرع قصد بالانفصال، الطلاق بمعنى الانفصال الجسدي (عدم الاتصال الجسدي) بين الزوجين مع بقائهما متزوجين أم يقصد به الطلاق بحكم من القاضي ??
فالقول أن الانفصال هو الطلاق كما هو وارد في نص المادة 60 من قانون الأسرة قد يضعنا أمام مشكل في الواقع العملي فالطلاق في ظل القانون الجزائري لا يكون إلا بحكم وفقا للمادة 49 من قانون الأسرة ،لذلك فإننا نبدأ في حساب مدة العشرة أشهر من يوم صدور حكم الطلاق من القاضي ،لكن فهذه الوضعية تضعنا أمام صورة شاذة صورتها أنه يمكن للزوجة المطلقة أن تلد ولدا خلال مدة عشرة أشهر من تاريخ صدور حكم الطلاق وعلى هذا الأساس يثبت النسب للمطلق ويسجل في سجلات الحالة المدنية على اسمه ،إلا أن واقع الأمر أن الطفل قد أنجب خلال مدة أكبر من عشرة أشهر و هذا ما يتناقض و المبادئ الأساسية للنسب سواء شرعا أم قانونا لذلك فالمعنى الأصح للانفصال و الذي يتماشى مع أحكام النسب الشرعية هو الانفصال الفعلي بين الزوجين بغض النظر عن الطلاق بحكم القاضي الذي قد يتأخر صدوره عن تاريخ الانفصال الحقيقي للزوجين أي من يوم تلفظ الزوج للطلاق و فراقه لزوجته.
لكن و بما أن القانون لم يعطينا الحل هل حساب المدة المرجوة (العشرة أشهر) تحسب من تاريخ الانفصال أو من تاريخ الطلاق بحكم القاضي ?
لهذا فالحل والى أن يكون النص القانوني غاية في الوضوح الأمر يعود إلى القاضي وتفسيره لكلمة "الانفصال" أي يفسرها قياسا على القواعد العامة للنسب.
وكما قلنا سابقا أن المشرع لم يميز بين الطلاقين الرجعي والبائن ،إلا أن الطلاق الرجعي يمكن فيه للزوج مراجعة زوجته خلال فترة العدة فيجامعها لذلك فانه إذا جاء الولد خلال فترة العدة دون إقرار الزوجة بانقضاء مدتها ففي هذه الحالة يثبت النسب من الزوج المطلق هذا سواء أتت به الزوجة لأقل مدة الحمل أو لأقصاها أو حتى لأكثر من عشرة أشهر من تاريخ الطلاق أما إذا جاء الولد بعد انقضاء العدة وهذا بإقرار الزوجة شخصيا بانتهاء المدة ففي هذه الحالة علينا التمييز بين :
- ما إذا أتت الزوجة بالطفل لأكثر من ستة أشهر من إقرارها فبذلك لا ينسب للمطلق لأنه يحتمل أن تلده الزوجة لرجل أخر.
- أما إذا جاءت بالطفل لأقل من ستة أشهر من إقرارها يثبت النسب للأب المطلق على أن المدة بين الطلاق (الفرقة) ووضع الحمل لا تتجاوز أقصى مدة الحمل وهنا يثبت أن إقرارها غير صحيح بمعنى كاذب هذا لحملها في فترة العدة التي كانت تدعي انتهائها .
إلا أننا نلاحظ من خلال نص 43 من قانون الأسرة أنها وضعت شرطا واحدا لإمكانية إلحاق الولد بالزواج المطلق أو المتوفى عن زوجته ، وهو ولادة خلال 10 أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة ،وعليه فإذا كانت الزوجة المد خول بها الحامل قد جاءت بمولود بعد يوم أو أسبوع أو شهر من وفاة زوجها أو طلاقها منه فان هذا المولود ينسب إلى الزوج دون ريب أو خلاف ،وإذا لم يكن حملها ظاهرا قبل الطلاق أو الوفاة فان هذا الولد يلحق بأبيه إذا وقعت الولادة خلال 10 أشهر من تاريخ الانفصال ،ويسجل في سجل الحالة المدنية على لقب الزوج أو اسمه ، ولكن إذا وقعت ولادته بعد مرور أكثر من 10 أشهر بعد الطلاق أو مرت فلا يثبت نسبه إلى أبيه ، إلا إذا نسبته الزوجة دون علم الزوج المطلق أو المتوفى أورثته ومن هنا من حق أي شخص له مصلحة أن يطعن في هذا النسب ويرفع دعوى أمام القضاء تتعلق بإسناد نسب المولود إلى الزوج زورا (1).

ثانيا : نسب الولد بعد طلاق بائن :
هنا لا يمكن للزوجة أن يمسها أو يطأها أي رجل سواء زوجها أو غيره خلال فترة العدة فيثبت نسب
الولد للزوج المطلق يشترط أن يولد في مدة عشرة أشهر من تاريخ الطلاق (المادة 43 من قانون الأسرة) ،لكن إذا أقرت بانقضاء عدتها في مدة يحتمل تصديقها وجاءت بالطفل لأكثر من ستة أشهر من تاريخ الإقرار لا يثبت للمطلق.
--------
(1) عبد العزيز سعد ،ص219.

الفرع الثاني: نسب المولود بعد وفاة الزوج:
هنا أيضا يجب التمييز بين حالة إقرار الزوجة بانقضاء عدتها أين ينسب الطفل للزوج المتوفى إذا وضعته الزوجة في أقل مدة للحمل أي أقل من ستة أشهر هنا يثبت النسب من الزوج المتوفى لاحتمال أن يكون الحمل من غيره لكون أن العدة قد انقضت و يفترض بذلك صحة إقرارها ،أما في حالة عدم إقرار الزوجة بانقضاء عدتها فان نسب المولود يثبت للمتوفى إذا وضعته ما بين تاريخ الوفاة و أقصى مدة الحمل أي عشرة أشهر أما أكثر من ذلك فلا يثبت النسب لأنه من غير المعقول أن تكون قد حملت بعد وفاة الزوج.
- هذا عن رأي المشرع فيما يخص ثبوت النسب بعد الطلاق أو الوفاة لكن نظرة الأئمة الأربعة مختلفة ،فرأي الإمام أبو حنيفة أنه يثبت نسب المطلقة رجعيا إذا جاءت به لسنتين أو أكثر ما لم تقر بانقضاء عدتها ، ثم جاءت بولد لا يثبت نسبه إلا إذا جاءت به أقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فانه يثبت نسبه لتيقن بقيام الحمل وقت الإقرار وهذا كذلك في المطلقة بائنا و المتوفى عنها زوجها إذا ادعت بعد أربعة عشر وعشرا انقضاء عدتها ثم جاءت بولد لتمام 06 أشهر لا يثبت نسبه من الميت وان جاءت به لأقل منها ثبت نسبه منه (1).
أما رأي المالكية و هي أربع سنين ،فعنِِِدهم إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا أو طلاقا يملك فيه الرجعة،فإن الولد يلزم الزوج إذا جاءت به في أربع سنين،فالمعتدة إذا أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت بولد بستة أشهر فصاعدا من بعد انقضاء عدتها يلحق بالزوج ما لم تتزوج أو يبلغ أربعين سنة.
--------
(1) د/أحمد أحمد موضوع النسب في الشريعة و القانون الطبعة الأولى 1983ص 133 .




أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : manel


التوقيع



إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة Emptyالسبت 20 أكتوبر - 13:28
المشاركة رقم: #
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو الجوهرة
الرتبه:
عضو الجوهرة
الصورة الرمزية


البيانات
عدد المساهمات : 17945
تاريخ التسجيل : 17/10/2012
رابطة موقعك : ورقلة
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة



إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة

المبحث الثاني :ثبوت النسب بالزواج الفاسد و نكاح الشبهة :
تنص المادة 40 من قانون الأسرة أنه يثبت النسب بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32و33و34 من هذا القانون ومنه :
المطلب الأول:ثبوت النسب بالزواج الفاسد:

الفرع الأول:الزواج الفاسد و أسبابه:
الزواج الفاسد هو كل عقد وجد فيه الإيجاب و القبول ولكنه فقد شرطا من شروطه الأساسية (1)
الواردة في المادة 9 مكرر من قانون الأسرة كأن يكون العقد من دون ولي في حالة وجوبه أو صداق أو كأن يشتمل على مانع من موانع الزواج الشرعية أو عدم توافر أهلية الزوجين ،فهو الزواج الذي يختل فيه شرط من شروط الصحة ،ويتوفر فيه سببا من أسباب الفسخ ، فالفسخ هو الجزاء الذي قرره المشرع الجزائري على العقد الفاسد و الفسخ يكون وفقا للمواد 33و34 من قانون الأسرة :
- إذا تم الزواج بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالة وجوبه هذا قبل الدخول أما بعد الدخول فثبت الزواج بصداق المثل.
- إذا اشتمل الزواج على مانع قانوني أو شرعي سواء المؤبدة أو المؤقتة فانه يفسخ قبل الدخول وبعده ويترتب عليه ثبوت النسب و وجوب العدة.
وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قراراتها حيث قضت في إحدى قراراتها : "المحصنة أو المتزوجة تحرم على الزواج الثاني ،وأن هذا الزواج يفسخ قبل الدخول وبعده ويترتب عليه ثبوت النسب" وتجدر الإشارة إلى أن المادة 32 من قانون الأسرة كانت قبل التعديل تقرر الفسخ إذا اشتمل العقد على مانع أو شرط يتنافى مع مقتضيات العقد أو إذا ثبتت ردة الزوج ،إلا أنه وبموجب الأمر 05/02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 المعدل و المتمم لقانون الأسرة الجزائري قد تم تعديل المادة 32 منه والتي أصبحت تقرر بطلان الزواج في حالة اشتماله على شرط أو مانع يتنافى ومقتضيات العقد ،هذا مع الحذف بصفة كلية ردة الزوج كسبب من أسباب فسخ الزواج .فأصبحت المادة 32 من قانون الأسرة تنص على الزواج الباطل ، إظافة إلى الفقرة الأولى من المادة 33 من قانون الأسرة التي أصبحت تقرر
---------
(1) : د/العربي بلحاج ،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري’الزواج و الطلاق طبعة 1999 ص 148.

بطلان الزواج اذا اختل ركن الرضا ففي ماعدا ذلك يعتبر الزواج فاسدا أي اذا اختل شرط من الشروط الواردة في المادة9 مكرر من لتقرير المشرع جزاء الفسخ .
ومنه فقد قرر المشرع الجزائري البطلان في حالتين هما:
- استمال العقد على مانع أو شرط يتنافى ومقتضياته.
- اختلال ركن الرضا فيه.
عدا هذا يعتبر العقد فاسدا رتب عليه بعض الأحكام بعد الدخول ،والزواج الفاسد والباطل بمعنى واحد عند جمهور الفقهاء إلا الحنفية ،وعند المالكية فان الزواج الباطل أو الفاسد هو ما حصل خلل في ركن من أركانه أو شرط من شروط صحته.

الفرع الثاني : شروط ثبوت النسب من الزواج الفاسد:
المشرع لا يعترف بثبوت النسب في الزواج الفاسد قبل الدخول،بل يعتبره زنا و يتعرف به بعد الدخول وتترتب عليه بعض الآثار القانونية ومنها ثبوت النسب ،الإرث ،النفقة،ذلك لمصلحة الولد خشية من ضياع نسبه.
كما حرص الدين كذلك على أن يثبت النسب في الزواج الفاسد كما يثبت في الزواج الصحيح ،إعمالا لمبدأ "وجوب الاحتياط لثبوت النسب حفاظا للولد من الضياع " لكنه يشترط في ذلك شروطا (1):
1- أن يكون الزوج قد دخل بالزوجة التي عقد عليها عقدا فاسدا ،فلو لم يكن هناك دخولا فلا محل للقول بالنسب ،لأن الفراش في النكاح الفاسد يثبت من حين الدخول الحقيقي.
2- أن يدعيه الأب بكيفية لا يرفضها العقل ولا العادة.
3- أن تأتي المرأة بالولد في أقل مدة للحمل وهي 6 أشهر.
إذن الشريعة الإسلامية توجب الاحتياط في الأنساب وتثبت النسب و تورث به في النكاح ولو فاسد.
ويرى علماء الفقه بأنه ليس هناك فرق بين الزواج الفاسد و الصحيح من حيث ثبوت النسب ، إلا أنهم اختلفوا في حساب مدة الحمل أتكون من وقت العقد أم من وقت الدخول?
- فأبو حنيفة و أبو يوسف يحسبانها من وقت العقد.
- ومحمد بن الحسن يحسبها من وقت الدخول ،و رأيه هو الرجح و عليه الفتوى(2).
---------
(1) أحمد محمود الشافعي ،المرجع السابق،ص149.
(2) أحمد محمود الشافعي، المرجع السابق،ص149

وبناءا على ما سبق يثبت نسب الولد الذي أتت به أمه لستة أشهر فأكثر من وقت الدخول بها، وعلى ذلك يثبت النسب لكل ولد تأتي به بعد هذه المدة ما دام يعاشرها معاشرة الزواج،وذلك على الراجح بالنسبة لاعتبار وقت الدخول لا وقت العقد عليها ،أما إذا أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الدخول فان النسب لا يثبت (1).
أما أقصى فترة الحمل بالنسبة للزواج الفاسد، فإنها تحتسب من تاريخ التفريق بين الزوجين ،فان جاءت الزوجة بولد فبل مضي عشرة أشهر اعتبارا من يوم التفريق ثبت نسبه من أبويه(2).
و خلاصة القول أنه إذا كان العقد الفاسد يعتبر كالصحيح ،فيما يخص إثبات النسب فان المنطق يقتضي أن يعامل كالعقد الصحيح من حيث احتساب مدة الحمل وهي من تاريخ إبرام العقد مع إمكان الدخول أو الاتصال على حد تعبير المشرع الجزائري.

المطلب الثاني:ثبوت النسب بنكاح الشبهة:
الفرع الأول:الدخول بشبهة و أنواعه:
تعرف الشبهة بأنها ما يشبه الثابت وليس بثابت، ونكاح الشبهة هو نكاح يقع خطأ بسبب غلط يقع فيه الشخص وهو من الأحداث القليلة الوقوع في أيامنا هذه.والدخول بشبهة على ثلاثة أنواع،لأن الشبهة إما أن تكون شبهة الملك أو شبهة العقد أو شبهة الفعل

أولا : شبهة الملك :
وتسمى أيضا شبهة الحكم أو شبهة في المحل،حاصلها أن يشتبه الدليل الشرعي على الرجل ،فيفهم منه إباحة وقاع المرأة في حين أنه غير مباح له ومن أمثلتها: أن يواقع الرجل امرأته التي طلقها طلاقا بائنا وهي في عدتها منه ظنا أن وقاعها يكون مراجعة لها كما في المطلقة طلاقا رجعيا اعتمادا على قول الرسول (ص) :"الكنايات رواجع".(3)
---------
(1) عبد العزيز عامر ،المرجع السابق،ص 77.
(2) د/ بلحاج العربي،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري،الزواج و الطلاق،طبعة1999 ،ص195.
(3) محمد محي الدين عبد الحميد ،الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية ،طبعة أولى 1984 ص 362

ثانيا : شبهة العقد :
حاصله أن يتزوج رجل امرأة زواجا صحيحا في البداية على اعتقاد أنها حل له وهو حل لها، ثم يتضح بعد الدخول أنها أخته من الرضاع ،مثلا،وهو بذلك يشبه إلى حد بعيد الزواج الفاسد من حيث أحكامه و أثاره.(1)

ثالثا: شبهة الفعل:
وفيها يعتقد الشخص حل الفعل و يظن في نفسه أن الحرام حلال من غير دليل قوي أو ضعيف، أو خبر من الناس،ومن أمثلة ذلك :أن يأتي الزوج زوجته التي طلقها ثلاثا في العدة ،أو أن يواقع الرجل امرأة على أنها زوجته ثم يتبين له من بعد أنها ليست زوجته .(2)

الفرع الثاني:حكم النسب عند الوطء بشبهة:
للفقهاء أراء كثيرة حول ثبوت النسب بالدخول بالشبهة ففي بعضها أثبتوا النسب وفي الآخر لم يثبتوه:
1- ففي شبهة الفعل: يرى البعض أن النسب لا يثبت للولد الحاصل من وطء ،في أية حالة من حالاتها ،وذلك لأن النسب لكي يثبت يجب أن يكون ملك أو حق في المحل،إذ هو لا يثبت بغير الفراش.
ولبعض الفقهاء اعتراض في شبهة الفعل ،اذ يقولون في من زفت له غير امرأته،وقيل له هذه امرأتك فوطئها،فهي ليست زوجته حقيقة،بل أجنبية عنه ،ومع أن هذا عندهم شبهة في الفعل فان النسب يثبت للولد الحاصل من وطء فيه.(3)
2- وفي شبهة العقد : فيها يسقط الحد عن الفاعل ،وان قال علمت أنها حرام ،ويثبت النسب ،لأن الوطء تعلقت به شبهة ،أما عند أبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة فان الحد لازم وكذلك لا يثبت النسب إن كان يعلم بالحرمة ،وعند الإمام مالك في نكاح المحارم أن من يعقد على أمه أو أخته أو عمته أو ذات رحم محرم منه ويطأها فانه يحد لذلك حد الزنا ،ما دام أنه عامد عالم بالتحريم ولا يثبت به نسب ،أما إذا لم يكن عالما بالحرمة ،فان الحكم منه عندهما هو الحكم عند أبى حنيفة فيسقط الحد ويثبت النسب (4)
---------
(1) د/عبد العزيز سعد ،الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ، طبعة 1989 ص214
(2) عبد العزيز عامر ،المرجع السابق ،ص81 .
(3) محمد محي الدين عبد الحميد ،المرجع السابق ،ص362
(4) د/عبد العزيز سعد ،الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري طبعة ثانية 1989 ص 214.

3- أما في شبهة الملك : فان النسب يثبت للولد الحاصل في الوطء بناء عليها إن ادعاه الواطئ ،وذلك لأن الفعل ليس يزنى لوجود الشبهة في المحل ،لأن النسب يحتاط في إثباته وجاء في الجوهرة أن كل موضع كانت الشبهة في المحل يثبت النسب منه إذا ادعاه .
تجدر الإشارة إلى أن فقهاء الشريعة الإسلامية أجمعوا على أن الاتصال الجنسي المبني على الشبهة يمحو وصف الزنا والدليل على ذلك إثباتهم النسب في حال نكاح الشبهة ،وفي هذا الموضوع يقول الإمام أبو زهرة : "أن الزنا لا يثبت نسبا ،لقول النبي (ص) :الولد للفراش وللعاهر الحجر" ولأن ثبوت النسب نعمة ،والجريمة لا تثبت النعمة ،يستحق صاحبها النقمة ،والزنا الذي لا يثبت نسبا هو الفعل الخالي من أي شبهة مسقطة للحد ،فإذا كان ثمة شبهة تمحو وصف الجريمة أو تسقط الحد فقط ،فان النسب يثبت على الراجح في الحال الثانية ،و بالإجماع في الأولى "(1).
والواقع أنه مهما يكن ،فان أصول التشريع عند جميع الأئمة تستدعي عدم جواز الحكم على إنسان تولد من ماء إنسان أنه ابن زنا متى أمكن حمله على أنه ابن شبهة ،فإذا توفر للقاضي تسعة وتسعون حيثية على أنه ابن زنا ،وتوفرت له حيثية واحدة على أنه ابن شبهة ،وجب عليه الأخذ بهذه الحيثية ، وطرح ما عداها ترجيحا للحلال على الحرام وللصحيح على الفاسد لقوله تعالى :"وقولوا للناس حسنا."(2)
وقد ثبت عن رسول الله (ص) عند جميع الأمة قوله "الحدود تدرأ بالشبهات" مما يعني أن الأحاديث و الآية القرآنية تحتم على كل إنسان أن لا يشهد ولا يحكم على أحد أنه تولد من حرام إلا بعد الجزم و اليقين أنه ليس في واقع الأمر أي نوع من أنواع الشبهة.(3)
ثبوت النسب بنكاح الشبهة هو واحد من الطرق التي تضمنتها المادة 40 من قانون الأسرة الجزائري في مجال إثبات النسب وبالتالي فان المشرع قد أقر مطلقا ثبوت النسب في نكاح الشبهة إذا جاءت به المرأة ما بين أقل مدة الحمل و أقصاها .
ومن جهة صرح الأستاذ الفرنسي "بوسكي" أن نظام الشبهة وجد في الفقه الإسلامي كباب مفتوحة للهروب من العقاب عن طريق محو وصف الجريمة و إسقاط الحد الشرعي ،فهو يرى أن الجريمة يستحق صاحبها العقاب الشرعي بدون تردد أو تهرب ،وردا على ذلك يرى الأستاذ "العربي بلحاج" أن هذا الرأي بعيد عن الفكر العلمي الصارم وعن حقيقة التشريع الإسلامي الذي ينص بأن الشبهة لا تمحو وصف الجريمة ولا تسقط الحد إلا إذا ثبت الخطأ أو الغلط أو الجهل الذي وقع فيه الشخص بحسن نية ،"والأمر موكول لتقدير القاضي" (4).
---------
(1) الإمام محمد أبو زهرة ،الأحوال الشخصية ،طبعة 1957 ،ص 388.
(2) سورة البقرة ،الآية 83.
(3) د/ سميح عاطف الزين ،العقود مجمع البيان الحديث ، موسوعة الأحكام الشرعية ،موسوعة الأحكام الشرعية المسيرة في الكتاب و السنة ،دار الكتاب المصري ، طبعة1994 ص186
(4) د/بالحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ، الزواج و الطلاق ،طبعة 1999 ،ص 197


الفصل الثاني : ثبوت النسب بالإقرار و البينة و بالطرق العلمية الحديثة :
الإقرار و البينة يعتبران من الأدلة العامة في النسب وفي غيره ،وهي الأدلة التي تستعمل قضاء لإثبات حقوق ما ومنها النسب .فقد أباح القانون للشخص أن يثبت نسب شخص اخر منه ،كأم تدعي بنوة طفل معين أو أب يدعيها أو يقوم الإبن بادعاء أمومة امرأة معينة أو أبوة أب معينة ،كما أجاز له أن يدعي أخوة أو عمومة شخص اخر،وسمي ذلك اقرارا أو دعوى النسب في الفقه ،ويمكن أيضا إثبات النسب عن طريق البينة وهذا ما يجعل النسب يكشف بعد أن كان ناشئا .
هذا وقد تمت إظافة فقرة ثانية للمادة 40 من قانون الأسرة فهذا بموجب الأمر 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 المعدل و المتمم لقانون الأسرة وهذا التعديل يفيد أنع يمكن إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة حيث تنص المادة 40 في الفقرة 02 على أنه : "ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب " ومنه أصبح يجوز للقاضي من اللجوء للطرق العلمية لإثبات النسب أو نفيه الأمر يصلح في كلتا الحالتين .وهذا يعتبر قفزة هامة قام بها المشرع الجزائري في هذا المجال تماشيا مع التطورات العلمية خاصة تلك المتعلقة بالمجال البيولوجي ،لكن هذه القفزة وهذا الإدماج ورغم أهميته لا يخلو من العيوب و السلبيات والتعقيدات التي اثارت جدالات عدة في الوسط الفقهي القانوني.
وأيضا تثير عدة مشاكل عند التطبيق في الواقع العملي وهو الأمر الذي سنتناوله بتفصيل أكثر في المبحث المخصص لشرحها.
لكن يشترط للإقرار بالنسب أو إقامة البينة أو اللجوء للإثبات بواسطة الطرق العلمية أن تكون
المعاشرة بين الرجل و المرأة تستند إلى علاقة شرعية حيث إذا كانت المعاشرة غير شرعية وخارج إيطار عقد الزواج فإن الأقرار أو البينة والإثبات با لطرق العلمية لا قيمة له ولا يمكن إعتبارها كأدلة لإثبات النسب.
وتفصيلا لكل هذا ،نتعرض لكل من الإقرار والبينة في مبحث واحد ،ثم إلى الطرق العلمية الحديثة في مبحث مستقل ،كونه المسألة الأهم و الأمر المستجد في قانون الأسرة.

المبحث الأول : ثبوت النسب بالإقرار والبينة :
تنص المادة 40 من قانون الأسرة أنه :"يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أوبالبينة..."

المطلب الأول : ثبوت النسب بالإقرار :
الإقرار يعني الإعتراف ،فإعترف بالشيئ أي أقر به وهو إعلان الشخص صراحة أن شخصا معينا إبنه أو إبنته سواء كان المقر رجلا أو امرأة وسواء كان المقر له ذكر أو أنثى.
ثبوت النسب بالإقرار تضمنته المادتان 44 و 45 من قانون الأسرة الجزائري فقد نصت الأولى على أن : "يثبت النسب بالإقرار بالبنوة أو الأمومة ،لمجهول النسب ولو في مرض الموت متى صدقه العقل أو العادة."
ونصت الثانية على أن :" الإقرار بالنسب في غير البنوة و الأبوة ،والأمومة لا يسري على غير المقر إلا بتصديقه "
و من تحليل هذين النصين نستخلص أنه يوجد نوعين من الإقرار وهما :
- الإقرار بالبنوة أو الابوة أو الأمومة.
- الإقرار في غير البنوة والأبوة والأمومة.
نتناولها في الفرع الأول :

الفرع الأول : أنواع الإقرار :
أولا : الإقرار بالبنوة أو الأمومة أو الأبوة :
و هو ما يعرف عند الفقهاء بالإقرار بنسب محمول على المقر نفسه ، هذا النوع من الإقرار يثبت به النسب متى توفر شرطين مهمين طبقا للمادة 44 المذكورة أعلاه :
-أ- أن يكون المقر له بالبنوة مجهول النسب من جهة الأب إذا كان الذي يدعيه رجلا ومن جهة الأم إذا كانت التي تقر به امرأة ، لأنه إذا كان المقر له معلوم النسب إلى أب معين لم يصح الإقرار ويصبح تبني،وتنطبق عليه أحكام المادة 46 من هذا القانون.
ويعتبر إبن الملاعن في حكم معلوم النسب فلا يجوز ادعاؤه أو الإقرار ببنوته لإحتمال تكذيب الملاعن نفسه أما الإقرار بالأبوة و الأمومة أن يكون المقر مجهول النسب من جهة الأب إن كان
يقر بالأبوة ومن جهة الام إن كانت تقر بالأمومة (1).
-ب- أن يصدقه العقل و العادة وهو ما يعرف عند الفقهاء أن يولد مثل المقر له بالنسب من مثل المقر ،يعني أن يكون من الممكن أن يولد مثل هذا الولد للمقر،فإذا لم يكن بينهما فارق في السن يسمح بأن يلد المقر مثل المقر له، بطل هذا الإقرار لإستحالة هذه الولادة ،فلا يثبت نسب(2).
مثلا : لا يعقل أن يكون سن المقر بالأبوة عشرين سنة بينما المقر له بالبنوة في العشر سنوات.
بالإضافة إلى الشروط التالية :
-ج- أن لا يصرح المقر أثناء إقراره بأن إبنه من زنا ،كون الزنا جريمة لا تصلح للنسب.
وبهذا جاء قرار المحكمة العليا :"إن العلاقة التي كانت تربط بين الطرفين علاقة غير شرعية إذ كلاهما اعترف ،بأنه كان يعاشرها حبه جنسيا فإن قضاة الإستئناف بإعطائهم إشهادا للمستأنف على إعترافه بالزواج وتصحيحه وإلحاق الولد بأبيه (...) خرقو بذلك أحكام الشريعة الإسلامية."(3)
-د- لا حاجة لتصديق المقر له بالبنوة سواء كان مميزا أو غير مميز لعدم إشتراط القانون ذلك وهذا ما نصت عليه المادة 45 من قانون الأسرة على أن الإقرار بالنسب في غير البنوة والأبوة والأمومة لا يسري على غير المقر إلا بتصديقه ،فيكون قد إستثنى الإقرار بالبنوة من التصديق (4).
أما فيما يخص الإقرار بالبنوة والأمومة أن يصدق الرجل الذي أقر له الأبوة أو المرأة التي أقر لها بالأمومة وهو شرط لا يمكن تخلفه لإمكان التصديق من المقر له.
المشرع الجزائري في عدم إشتراطه هذا الشرط ،يكون قد اقتضى بما عليه فقهاء المذهب المالكي فهم لا يأخذون بهذا الشرط إذ يعتبرون أن النسب حق للولد على الأب ،فيثبت بإقرار الولد دون أن يتوقف ذلك على تصديق من الولد ،ما لم يثبت كذبه و أخيرا الإثبات بالبنوة أو الأبوة أو الأمومة ،فإنها متى حصلت وفقا للشرطين السابقين قامت العلاقة النسبية بين الشخصين وتترتب عليها الاثار القانونية من توارث و نفقة ....إلخ.
---------
(1) د/ سعد فضيل ،المرجع السابق ،ص 219-220.
(2) أحمد محمود الشافعي ،المرجع السابق،ص 155.
(3) أحمد عمراني ،أحكام النسب بين الإنجاب الطبيعي و التلقيح الإصطناعي رسالة ماجيستسر في القانون الخاص سنة 2000 ص 57.
(4) د/ فضيل سعد ، المرجع السابق ،نفس الصفحة.

ثانيا- الإقرار في غير البنوة أو الأبوة أو الأمومة :
وهو ما يعرف عند الفقهاء بالإقرار نسب المحمول على الغير ،هذا النوع من الإقرار يتم بين شخصين كلاهما ليس أهلا للاخر ولا فرع له وإنماقريبه قرابة الحواشي ،أي لهما أصل مشترك هو أبوهما ، إن كان الإقرار بالأخوة ،وجد المقر و أب المقر له إن كان الإقرار بالعمومة .
لصحة هذا الإقرار فإن الشروط السالفة الذكر وهي شرطين أن يكون الشخص الاخر مجهول النسب و أن يصدقه العقل و العادة ،المشرع الجزائري أضاف شرطا ثالثا إليهما وهو أن يوافق المحمول عليه بالنسب على هذا الإقرار.
ففي حالة الأخوة إن قال هذا أخي نشأت بينه وبين ذلك الشخص قرابة أخوة ولكن نسب الشخص من أبيه لا ينشأ إلا إذا إعترف بها الأب نفسه وقال "صحيح قوله" أو "صدق".
فثبوت الإقرار بالأخوة معلق على تصديق المحمول عليه ( أي الأب ) على هذا الإقرار ،وبالتالي إن لم يصادق المحمول عليه فيبقى للمقر ،إن أصر على إقراره أن يرفع دعوى أمام القضاء يدعمها بالبينة لتثبيت النسب ،وباللجوء للخبرة بواسطة الطرق العلمية المستحدثة كطريقة من طرق إثبات النسب في المادة 40 من قانون الأسرة وهذا بموجب الأمر 05-02 المؤرخ في 25 فبراير 2005 وتسمى هنا بإثبات النسب بالدعوى.
وفي حالة العمومة إن قال هذا عمي فإن العمومة تنشأ بينه كمقر بها وبين المقر له ،ولكن لا تلزم الجد إلا إذا وافق على هذا الإدعاء ولم يكذبه ،وأن يقيم المقر البينة على إقراره ، وهذا ما نصت عليه المادة45 من قانون الأسرة "الإقرار بالنسب في غير البنوة والأبوة والأمومة ،لا يسري على غي المقر إلا بتصديقه".فاثار ثبوت النسب بالإقرار بالبنوة وبالأخوة والعمومة فيهاحالتين :
الحالة الأولى :عندما يقع التصديق من الأب أو الجد تنتج اثار قانونية من توارث ونفقة...إلخ.
الحالة الثانية :عندما لا يقع التصديق من الأب أو الجد في إقراره فالنسب من الأب عند الأخوة ومن الجد عند العمومة لا يلزم من أنكر منهما وكذبه وإنما يلزم فقط من أقر بالأخوة والعمومة ،وهو أيضا موقف الفقه الإسلامي بلا خلاف وعليه فلو مات أب المقر عن طفلين مثلا أخذ أحدهما وهو الذي لم يقر نصف التركة ويأخذ الإبن المقر ثلث التركة ويأخذ المقر بالأخوة سدس التركة وهذا رأي الإمام مالك وأحمد في حين أن الإمام الحنفي قال أنه يقاسمه نصيبه (1). وهنا الإقرار حجة قاصرة لا تتعدى اثارها المقر والمقر له ،أما المقر عليه وهو الأب أو الجد فلا تلزمه إلا بالتصديق على الإقرار .
وفي مجال إثبات النسب بواسطة الإقرار جاء عن المحكمة العليا :"من المقرر شرعا أنه يثبت
النسب بالإقرار لقول خليل في باب بيان أحكام الإقرار ،ولزم الإقرار لحمل في بطن امرأة..."
كما أن إثبات النسب يقع التسامح فيه ما أمكن لأنه من حقوق الله فيثبت حتى مع الشك وفي الأنكحة الفاسدة طبقا لقاعدة إحياء الولد.
ومتى تبين في قضية الحال- أن المطعون ضده أقر بحمل الطاعنة بشهادة جماعة أمام الموثق
بتاريخ 06/04/1997 فإن هذه الشهادة لا تعتبر صلحا بل هي توثيق لشهادة جماعة عن إقرار المطعون ضده بحمل الطاعنة ،كما أن المادتين 341 و 461 من القانون المدني لا تنطبق على قضية الحال التي هي من قضايا الحالة التي يحكمها قانون الأسرة.
كما أنه لا يمكن الجمع بين الإقرار بالحمل وبالدفع بالمادة 41 من ق.أ التي تحدد مدة الحمل ،لأن الإقرار في حالة ثبوته يغنى عن أي دليل اخر ولا يحق للمقر أن يثير أي دفع لإبطال مفعول هذا القرار" (2)

الفرع الثاني : دعاوي النسب الثابتة من الإقرار :
هي نوعان : - دعاوى ليس فيها النسب على الغير.
- دعاوى فيها تحميل النسب على الغير.
أولا- دعاوى النسب التي ليس فيها النسب على الغير :
مثالها : أن يرفع الإبن دعوى ضد الأب طالبا الحكم بثبوت نسبه منه مجردا عن طلب اخر ،هذه الدعوى مقبولة أن المدعى عليه في الدعوى حي وهو الملزم مباشرة بها.
فدعاوى النسب تقبل مجردة إذا كان كلاهما على قيد الحياة أي في حالة البنوة أو الأخوة فهي
---------
(1) د/ سعد فضيل ،المرجع السابق ،ص 221،222.
(2) المحكمة العليا غ أ ش 15/12/1998 ،رقم الملف 202430 المحلية القضائية عدد خاص 2001 ص77

تقبل مباشرة إذا رفعت من الأب لإثبات بنوة الإبن أو العكس الإبن لإثبات أبوته بأن يقر الولد
بأن فلانا أبوه لأنها تخصه شخصيا،ولكن في حالة وفاة المدعي عليه أي الأب أو الأم أو الإبن ، حسب الحالات ،فهذه الدعوى لا تقبل إلا إذا اقترنت بعقد اخر ،كون المدعي منه النسب غائب ،والدعوى على الغائب لا تقبل إلى ضمن دعوى أخر على حاضر....(1).

ثانيا- دعاوى النسب التي فيها تحميل على الغير :
مثالها :أن يرفع المدعي دعوى بطلب الميراث ،فينكر المدعى عليه صفته التي يستند عليها في الميراث ،فعلى المدعي أن يثبت دعواه و لأن يثبت نسبه من المتوفي الذي يريد حصته في تركته ، هذا كون المقصود الأصلي من الدعوى هو الحق المترتب على ثبوت النسب إذا أن الأنتساب إلى الميت ليس هو الهدف ،بل يبقى مجرد وسيلة لإثبات الحق المتنازع فيه والخصم ليس من حمل عليه النسب وإنما هو كل من له أو عليه حق في التركة كالورثة أو قد يكون الوصي أو الموصي له ،وقد يكون الدائن.
فبوفاة من يدعي الإنتساب إليه لا تسمع الدعوى،إلا إذا كانت ضمن حق اخر على شخص حاضر.(2)

الفرع الثالث : تمييز نظامي التبني واللقيط عن النسب الثابت بالإقرار
لقد أبطل الإسلام نظام التبني وأمر من تبنى أحدا ألا ينسبه إلى نفسه ،وإنما ينسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف ،فإن جهل أبوه دعي أخا في الدين ،وفي ذات الوقت فتح الإسلام للناس باب الإحسان والمعروف على مصراعيه ،فللإنسان مطلق الحرية في أن يربي وأن يعلم من يشاء من
الأطفال اليتامى ،ويدخل في اليتامى اللقطاء وأبناء الزنا، وعلى دربه سار المشرع الجزائري في في أحكامه لكن مانلاحظه أن الكثيرين لا يميزون بين كل من نظام التبني ونظام الإقرار بالنسب ،ويجعلانهما نظاما واحدا ،إلا أن الأمر خلاف ذلك تماما فالإقرار بالنسب هو إقرار نسب صحيح شاءت ظروف خاصة بالأبوين عدم تثبيته في وقته، فالإقرار عبارة عن كشف واقعة
---------
(1) د/ سعد فضيل ،المرجع السابق ،ص 221،222.
(2) المحكمة العليا غ أ ش 15/12/1998 ،رقم الملف 202430 المحلية القضائية عدد خاص 2001 ص77

شرعية صحيحة وليست إثبات واقعة جديدة ويشترط فيه أساسا :- أن يكون المقر له مجهول النسب وألا يكون من نتاج علاقة زنا ،وبالتالي فالنسب الثابت بالدعوة نسب حقيقي ،وهو يختلف عن التبني الذي يشجعه البعض لحل أزمة اللقطاء و الأولاد غير الشرعيين في البلاد.
أما التبني فهو عقد ينشئ بين شخصين علاقات صورية ومدنية محضة لأبوة أو بنوة مفترضة، وقد ورد في الايتين الكريمتين 4و5 من سورة الأحزاب قوله تعالى :"وما جعل أدعيائكم أبناءكم ذلك قولكم بأفواهكم ،والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ،أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ،فإن لم تعلموا آبائهم ،فإخوانكم في الدين ومواليكم."
وتأييدا لهذا المعنى ورد النص في المادة 46 من قانون الأسرة على أنه "يمنع التبني شرعا و قانونا".
وهذا ما جاء في قرار للمحكمة العليا الصادر في 21/11/2000 ملف رقم 246924 (1) ،حيث جاء فيه أنه "يمنع التبني شرعا وقانونا..." فمن خلال هذا القرار قرر قضاة المحكمة العليا كل ما ذكر انفا وميزوا بين التبني والنسب الصحيح سواء قد تم إثباته بالإقرار ،أو بأية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة 40 من قانون الأسرة ،فيثبت من الآيتين السالفتين الذكر والنص القانوني أنها إتفاقا على أن التبني الذي يهدف إلى إدعاء البنوة ولو معروف النسب أو مجهول النسب أمر محرم شرعا وقانونا فنجد في قرار للمحكمة العليا :
"من المقرر أنه يمنع التبني شرعا وقانونا ،ومتى تبين في قضية الحال أن المطعون ضده لم يكن إبنا شرعيا للمتبني ، فإن للمدعية الحق في إخراجه من الميراث لأن التبني ممنوع شرعا وقانونا...."(2)
ومنه لا يجوز لأي مسلم جزائري أن ينسب فلانا إليه ويسجله تحت لقبه وإسمه في سجلات الحالة المدنية، لا مباشرة أمام ضابط الحالة المدنية ،ولا بموجب حكم قضائي ،وكل تصرف مخالف لذلك يمكن أن يعرض فاعله إلى إتهامه بالتزوير ومعاقبته بمقتضى قانون العقوبات.(3) ،ومن هنا أصبح التبني لا يثبت به نسب من المتبني ولا يترتب عليه أي حق من الحقوق الثابتة بين الآباء والأبناء.
---------
(1) مجلة قضائية، العدد الثاني سنة 2001 - ص 297
(2). المحكمة العليا غ أ ش قرار في 28/06/94 ملف رقم 129761 المجلة القضائية عدد خاص 2001 ص 155.
(3) د/عبد العزيز سعد ،المرجع السابق ،ص220

لكن المشرع الجزائري منع نظام التبني ،إلا أنه أقر نظام الكفالة والذي نص عليه في قانون الأسرة من المادة 116 إلى المادة 125، والكفالة إلتزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقة وتربية و رعاية قيام الأب بإبنه وتتم بعقد شرعي (المادة116 ).
نصت المادة 119 : "الولد المكفول إما أن يكون مجهول النسب أو معلوم النسب " أما المادة 120 :"يجب أن يحتفظ الولد المكفول بنسبه الأصلي إن كان معلوم النسب ،و إن كان مجهول النسب تطبق عليه المادة 64 من قانون الحالة المدنية." (1)
وبالرغم من هذه النصوص التشريعية الصريحة في منع التبني ، فإن المرسوم التنفيذي رقم 92-24 الصادر في 13 جانفي 1992 والمتعلق بتغيير اللقب ،يجيز التبني بطريقة غير مباشرة حيث أنه يمكن قانونا للشخص الذي كفل في إيطار كفالة ولدا قاصرا مجهول النسب أن يتقدم بطلب بتغيير اللقب بإسم الولد ولفائدته ،وذلك قصد مطابقة لقب الولد المكفول بلقب الوصي (2) وبهذا يكون قد أجاز الشيء الممنوع قانونا و المحرم شرعا ??
كما تضيف المادة 121 معلى أنه تحول الكفالة الكافل الولاية القانونية وجميع المنح العائلية والدراسية التي يتمتع بها الولد الأصلي ، كما أنه يجوز للكافل أن يتبرع للمكفول بماله في حدود الثلث وإن أوصى أو تبرع بأكثر من ذلك بطل ما زاد عن الثلث إلا إذا أجازه الورثة (المادة 123).
- أما عن اللقيط :
هو المنبود ، سواء كان مازال رضيعا أن تجاوز هذه الفترة إلا أنه لا يستطيع الإستقلال بنفسه ،
المشرع الجزائري لم ينظم هذه الحالة –اللقيط- في أية مادة من مواد القانون ، ولكنه منع التبني ليدخل تحت حكم التبني إلتقاط اللقيط طالما أن إدعاء نسبه غير متوفر لمن يريد ذلك (3).
والنظام المتبع في الجزائر هو أنه من وجد لقيطا يسلمه إلى رجال الشرطة الذين بدورهم يسلمونه إلى إحدى دور الرعاية الإجتماعية المعدة لإستقبال اللقطاء.
---------
(1) المادة 64 من قانون الحالة المدنية ،الصادر بأمر رقم 70-20 تنص على أنه :"يعطي ضابط الحالة المدنية نفسه الأسماء إلى الأطفال اللقطاء و الأطفال المولودين من أبوين مجهولين و الذين لم ينسب لهم المصرح أية أسماء بعين الطفل بمجموعة من الأسماء تأخذ اخرها كلقب عائلي"
(2) د/ بلحاج العربي ،المجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ،الزواج والطلاق ،ص 203
(3) د/ سعد فضيل ،المرجع السابق ،ص 277

جاء في نص المادة 67/1 من قانون الحالة المدنية "يتعين على كل شخص وجد مولودا حديثا أن يصرح به إلى ضابط الحالة المدنية التابع لمكان العثور عليه " أما المادة442/3 من قانون العقوبات الجزائري يعاقب بالحبس من عشرة أيام إلى شهرين و بغرامة من 100 إلى 1000 دج أو بإحداهما على عدم الإبلاغ عن طفل حديث الولادة لم يجده ولا يسلمه لضابط الحالة المدنية.
كما وتنص المادة 07 من قانون الجنسية أن يعتبر من الجنسية بالولادة في الجزائر : - الولد المولود في الجزائرمن أبوين مجهولين ويلاحظ أخيرا أن التبني و الإلتقاط لا أثر لهما على الإطلاق في إثبات النسب وما يترتب عليه من اثار قانونية ،كالتوريث و التحريم إلا أنه يمكن حل قضية تبني و الإلتقاط بالإقرار و بالبنوة أو البينة والتي ستكون موضوع مطلبنا الموالي.

المطلب الثاني:ثبوت النسب بالبينة :
البينة مأخوذة من البيان و الوضوح، و استبان الصبح وضح، و هو على بينة من أمره أي على وضوح و عدم خفاء، و كأن صاحب الحق إذا قدم بينة يثبت بها حقها إنما يزيل ما كان حوله من لبس و خفاء ليتضح أمام الجميع.
و لقد جاء في نص المادة 40 من قانون الأسرة على أنه:" يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالأقرار أو بالبينة ...." فالمراد بالبينة هي الدلائل و الحجج التي تؤكد وجود واقعة مادية وجودا حقيقيا بواسطة السمع أو البصر أو غيرهما من وسائل الاثبات الواردة في قوانين الإجراءات(1). و لكلمة البينة معنيان(2) :
- معنى عام : وهو الدليل أيا كان نوعه ، كتابة، قرائن،اعتراف، شهود.
- معنى خاص: و هو شهادة الشهود دون غيرها .
لذلك علينا أن نوضح أولا مفهوم البينة الوارد في نص المادة 40 من قانون الأسرة نظرا للتساؤلات التي طرحها هذا الممصطلح عند العمل به قضائيا .

الفرع الأول : تحديد مدلول البينة الوارد في نص المادة 40 من قانون الأسرة :
إن المشرع الجزائري في المادة 40 من قانون الأسرة استعمل في النص العربي مصطلح "البينة" وفي النص الفرنسي مصطلح :
" فهذا المصطلح بشموله يفهم منه أن مقصود البينة هو المعنى العام (3)PREUVE "
لكن المقصود من البينة في مجال اثبات النسب هو الشهادة دون غيرها من الأدلة و دليلنا في
ذالك هما مسألتين اثنتين :
---------
(1) د/بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون الأسرة ،الزواج و الطلاق ،ص199.
(2) أحمد عمراني ،أحكام النسب بين الإنجاب الطبيعي والتلقيح الاصطناعي ،رسالة ماجستير في القانون الخاص ،سنة 2000 ،ص63.
(3) مجلة المحاماة ،التعليق على قرار المحكمة العليا الصادر في 15/06/99. من إعداد :د/لحلو غنيمة،ص51.

أولا : ما هو معمول به قضائيا : حيث نجد قرار المحكمة العليا الصادر في 15/ 06/ 1999، أين أثارت فيه المحكمة العليا تلقائيا الوجه المأخوذ من تجاوز السلطة و الذي جاء فيه فالقرار المنتقذ القاضي بتاييد الحكم المستأنف القاضي بتعيين خبير طبي قصد تحليل الدم للوصول الى تحديد نسب الولدين بأن ينسبا للطاعن أم لا
وحيث أن اثبات النسب قد حددته المادة40 و ما بعدها من قانون الأسرة الذي جعل له قواعد اثبات مسطرة و ضوابط محددة تفي بكل الحالات التي يمكن أن تحدث و لم يكن من بين هذه القواعد تحليل الدم الذي ذهب اليه قضاة الموضوع قد دل ذالك على أنهم تجاوزوا سلطتهم الحاكمية الى التشريعية الذي يتعين معه نقض القرار المطعون فيه و احالته لنفس المجلس (1).
فالمحكمة العليا في هذا القرار رفضت فحص الدم من طرف خبير طبي و اعتماده كدليل مثبت للنسب مؤسسة قولها هذا على أن اثبات النسب حددت له المادة40 من قانون الأسرة قواعد اثبات مسطرة و ضوابط محددة و بالتالي فلو كان المقصود بالبينة المعنى العام لما تم رفض في هذا القرار استعمال البينة العلمية لاثبات النسب .
ثانيا: الأمر 05- 02 المؤرخ في 27 فبراير2005 المعدل و المتمم لقانون الأسرة الذي استحدث الطرق العلمية كوسيلة من وسائل اثبات النسب بصورة تنزع أي اشكال في تأويل معنى البينة الوارد في نص المادة 40 .
و بالتالي نتطرق الى البينة في معناها الوارد في نص المادة و هي شهادة الشهود.
---------
(1) قرار صادر في 15/06/1999 ملف رقم 222674 ، الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية-عدد خاص-ص 88.

الفرع الثاني : البينة الشرعية لأثبات النسب ( شهادة الشهود) :
ان النصاب القانوني للشهادة يكون عن طريق رجلين عدلين أو رجل وا مرأتين (1).
البينة هي أقوى من الأقرار من حيث ثبوت النسب لذلك لو كان هناك ولد نبذه أهله ولم يعرف له أب فأخذه رجل وأقر بنسبه ثبت النسب بناء على ما يدعيه كان أدق نسبه من الأول ،لأن النسب وإن كان قد ثبت بالإقرار فهو غير مؤكد يحتمل البطلان بالبينة لأنها أقوى منه (2).
وتمتاز البينة عن الإقرار بأنها حجة متعدية لا يقتصر الحكم الثابت بها على المدعي عليه وحده ،بل قد تثبت في حقه وحق غيره ،أما الإقرار وهو حجة قاصرة على المقر لا تتعداه إلى غيره.
وعليه إذا ادعى إنسان على الآخر بنوة أو أبوة أو أخوة أو عمومة أو أي نوع من القرابة ،وأنكر المدعي عليه دعواه فللمدعي أن يثبت دعواه بالبينة ،وحينئذ يثبت النسب ملزما لكل من الطرفين بما عليه من حقوق للطرف الآخر.
قد تكون دعوى البنوة أو الأبوة في حياة المدعي عليه دعواه فتسمع مجردة ،ويرد الإثبات فيها على .
النسب قصدا ،وإذا كان المدعي عليه ميتا وجب سماع الدعوى مصحوبة بحق آخر كالميراث أو الدين أو النفقة ،لأن الدعوى على الميت هي دعوى على غائب فلا تسمع (3). (المادة 85 من قانون الإجراءات المدنية) ،إذن الدعوى لا تسمع مجردة على أن تكون في ضمن حق أخر ،بل لا بد أن تدعي حقا وتأتي الدعوى في ضمنه ،كالمطالبة بحق في الميراث ،سواء كان المقر عليه حيا أو ميتا ،فيجب على المدعي أن يعيد إلى الحق الذي يقصده من أول الأمر ،تجيء دعوى النسب ضمنا.
كما أنه إذا ادعت امرأة أنها حملت من زوجها وولدت في غيابه أو في حضوره وأنكر الزوج واقعة الولادة في ذاتها أو اعترف بالولادة كواقعة مادية وأنكر أن يكون الولد الذي بين يديها هو نفسه الذي ولدته ،فإنه بالإمكان شرعا وقانونا إثبات واقعة الولادة عن طريق شهادة النساء اللاتي حضرن عملية الولادة،أو طبيب أو ممرضات إذا وضعت حملها في المستشفى.
- وهنا محل الخلاف فهل شهادة النساء تكفي لإثبات النسب فيما لا يطلع عليه الرجال عادة كالولادة?
---------
(1) د/ سعدة فضيل المرجع السابق ، ص222
(2) د/ أحمد محمود الشافعي ،المرجع السابق ، ص 157-158.
(3) د/ بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون الأسرة ،الزواج و الطلاق، ص 199.

وفي هذا الخصوص (1) : فإن الله تعالى لما ذكر الشهادة في الحقوق قال:
"رجل و إمارتان" وكذلك "ممن ترضون من الشهداء" (الآية 282 سورة البقرة)،فجمع في هذه الآية رد شهادة غير العدول وشهادة النساء وإن كثرت.
وقال الرسول (ص) في حديث :"وشهادة امرأتين بعدل شهادة رجل" وقوله (ص) أيضا :"شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه" .
يرى علماء المالكية أن البينة تكون شهادة امرأتين ،غير أن الأحناف يشترطون في إثبات النسب بالبينة شهادة رجلين عدلين أو رجل و امرأتين .
وبالنظر إلى اتساع المجتمعات أصبح القاضي لا يعرف أشخاص الشهود ولا يعلم شيئا عن مقدار اتصافهم بالصدق والأمانة لذا فقد اشترطت القوانين شروط يجب توفرها لقبول الشهادة (2).
كما أحاط المشرع الجزائري البينة بكثير من الضمانات ومنها فرض عقوبات مشددة لجريمة شهادة الزور(3).
وما يمكن ملاحظته هو أن إثبات النسب بالبينة لا يمكن تصوره إلا بناءا على زواج صحيح أو فاسد ،فلا يمكن إثبات نسب ولد نتج عن علاقة غير شرعية ولا قانونية بأية بينة باستثناء نسبه إلى والدته.



















--



أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا يصــــلك كل جديــــد





بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا



توقيع : manel


التوقيع
ــــــــــــــــ


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]



الكلمات الدليلية (Tags)
إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة, إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة, إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة,

الإشارات المرجعية

التعليق على الموضوع بواسطة الفيس بوك

الــرد الســـريـع
..
آلردودآلسريعة :





إثبات النسب و تأثير التعديل الجديد بالطرق العلمية الحديثة Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

اختر منتداك من هنا



المواضيع المتشابهه

https://ouargla30.ahlamontada.com/ منتديات ورقلة لكل الجزائريين والعرب